السؤال
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية بتعليق العلامة ابن عثيمين رحمه الله ص51: ( وهكذا أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه، ما زال يستعمل خالدا في حرب أهل الردة، وفي فتوح العراق والشام، وبدت منه هفوات كان له فيها تأويل، وقد ذكر له عنه أنه كان له فيها هوى، فلم يعزله من أجلها، بل عاتبه عليها لرجحان المصلحة على المفسدة في بقائه، وأن غيره لم يكن يقوم مقامه، لأن المتولي الكبير إذا كان خُلقه يميل إلى اللين فينبغي أن يكون خٌلق نائبه يميل إلى الشدة، وإذا كان خُلقه يميل إلى الشدة، فينبغي أن يكون خُلق نائبه يميل إلى اللين ليعتدل الأمر). اهـ. وقد روي أيضا أن سبب عزل عمر لخالد رضي الله عنهما هو خوف افتتان الناس بخالد الذي ما دخل معركة وانهزم فيها. فما صحة هذه الروايات شيخنا الحبيب في سبب عزل عمر لخالد وهل يوجد دليل صحيح لقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وبدت منه هفوات كان له فيها تأويل، وقد ذكر له عنه أنه كان له فيها هوى، فلم يعزله من أجلها، بل عاتبه عليها...)، وجزاكم الله خيرا؟
الاجابة
وردت عدة روايات في بيان سبب عزل عمر لخالد بن الوليد عن قيادة الجيش مع ما له من فتوحات وانتصارات عظيمة، وخلاصة القول: لا يصح في ذلك شيء سوى أنه عزله بسبب الاختلاف بينهما في إنفاق الأموال، وقد بين عمر رضي الله عنه أنه كان مخطئاً في ظنه في خالد رضي الله عنه. والله أعلم
ولا يجوز أن يظن بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جعل الله على يديه من الفتح والخير للإسلام والمسلمين ما جعل، حتى أثنى عليه نبينا صلى الله عليه وسلم وكان أحد قادة الجيش في زمنه صلى الله عليه وسلم، فمثل هذا القائد العظيم لا يجوز أن يظن به ظن السوء لمجرد اجتهاد اجتهده في مسألة من مسائل الاجتهاد سواء أصاب فيه أم أخطأ.
ولا يحمل ما فعله باجتهاد منه على الهوى بل على ابتغاء الحق؛ لأنه صاحب فضل ثبت ذلك بالنص فلا يعدل عنه بالظنون الكاذبة المبنية على أكاذيب أو أوهام. والله أعلم
التفصيل:
1- من الأسباب المذكورة: قتله لمالك بن نويرة، وما فعله في خلافة أبي بكر ومشورة عمر على أبي بكر بعزله لذلك.
قال ابن كثير في البداية والنهاية:
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَرِّضُ الصِّدِّيقَ وَيَذْمُرُهُ عَلَى عَزْلِ خَالِدٍ عَنِ الْإِمْرَةِ وَيَقُولُ: إِنَّ فِي سَيْفِهِ لَرَهَقًا، قَتَلَ مَالِكًا وَنَزَى عَلَى امْرَأَتِهِ. حَتَّى بَعَثَ الصِّدِّيقُ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ وَقَدْ لَبِسَ عَلَيْهِ دِرْعَهُ الَّتِي مِنْ حَدِيدٍ، قَدْ صَدِئَ مِنْ كَثْرَةِ الدِّمَاءِ، وَغَرَزَ فِي عِمَامَتِهِ النُّشَّابَ الْمُضَمَّخَ بِالدِّمَاءِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَانْتَزَعَ الْأَسْهُمَ مِنْ عِمَامَةَ خَالِدٍ فَحَطَّمَهَا، وَقَالَ: أَرِيَاءً قَتَلْتَ امْرَأً مُسْلِمًا ثُمَّ نَزَوْتَ عَلَى امْرَأَتِهِ؟ ! وَاللَّهِ لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ. وَخَالِدٌ لَا يُكَلِّمُهُ، وَلَا يَظُنُّ إِلَّا أَنَّ رَأْيَ الصِّدِّيقِ فِيهِ كَرَأْيِ عُمَرَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَعَذَرَهُ وَتَجَاوَزَ عَنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ، وَوَدَى مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَعُمَرُ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ خَالِدٌ: هَلُمَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ أُمِّ شَمْلَةَ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَعَرَفَ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ. وَاسْتَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ بِخَالِدٍ عَلَى الْإِمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اجْتَهَدَ فِي قَتْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وَأَخْطَأَ فِي قَتْلِهِ، كَمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَقَتَلَ أُولَئِكَ الْأُسَارَى الَّذِينَ قَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا. وَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا. فَوَدَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَدَّ إِلَيْهِمْ مِيلَغَةَ الْكَلْبِ، وَرَفْعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» . وَمَعَ هَذَا لَمْ يَعْزِلْ خَالِدًا عَنِ الْإِمْرَةِ.
وقال: وَذَكَرَ سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا عَزَلَ خَالِدًا لِكَلَامٍ بَلَغَهُ عَنْهُ، وَلِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، وَمَا كَانَ يَعْتَمِدُهُ فِي حَرْبِهِ، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ كَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ عَزَلَ خَالِدًا، وَقَالَ: لَا يَلِي لِي عَمَلًا أَبَدًا. وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: إِنْ أَكْذَبَ خَالِدٌ نَفْسَهُ فَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُكْذِبْ نَفْسَهُ فَهُوَ مَعْزُولٌ، فَانْزِعْ عِمَامَتَهُ عَنْ رَأْسِهِ وَقَاسِمْهُ مَالَهُ نِصْفَيْنِ. فَلَمَّا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَلِكَ لِخَالِدٍ قَالَ لَهُ خَالِدٌ: أَمْهِلْنِي حَتَّى أَسْتَشِيرَ أُخْتِي، فَذَهَبَ إِلَى أُخْتِهِ فَاطِمَةَ، وَكَانَتْ تَحْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَاسْتَشَارَهَا فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ عُمَرَ لَا يُحِبُّكَ أَبَدًا، وَإِنَّهُ سَيَعْزِلُكَ وَإِنْ أَكْذَبْتَ نَفْسَكَ. فَقَالَ لَهَا: صَدَقَتِ وَاللَّهِ. فَقَاسَمَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ حَتَّى أَخَذَ إِحْدَى نَعْلَيْهِ وَتَرَكَ لَهُ الْآخَرَ، وَخَالِدٌ يَقُولُ: سَمْعًا وَطَاعَةً لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. انتهى
ولم نجد لهذا سنداً صحيحاً يعتمد عليه إنما هي مراسيل، وروايات ضعيفة لا يعتمد على مثلها.
2- ومنها خشية افتتان الناس به؛ لكثرة الانتصارات والفتوحات التي حصلت على يديه.
قال أبو يوسف في الخراج: ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَزَلَ خَالِدًا عَنِ الشَّامِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ؛ فَقَامَ خَالِدٌ فخاطب النَّاسَ؛ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَعْمَلَنِي عَلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَثْنِيَةً وَعَسَلا عَزَلَنِي وَآثَرَ بِهَا غَيْرِي. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: اصْبِرْ أَيُّهَا الأَمِيرُ فَإِنَّهَا الْفِتْنَةُ؛ فَقَالَ خَالِدٌ: أَمَا وَابْنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ فَلا.
قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ مَا قَالَ خَالِدٌ قَالَ: أَمَا لأَنْزِعَنَّ خَالِدًا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يَنْصُرُ دِينَهُ، لَيْسَ هُوَ.
