الاربعاء 28 ذو الحجة 1445 هـ
03 يوليو 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-59، كتاب الوضوء، الحديث 233و234   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-58، كتاب الوضوء، الحديث 224و225و226و227و228و229و230و231و232   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-57، كتاب الوضوء، الحديث 220و221و222و223   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-57، كتاب الوضوء، الحديث 220و221و222و223   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-56، كتاب الوضوء، الحديث 214و215و216و217و218و219   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 15-23   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 11-14   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس [7-10]   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس [5-6]   تفسير القرآن: ‌‌[سورة يونس: 1-4]      

تفسير سورة المائدة 27-31

سورة المائدة 27-31

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)}

قال ابن كثير: يقول تعالى مبيناً وخيم عاقبة البغي والحسد والظلم، في خبر ابنيّ آدم لصلبه في قول الجمهور، وهما قابيل وهابيل كيف عدا أحدهما على الآخر فقتله، بغياً عليه وحسداً له، فيما وهبه الله من النعمة، وتقبل القربان الذي أخلص فيه لله عز وجل، ففاز المقتول بوضع الآثام والدخول إلى الجنة، وخاب القاتل ورجع بالصفقة الخاسرة في الدارين. انتهى

قال تعالى: {وَاتْلُ} واقرأ يا محمد {عَلَيْهِمْ} على هؤلاء البغاة الحسدة إخوان الخنازير والقردة من اليهود وأمثالهم وأشباههم {نَبَأَ} خبر {ابْنَيْ آدَمَ} لصلبه {بِالْحَقِّ} أي بالصدق، والأمر الذي لا لبس فيه ولا كذب، ولا وهم ولا تبديل، ولا زيادة ولا نقصان.

ولا يصح في تسميتهما هابيل وقابيل شيء، فالله أعلم باسميهما {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} لله تبارك وتعالى، القربان: ما يُتقرب به إلى الله تعالى؛ كالصلاة والصيام والذبح والصدقة. والله أعلم بنوع هذا القربان، لا يصح فيه شيء {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ} الذي لم يُتقبل منه للذي تُقبل منه {لَأَقْتُلَنَّكَ} حسداً منه لأخيه وبغياً {قَالَ} الذي تُقبل منه {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} الذين يخافونه بأداء ما كلفهم من فرائضه، واجتناب ما نهاهم عنه من معصيته.

{لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)}

{لَئِنْ بَسَطْتَ} أي: مددت {إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} أي امتنع عن قتل أخيه؛ لأنه يخاف الله فيه، فقتل النفس ظلماً محرم.

قال أهل العلم: يعني إن بدأتني بالقتل لم أبدأ بقتلك، ولم يعنِ أني لا أمنعك عني، ولن أدفعك عن قتلي، فمنع الإنسان القاتل عن نفسه بقدر وسعه واجب.

وقيل: من أراد مسلم قتله ظلماً؛ فله أن يدفع عن نفسه وله أن يستسلم. وتحرير هذه المسألة في موضع آخر.

{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)}

{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ} ترجع {بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أي: بإثم قتلي إلى إثمك، أي: إثم معاصيك التي عملت من قبل، هذا قول أكثر المفسرين {فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} فتكون بقتلك إياي من سكان الجحيم، ووقود النار {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} فخوفه بالنار؛ فلم ينته ولم ينزجر. قال أهل العلم: دل هذا على أن القتل -أي ظلماً- من كبائر الذنوب، وأنه موجب لدخول النار.

{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)}

{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ} أي نفس الذي يريد قتل أخيه: فحسنت وسولت له نفسه وشجعته على {قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ} فصار بقتل أخيه {مِنَ الْخَاسِرِينَ} أي في الدنيا والآخرة. وقد سن هذه السنة لكل قاتل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» أخرجه مسلم.

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ» متفق عليه. فهذه خسارة عظيمة نسأل الله السلامة.

{فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)}

لما قتل أخاه لم يعرف ماذا يفعل بأخيه الميت {فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} أي يحفر في الأرض، فيثير ترابها { لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي} يستر {سَوْأَةَ أَخِيهِ} أي: جيفته، فلما رأى القاتل ذلك {قَالَ يَا وَيْلَتَا} كلمة تقال عند الندم والتحسر{أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} قيل: على حمله على عاتقه لا على قتله، وقيل: على فراق أخيه، وقيل: ندم لقلة النفع بقتله فإنه أسخط والديه، وما انتفع بقتله شيئاً، ولم يكن ندمه على القتل وركوب الذنب.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاحد 3 ذو الحجة 1442
عدد المشاهدات 556
عدد التحميلات 5
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق