السبت 21 جمادة الاخرة 1446 هـ
21 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-78 آخر كتاب التيمم، الحديث 345و346و347و348      

رسالة إلى منتحر

رسالة إلى منتحر!!
تحريم الانتحار في سنة النبي المختار
الحمد لله مالك الملك والثقلين ، وخالق العباد ورازقهم وباعثهم يوم الدين ، ومرسل الرسل مبشرين ومنذرين ، وصل اللهم وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين ؛ سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ؛ أما بعد ؛
فمن المقرر المعلوم في فطر جميع الناس وعلى ألسنة المسلمين بل وكثير من غير المسلمين أن الله سبحانه هو خالقنا ورازقنا ومالكنا ، وهو القائل جل في علاه { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } .
فإذا كنا نؤمن بهذه العقيدة والحقيقة فسنعلم ولابد أنه لا حق لنا في التصرف في أنفسنا إلا بعد إذن مالكها .
والذي يريده منا مالكها أخبرنا به في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأمرنا باتباعه وعدم مخالفته وحذرنا أشد التحذير من الخروج عنه فقال تعالى { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } والآيات والأحاديث بما ذكرنا كثيرة معلومة لا نطيل بذكرها .
ثم بعد هاتين المقدمتين نبين لك يا مَن تؤمن بالله واليوم الآخر حكم المنتحر في شريعة الله كي تكون الأدلة التي نسوقها رادعة لك مثنية لعزيمتك عن ارتكاب ما يفسد عليك دنياك وآخرتك .
قال الله تعالى { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}
وقال : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)}
فهذا نهي صريح ووعيد شديد لمن كان له قلب ويعي ما يقال .
وقال صلى الله عليه وسلم : " كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ " . متفق عليه
الجزع : ضد الصبر ، أي لم يصبر على الألم ، فهو الواجب في حقه .
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» متفق عليه .

يتوجأ بها في بطنه : أي يطعن بها بطنه .
وقال صلى الله عليه وسلم فيمن قتل نفسه : " إنه من أهل النار " متفق عليه .
وقال صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة " . متفق عليه .
وبعد هذا فكل هذه النصوص كافية لردع كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر عن هذه الكبيرة الشنيعة ، وليس عذرا للإنسان أن تضيق به الدنيا بسبب قلة ذات اليد فيقدم على عمل كهذا .
لأن الفقر بلاء يبتلي الله به عباده ليمتحن صبرهم ، وأوجب الله في مثل هذه الحالة الصبر إلى أن يفرج سبحانه، وخذ بالأسباب التي توسع عليك ؛ منها كثرة الطاعة ، والاستغفار ، والتوبة الصادقة ؛ مع البعد عن المعاصي والذنوب - فإنها من الأسباب الأساسية لما نجده من بلاء - وكثرة التضرع إلى الله ؛ فالله يستحيي من العبد أن يمد له يديه يدعوه فيردهما صفرا إذا كان العبد طائعا .
قال الله تبارك وتعالى { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .
وقال { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» متفق عليه .
وقال " لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي " متفق عليه .
وقال : «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» أخرجه مسلم .
ثم اعلم أن الرزق بيد الله يوسعه على من يشاء ويضيقه على من يشاء على حسب حكمته وعلمه سبحانه فمن الناس من لا يصلحه إلا الفقر .
وقد تكفل الله بالرزق فقال : { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) }.
وقال { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}
من إملاق : من فقر تخافونه .
فما عليك بعد ذلك إلا الأخذ بالأسباب التي شرعها الله والتوكل عليه فنعم المولى ونعم الوكيل ونعم النصير . والله أعلم





التعليقات عدد التعليقات (3)

اضافة تعليق
  • ابو اسلام
    الاردن | 2012-01-20 13:44:15
    اصبحو يقولون عن الذين يقتلون انفسهم شهداء !!!!! اي شهادة هذه في سبيل الشيطان والاعتراض على الله عز وجل والله المستعان
  • محمود الشيخ
    الأردن | 2012-01-19 16:24:47
    جزاك الله خيراً يا شيخنا الغالي. . . وهذا الانتحار يدل على أن صاحبه عنده خلل شديد في التوحيد، فكما أشرت سابقاً نفسه ليست ملكه بل لخالقها الملك، وكذكلك ليس عنده أدنى توكل على الله تعالى، ومن ثم يأتوننا المنظّرون ويقولون: أنتم أيها السلفيون لا تتكلمون إلا بالتوحيد وكأن الناس مشركون ولا حول ولا قوة إلا بالله
  • أبو عمر
    الجزائر | 2012-01-19 14:59:11
    جعل الله ما كتبت في موازين حسناتك
قائمة الخيارات
1 [0 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الخميس 26 صفر 1433
عدد المشاهدات 4840
عدد التحميلات 119
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق