السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
سؤال:هل ملامسة جسم الكلب وشعره للملابس تكون قد أصابها نجس يوجب غسلها أو تغييرها؟؟
أفيدونا جزاك الله خيرا...
الاجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبعد ؛
فأقوى الأقوال في نجاسة الكلب قولان
الأول : نجاسة لعابه فقط
والثاني : عدم نجاسته بالكلية ، وهو قول المالكية والذي رجحه ابن المنذر وهو المحدث الفقيه المحقق ، وهو القول الذي أميل إليه .
قال ابن المنذر في الأوسط : واختلفوا في طهارة الماء الذي يلغ فيه الكلب ؛ فقالت طائفة : الماء طاهر يتطهر به للصلاة ويغسل الإناء كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الزهري يقول : إذا لم يجد غيره توضأ به ، وكذلك قال مالك والأوزاعي ، وفيه قول ثان وهو أن يتوضأ بالماء الذي ولغ فيه الكلب ثم يتيمم بعده ، روي هذا القول عن عبدة بن أبي لبابة وبه قال سفيان الثوري وعبد الملك الماجشون ومحمد بن مسلمة . وقالت طائفة : الماء الذي ولغ فيه الكلب نجس يهراق ويغسل الإناء سبعا أولاهن أو أخراهن بالتراب ، هذا قول الشافعي وأبي عبيد وأبي ثور وأصحاب الرأي . قال أبو بكر : والدليل على إثبات النجاسة للماء الذي ولغ فيه الكلب غير موجود فليس في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يغسل الإناء من ولوغ الكلب فيه سبعا دليل على نجاسة الماء الذي يلغ فيه الكلب ؛ وذلك أن الله قد يتعبد عباده بما شاء فمما تعبدهم به أن أمرهم بغسل الأعضاء التي لا نجاسة عليها غسل عبادة لا لنجاسة . وكذلك أمر الجنب بالاغتسال وقد ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل جنب : « المؤمن ليس بنجس » وقوله : « طهور إناء أحدكم » يحتمل هذا المعنى أن تكون طهارة عبادة ، لا طهارة نجاسة ، وإذا احتمل الشيء معنيين لم يجز أن يصرف إلى أحدهما دون الآخر بغير حجة ، وقد أجمع أهل العلم أن النجاسات تزال بثلاث غسلات ، وقال بعضهم : بل تزال بغسلة واحدة كالدم والبول والعذرة والخمر ، ولا يجوز أن يكون حكم الماء المختلط به لعاب الكلب أكبر في النجاسة من بعض ما ذكرناه ، فلو ثبت أن لعاب الكلب أكبر في النجاسة لوجب أن يطهر الإناء بثلاث غسلات أو بغسلة في قول بعضهم ، ووجب أن تكون الغسلات الأربع بعد الثلاث عبادة إذ ليس بمعقول أن النجاسة باقية فيه بعد الغسلات الثلاث ، وإذا كان هكذا واختلفوا في الغسلات الثلاث وجب أن يكون حكمها في أنها عبادة حكم الغسلات الأربع ، ولا أعلم مع من أثبت نجاسة لعاب الكلب حجة ، وقد كتبت هذا في غير هذا الكتاب أتم من هذا .
وقال ابن عبد البر في الاستذكار :وأما الفقهاء أئمة الأمصار فاختلفوا في معنى هذا الحديث اختلافا كثيرا فجملة مذهب مالك عند أصحابه اليوم أن الكلب طاهر وأن الإناء يغسل منه سبعا عبادة ولا يهرق شيء مما ولغ فيه غير الماء وحده ليسارة مئونته وأن من توضأ به إذا لم يجد غيره أجزأه وأنه لا يجوز التيمم لمن كان معه ماء ولغ فيه كلب وأنه لم يدر ما حقيقة هذا الحديث
واحتج بأنه يؤكل صيده فكيف يكره لعابه وقال مع هذا كله لا خير فيما ولغ فيه كلب ولا يتوضأ به أحب إلي هذا كله روى بن القاسم عنه
وقد روى عنه بن وهب أنه لا يتوضأ بماء ولغ فيه كلب ضاريا كان الكلب أو غير ضار ويغسل الإناء منه سبعا
وقد كان مالك في أول أمره يفرق بين كلب البادية وغيره في ذلك ثم رجع إلى ما ذكرت لك
فتحصيل مذهب مالك أن التعبد إنما ورد في غسل الإناء الطاهر من ولوغ الكلب خاصة من بين سائر الطاهرات وشبهه أصحابنا بأعضاء الوضوء الطاهرة تغسل عبادة .
وقال :وقال داود سؤر الكلب طاهر وغسل الإناء منه سبعا فرض إذا ولغ فيه وما في الإناء من طعام وشراب أو ماء فهو طاهر يؤكل الطعام ويتوضأ بذلك الماء ويغسل سبعا لولوغه فيه .
وقال ابن قدامة : مسألة : قال : و لا يتوضأ بسؤر كل بهيمة لا يؤكل لحمها إلا السنور وما دونها في الخلقة
السؤر فضلة الشرب - والحيوان قسمان نجس وطاهر فالنجس نوعان أحدهما ما هو نجس رواية واحدة وهو الكلب والخنزير وهو مذهب الشافعي و أبي عبيد وهو قول أبي حنيفة في السؤر خاصة وقال مالك و الأوزاعي و داود : سؤرهما طاهر يتوضأ به ويشرب وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله وقال الزهري : يتوضأ به اذا لم يجد غيره وقال عبدة بن أبي لبابة و الثوري و ابن الماجشون و ابن مسلمة يتوضأ ويتيمم قال مالك : ويغسل الاناء الذي ولغ فيه الكلب تعبدا واحتج بعضهم على طهارته بأن الله تعالى قال : { فكلوا مما أمسكن عليكم } ولم يأمر بغسل ما أصابه فمه وروى ابن ماجة بإسناده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم [ سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر وعن الطهارة بها فقال : لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر طهور ] ولأنه حيوان فكان طاهرا كالمأكول ......إلخ . والله أعلم