وأخرج ابن جرير في تاريخه من طريق سيف قال: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْأَمْصَارِ: إِنِّي لَمْ أَعْزِلْ خَالِدًا عَنْ سخْطَةٍ وَلَا خِيَانَةٍ، وَلَكِنَّ النَّاسَ فُتِنُوا بِهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الصَّانِعُ. ثُمَّ رَوَاهُ سَيْفٌ عَنْ مُبَشِّرٍ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ خَالِدٌ عَلَى عُمَرَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية : وَرَوَى سَيْفٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ حِينَ عَزَلَ خَالِدًا عَنِ الشَّامِ، وَالْمُثَنَّى بْنَ حَارِثَةَ عَنِ الْعِرَاقِ. إِنَّمَا عَزَلْتُهُمَا لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ نَصَرَ الدِّينَ لَا يَنْصُرُهُمَا، وَأَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا. انتهى
وهي روايات ضعيفة أيضاً، فقد وردت بأسانيد شديدة الضعف.
3- ومنها للتوازن بين حزم عمر ولين أبي عبيدة البديل عن خالد بن الوليد كون عمر وخالد يشتركان في الحزم.
وهذه قيلت اجتهاداً بناء على ما ذكر من وصف الصحابة الأربعة، فلم نجد لها رواية خاصة بذلك تؤيدها، ولا عبرة بالاجتهاد مع ورود النص عن عمر رضي الله عنه، كما سيأتي، وخصوصاً أنه ثابت عن أبي بكر رضي الله عنه أنه ولى أبا عبيدة وخالد بن الوليد، ووردت روايات تدل على أنه قدم خالداً لخبرته في المعارك والحروب أكثر من أبي عبيدة. والله أعلم
4- ومنها أن ذلك بسبب الاختلاف بينهما في الاجتهاد في كيفية قسمة الأموال.
قال ابن كثير في البداية: وَقَدْ حَكَى مَالِكٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: اكْتُبْ إِلَى خَالِدٍ أَنْ لَا يُعْطِيَ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا بِأَمْرِكَ. فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدٌ: إِمَّا أَنْ تَدَعَنِي وَعَمَلِي، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِعَمَلِكَ. فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ بِعَزْلِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ يُجْزِي عَنِّي جَزَاةَ خَالِدٍ؟ قَالَ عُمَرُ: أَنَا. قَالَ: فَأَنْتَ. فَتَجَهَّزَ عُمَرُ حَتَّى أُنِيخَتِ الظَّهْرُ فِي الدَّارِ، ثُمَّ جَاءَ الصَّحَابَةُ فَأَشَارُوا عَلَى الصِّدِّيقِ بِإِبْقَاءِ عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ وَإِبْقَاءِ خَالِدٍ بِالشَّامِ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ كَتَبَ إِلَى خَالِدٍ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَعَزَلَهُ، وَقَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَرَانِيَ آمُرُ أَبَا بَكْرٍ بِشَيْءٍ لَا أُنْفِذُهُ أَنَا.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ "، وَغَيْرِهِ، مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ نَاشِرَةَ بْنِ سُمَيٍّ الْيَزَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَعْتَذِرُ إِلَى النَّاسِ بِالْجَابِيَةِ مِنْ عَزْلِ خَالِدٍ، فَقَالَ: أَمَرْتُهُ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَالَ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَعْطَاهُ ذَا الْبَأْسِ، وَذَا الشَّرَفِ وَاللِّسَانِ، وَأَمَّرْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ. فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: مَا اعْتَذَرْتَ يَا عُمَرُ، لَقَدْ نَزَعْتَ عَامِلًا اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعْتَ لِوَاءً رَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَغْمَدْتَ سَيْفًا سَلَّهُ اللَّهُ، وَلَقَدْ قَطَعْتَ الرَّحِمَ، وَحَسَدْتَ ابْنَ الْعَمِّ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّكَ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ، حَدِيثُ السِّنِّ، مُغْضَبٌ فِي ابْنِ عَمِّكَ.
