السؤال
هل يدعى الناس يوم القيامة بأسماء أمهاتهم ؟ وما الحكمة في نسبة الولد لأبيه دون أمه ؟ أرجو منك أن تبين لي هذه المسألة ، وجزاك الله خيرا .
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛
فالناس يوم القيامة يدعون بأسماء آبائهم ، بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه : باب ما يدعى الناس بآبائهم ، ثم ذكر حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان بن فلان " .
قال الحافظ ابن حجر : حديث ابن عمر في الغادر يرفع له لواء ؛ لقوله فيه: "غدرة فلان ابن فلان" فتضمن الحديث أنه ينسب إلى أبيه في الموقف الأعظم ......وقال ابن بطال: في هذا الحديث رد لقول من زعم أنهم لا يدعون يوم القيامة إلا بأمهاتهم سترا على آبائهم . قلت - أي ابن حجر - : هو - أي الحديث الذي فيه أنهم يدعون بأمهاتهم يوم القيامة - حديث أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس وسنده ضعيف جدا . وأخرج ابن عدي من حديث أنس مثله وقال: منكر . أورده في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الطبري . قال ابن بطال: والدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز . انتهى كلام الحافظ .
قلت : وورد في ذلك حديث أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم " ، ولكنه ضعيف ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : ورجاله ثقات ، إلا أن في سنده انقطاعا بين عبد الله بن أبي زكريا راويه عن أبي الدرداء وأبي الدرداء فإنه لم يدركه . والله أعلم
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين مبينا حكمة نسبة الولد لأبيه : قد اتفق المسلمون على أن النسب للأب كما اتفقوا على أنه يتبع الأم في الحرية والرق ، وهذا هو الذي تقتضيه حكمة الله شرعا وقدرا ؛ فإن الأب هو المولود له والأم وعاء وإن تكوّنَ فيها والله سبحانه جعل الولد خليفة أبيه وشجنته والقائم مقامه ، ووضع الأنساب بين عباده فيقال فلان ابن فلان ولا تتم مصالحهم وتعارفهم ومعاملاتهم إلا بذلك كما قال تعالى {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } فلولا ثبوت الأنساب من قبل الآباء لما حصل التعارف ولفسد نظام العباد ؛ فإن النساء محتجبات مستورات عن العيون ، فلا يمكن في الغالب أن تعرف عين الأم فيشهد على نسب الولد منها ، فلو جعلت الأنساب للأمهات لضاعت وفسدت وكان ذلك مناقضا للحكمة والرحمة والمصلحة ، ولهذا إنما يُدعى الناسُ يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهم.
قال البخاري في صحيحه: "باب يدعى الناس بآبائهم يوم القيامة" ثم ذكر حديث: "لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدرته يقال هذه غدرة فلان ابن فلان".
فكان من تمام الحكمة أن جعل الحرية والرق تبعا للأم ، والنسب تبعا للأب والقياس الفاسد إنما يجمع بين ما فرق الله بينه أو يفرق بين ما جمع الله بينه.