الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛
فمعاوية بن أبي سفيان أول ملوك الإسلام وخيرهم ، كان حاكما عادلا رضي الله عنه وأرضاه .
قال ابن كثير في البداية والنهاية :
معاوية بن أبى سفيان وملكه ؛ قد تقدم فى الحديث أن الخلافة بعده عليه السلام ثلاثون سنة ثم تكون ملكا ، وقد انقضت الثلاثون بخلافة الحسن بن على فأيام معاوية أول الملك فهو أول ملوك الإسلام وخيارهم....وقال رحمه الله : وكان حليما وقورا رئيسا سيدا في الناس كريما عادلا شهما.
وقال الذهبي في السير :
قال أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، قال: كان معاوية، وما رأينا بعده مثله.
العوام بن حوشب: عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، قال: ما رأيت أحدا أسود من معاوية: قلت: ولا عمر ؟ قال: كان عمر خيرا منه، وكان معاوية أسود منه .
وروي عنه أبي يعقوب، عن ابن عمر نحوه.
وروى ابن إسحاق، عن نافع : عن ابن عمر مثله، ولفظه: ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أسود من معاوية.
فقلت : كان أسود
معمر: عن همام بن منبه، سمعت ابن عباس يقول: ما رأيت رجلا كان أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب، لم يكن بالضيق الحصر العصعص ، المتغضب. يعني ابن الزبير .
أيوب: عن أبي قلابة، قال كعب بن مالك: لن يملك أحد هذه الأمة ما ملك معاوية.
وقال : حسبك بمن يؤمره عمر، ثم عثمان على إقليم - وهو ثغر - فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويرضي الناس بسخائه وحلمه، وإن كان بعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك.
وإن كان غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا منه بكثير وأفضل وأصلح، فهذا الرجل ساد، وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه، ورأيه. وله هنات وأمور، والله الموعد.
وكان محببا إلى رعيته.
وقال رحمه الله : وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإما قد ولدوا في الشام على حبه، وتربى أولادهم على ذلك.
وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة، وعدد كثير من التابعين والفضلاء، وحاربوا معه أهل العراق، ونشؤوا على النصب، نعوذ بالله من الهوى.
كما قد نشأ جيش علي رضي الله عنه، ورعيته - إلا الخوارج منهم - على حبه والقيام معه، وبغض من بغى عليه والتبري منهم، وغلا خلق منهم في التشيع.
فيالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم، لا يكاد يشاهد فيه إلا غاليا في الحب، مفرطا في البغض ؟!! ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال ؟!! فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق، واتضح من الطرفين، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، وتبصرنا، فعذرنا، واستغفرنا، وأحببنا باقتصاد، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة، أو بخطأ إن شاء الله مغفور، وقلنا كما علمنا الله (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا) (الحشر: 10) وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين، كسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، ومحمد بن مسلمة، وسعيد بن زيد، وخلق.
وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا عليا، وكفروا الفريقين
.
فالخوارج كلاب النار، قد مرقوا من الدين، ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار، كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان . انتهى . والله أعلم