وقال في مسند الفاروق:
قال عبد الله بن المبارك: ثنا سعيد بن يزيد قال: سَمِعتُ الحارث بن يزيد الحضرمي، يحدِّث عن عُلَي بن رباح، عن ناشِرَة بن سُميٍّ
اليَزَني قال: سَمِعتُ عمرَ -رضي الله عنه- يقول يوم الجابية، وهو يَخطبُ: إنَّ اللهَ جعلني خازنًا لهذا المال وقاسِمُهُ. ثم قال: بل اللهُ قَسَمَهُ، وأنا بادئٌ بأهلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم أشرفِهِم، فقَسَمَ لأزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم عشرةَ آلافٍ، إلا جويريةَ، وصفيةَ، وماريةَ ، فقالت عائشة: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَعدِلُ بيننا، فعَدَلَ عمرُ بينهنَّ، ثم فَرَضَ لأصحابِ بدرٍ المهاجرينَ خمسةَ آلافٍ، ولمن شَهِدَها من غيرِ المهاجرينَ أربعةَ آلافٍ، ولمن شَهِدَ أُحُدًا ثلاثةَ آلافٍ، وقال: مَن أَبطَأَ في الهجرةِ أَبطَأَ به العطاءُ، فلا يَلومنَّ رجلٌ إلا مُناخَ راحلتِهِ، وإنِّي أَعتذرُ إليكم من خالد بن الوليد، إنِّي أَمَرتُهُ أن يحبسَ هذا المالَ على ضعفةِ المهاجرينَ، فأعطاه ذا الشَّرَفِ، وذا اللِّسانِ، فنَزَعتُهُ، وأَمَّرتُ أبا عُبيدةَ.
وهذا إسناد جيد.
وهذا هو السَّبب الذي اقتَضى عزلَ عمرَ خالدًا عن إمرة الشَّام، لأنَّ خالداً كان يتساهلُ في إعطاءِ المالِ في الغزو، ومستندُهُ في ذلك تسويغُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم له ما فَعَلَهُ في قضيةِ المَدَدي يومَ مؤتةَ من مَنْعِهِ إيَّاه بعضَ ذلك السَّلب، والله تعالى أعلم بالصواب. انتهى كلامه
قلت: أخرجه أحمد في المسند (3: 476) والبخاري: التاريخ الكبير(8: 54) ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/464) وغيرهم .
وهذا هو الحق في هذه المسألة. والله أعلم .
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق أبي زرعة الدمشقي حدثني دحيم نا ابن أبي فديك أنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال عمر لأبي بكر الصديق تدع خالد بن الوليد بالشام ينفق مال الله؟! قال: فلما توفي أبو بكر، قال: سمعت عمر حين توفي أبو بكر يقول: كذبتُ الله إن كنت أمرت أبا بكر بشيء لا أفعله بعده. فكتب إليه خالد؛ أما بعد فإنه لا حاجة لي بعملك، فبعث أبا عبيدة بن الجراح قال فحضر أبو عبيدة.
وهذا إسناده جيد.
وروى ابن عساكر أخباراً أخرى لا تصح.
وقال ابن سعد - فذكر إسناداً صحيحاً كالذهب-: َأخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُولُ: لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ عُمَرُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا سُلَيْمَانَ، لَقَدْ كُنَّا نَظُنُّ بِهِ أُمُورًا مَا كَانَتْ.
وأخرج البخاري في التاريخ الأوسط، وعلقه في صحيحه، وابن شبة في تاريخه والبيهقي في الكبرى وغيرهم عن شَقِيقٍ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ: إِنَّ نِسْوَةَ بَنِي الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعْنَ فِي دَارِ خَالِدٍ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُرِقْنَ مِنْ أَعْيُنِهِنَّ على أبي سُلَيْمَان.
التعليقات عدد التعليقات (0)
اضافة تعليق