الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛
فوليمة الختان تسمى الإعذار
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الكرام يفعلونها ، ولا يوجد ما يدل على سنيتها .
أما حكمها فقد اختلف فيه أهل العلم فمنهم من أوجبها ، ومنهم من استحبها ، ومنهم من أباحها ، ومنهم من كرهها.
والصواب أنها مباحة . والله أعلم
قال ابن قدامة في المغني ( 8 / 117 ) :
مسألة : قال : ودعوة الختان لا يعرفها المتقدمون ولا على من دعي إليها أن يجيب ، وإنما وردت السنة في إجابة من دعي إلى وليمة تزويج .
يعني بالمتقدمين : أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين يقتدى بهم وذلك لما روي أن عثمان بن أبي العاص دعي إلى ختان فأبى أن يجيب فقيل له ؟ فقال : إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا ندعى إليه . رواه الإمام أحمد بإسناده .
إذا ثبت هذا فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة أنها مستحبة ؛ لما فيها من إطعام الطعام ، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة وهذا قول مالك و الشافعي و أبي حنيفة وأصحابه .
وقال العنبري : تجب إجابة كل دعوة لعموم الأمر به ؛ فإن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " إذا دعا أحدكم أخاه فليجبه عرسا كان أو غير عرس " أخرجه أبو داود
ولنا أن الصحيح من السنة إنما ورد في إجابة الداعي إلى الوليمة وهي الطعام في العرس خاصة ، كذلك قال الخليل و ثعلب وغيرهما من أهل اللغة .
وقد صرح بذلك في بعض روايات ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب " رواه ابن ماجة .
وقال عثمان بن ابي العاص : كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا ندعى إليه .
ولأن التزويج يستحب إعلانه وكثرة الجمع فيه والتصويت والضرب بالدف بخلاف غيره .
فأما الأمر بالإجابة إلى غيره فمحمول على الاستحباب بدليل أنه لم يخص به دعوة ذات سبب دون غيرها وإجابة كل داع مستحبة لهذا الخبر ، ولأن فيه جبر قلب الداعي وتطييب قلبه ، وقد دعي أحمد إلى ختان فأجاب ، وأكل .
فأما الدعوة في حق فاعلها فليست لها فضيلة تختص بها لعدم ورود الشرع بها ، ولكن هي بمنزلة الدعوة لغير سبب حادث ؛ فإذا قصد فاعلها شكر نعمة الله عليه وإطعام إخوانه وبذل طعامه فله أجر ذلك إن شاء الله تعالى . ا. هـ
وقال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" ( 7 / 333 ) بعد أن ذكر أنواع الولائم ومنها وليمة الختان : وفي وليمة العرس قولان، أو وجهان :
أحدهما: أنها واجبة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: " أولم ولو بشاة ".
وأصحهما : أنها مستحبة كالإضحية وسائر الولائم ، والحديث على الاستحباب ، وقطع القفال بالاستحباب.
وأما سائر الولائم، فمستحبة، ليس بواجبة على المذهب وبه قطع الجمهور، ولا يتأكد تأكد وليمة النكاح . قال المتولي: وخرّج بعضهم في وجوب سائر الولائم قولا ، لأن الشافعي رحمه الله قال بعد ذكرها : ولا أرخص في تركها .ا. هـ
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( 32 / 206 ، 207 ) عن طعام الزواج ؟ وطعام العزاء ؟ وطعام الختان ؟ وطعام الولادة ؟ .
فأجاب : أما " وليمة العرس " فهي سنة ، والإجابة إليها مأمور بها ، وأما " وليمة الموت " فبدعة ، مكروه فعلها والإجابة إليها .
وأما " وليمة الختان " فهي جائزة : من شاء فعلها ومن شاء تركها . وكذلك " وليمة الولادة " إلا أن يكون قد عق عن الولد ؛ فإن العقيقة عنه سنة . والله أعلم .
وسئل - رحمه الله - :
هل يكره طعام الطهور أم لا ؟ وهل فرق بينه وبين وليمة العرس أم لا ؟
فأجاب : الحمد لله ، أما " وليمة العرس " فسنة مأمور بها باتفاق العلماء ؛ حتى إن منهم من أوجبها ؛ فإنها تتضمن إعلان النكاح وإظهاره وذلك يتضمن الفرق بينه وبين السفاح واتخاذ الأخدان ؛ ولهذا كانت الإجابة إليها واجبة عند العلماء عند شروط ذلك وانتفاء موانعه . وأما " دعوة الختان " فلم تكن الصحابة تفعلها وهي مباحة ؛ ثم من العلماء أصحاب أحمد وغيره من كرهها . ومنهم من رخص فيها ؛ بل يستحبها . وأما الإجابة إليها ؛ فإن كل من فعلها آثم . ومنهم من استحبها . ومنهم من لم يستحبها . ومنهم من كره الإجابة إليها أيضا . والله أعلم .