الاربعاء 28 ذو الحجة 1445 هـ
03 يوليو 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-59، كتاب الوضوء، الحديث 233و234   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-58، كتاب الوضوء، الحديث 224و225و226و227و228و229و230و231و232   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-57، كتاب الوضوء، الحديث 220و221و222و223   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-57، كتاب الوضوء، الحديث 220و221و222و223   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-56، كتاب الوضوء، الحديث 214و215و216و217و218و219   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 15-23   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 11-14   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس [7-10]   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس [5-6]   تفسير القرآن: ‌‌[سورة يونس: 1-4]      

تفسير سورة النساء 58-59

تفسير سورة النساء 58-59

{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)}

{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ} يا معشر ولاة أمور المسلمين {أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ} التي ائتمنكم عليها من حقوق المسلمين كالغنائم وأموال الفيء والصدقات {إِلَى أَهْلِهَا} يأمركم أن تعطوها لمستحقيها، لا تظلموها أهلها، ولا تستأثروا بشيء منها فتأخذوه لأنفسكم وهو ليس حقاً لكم، ولا تضعوا شيئا منها في غير موضعه، ولا تأخذوها إلا ممن أذن الله لكم بأخذها منه.

ولفظ الآية عام يشمل ما ذكرنا وغيره، قال ابن كثير: وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات والزكوات والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه ولا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله عز وجل بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة. انتهى

{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} أي: بالقسط والإنصاف وذلك حكم الله الذي أنزله في كتابه وبينه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا تتجاوزوا ذلك فتجوروا عليهم {إِنَّ اللهَ نِعِمَّا} أي نعم الشيء الذي {يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا} إن الله لم يزل سميعا بما تقولون وتنطقون {بَصِيرًا} بما تفعلون فيما ائتمنتكم عليه من حقوق رعيتكم وأموالهم، وما تقضون به بينهم من أحكامكم، وغير ذلك من أقوالكم وأفعالكم، لا يخفى عليه شيء من ذلك، حافظ ذلك كله، حتى يجازي محسنكم بإحسانه، ومسيئكم بإساءته، أو يعفو بفضله.

{أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ} ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} هو أمر من الله بطاعة رسوله في حياته فيما أمر ونهى، وبعد وفاته في اتباع سنته؛ فإن في طاعتكم لرسوله طاعة لربكم، وذلك لأنكم تطيعونه لأمر الله إياكم بطاعته، فطاعته طاعة لله؛ كما في الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي».

{وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ورد في سبب نزول هذه الآية حديثان: الأول: قَالَ ابن عباس: «نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ». أخرجه البخاري وهذا يدل على أن المقصود بأولي الأمر الأمراء.

والثاني لما انتشر بين الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، جاءه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسأله، فقال عمر: فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ. هذا الحديث في الصحيحين، ولكن نزول هذه الآية في هذا من أفراد مسلم. وهذا السبب يدل على أن المقصود بأولي الأمر العلماء.

فاختلف العلماء في (أولي الأمر) فروي عن ابن عباس وجابر رضي الله عنهم أنهما قالا: هم الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس معالم دينهم، وهو قول الحسن والضحاك ومجاهد، وصح عن أبي هريرة أنه قال: هم الأمراء.

ورجح ابن جرير الطبري أنها عامة في العلماء والأمراء، فقال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الأمراء والولاة؛ لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة وللمسلمين مصلحة. انتهى ثم ذكر الأحاديث التي تدل على ما قال، وهذا هو الصحيح فلا مانع من كون الحادثتين سبباً لنزول الآية على صحة رواية مسلم، وعلى كل العبرة بعموم اللفظ، والآية التي ذكرها عمر تدل على صحة تسمية العلماء ولاة أمر. والله أعلم {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} أي: اختلفتم {فِي شَيْءٍ} من أمر دينكم، والتنازع: اختلاف الآراء وأصله من النزع فكأن المتنازعان يتجاذبان ويتمانعان {فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} أي: إلى كتاب الله وإلى رسوله ما دام حيا وبعد وفاته إلى سنته، والرد إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما، فإن لم يوجد فسبيله الاجتهاد، ومعنى الاجتهاد محاولة الوصول إلى الحكم الذي يرضي الله باستنباطه من الكتاب والسنة {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يعني: بالمعاد الذي فيه الثواب والعقاب؛ فإنكم إن فعلتم ما أمرتم به من ذلك فلكم من الله الثواب الجزيل، وإن لم تفعلوا ذلك فلكم العذاب الأليم {ذَلِكَ} أي: الرد إلى الله والرسول {خَيْرٌ} لكم عند الله في آخرتكم، وأصلح لكم في دنياكم؛ لأن ذلك يدعوكم إلى الألفة والاجتماع، وترك التنازع والفرقة التي تسبب الضعف والفشل {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} أي: أحسن مآلا وعاقبة.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 12 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 124
عدد التحميلات 11
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق