الاحد 22 جمادة الاخرة 1446 هـ
22 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52      

الآيات 166 -169 من سورة البقرة

تفسير سورة البقرة 166- 169

{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166)}

هذا في يوم القيامة حين يجمع الله القادة والأتباع، فيتبرأ بعضهم من بعض، هذا قول أكثر المفسرين {إذ} أي اذكر إذ {تبرأ} أي تخلى، وبعُد {الذين اتُّبِعوا} وهم الرؤساء، والقادة يتبرؤون من {الذين اتَّبعوا} وهم الأتباع، والضعفاء، وما أشبههم؛ فمن ذلك مثلاً: رؤساء الكفر يدعون الناس إلى الكفر، مثل فرعون: فقد دعا إلى الكفر؛ فهو متَّبَع؛ وقومه متَّبِعون؛ وكذلك غيره من رؤساء الكفر، والضلال، فإنهم أيضاً متَّبَعون؛ ومن تبعهم فهو متّبِع، فهؤلاء يتبرأ بعضهم من بعض.

ولا يشمل من اتبع أئمة الهدى؛ فالمتبعون للرسل لا يتبرأ منهم الرسل؛ والمتبعون لأئمة الهدى لا يتبرأ منهم أئمة الهدى؛ لقوله تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67] ؛ فالأخلاء، والأحبة يوم القيامة يتبرأ بعضهم من بعض إلا المتقين، ثم هو في هذه الآية يتحدث عن الذين يستحقون العذاب، فقال: {ورأوا العذاب} هذا فعل ماض، وكذلك في {تبرأ}، وفعل ماض في {رأوا} مع أن هذا الأمر مستقبل أي سيحصل بعد قيام الساعة؛ لكن لتحقق وقوعه عبر عنه بالماضي، كأنه وقع، وهذا كثير في القرآن.

{ورأوا العذاب} أي رأوه بأعينهم، و {العذاب} هو العقوبة التي يعاقب الله بها من يستحقها.

{وتقطعت بهم} أي: عنهم {الأسباب} أي الصلات التي كانت بينهم في الدنيا من القرابات والصداقات، وصارت مخالطتهم عداوة، وقال ابن جريج: الأرحام، وقال السدي: يعني الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا، وأصل السبب ما يوصل به إلى الشيء من ذريعة أو قرابة أو مودة ومنه يقال للحبل: سبب، وللطريق: سبب.

{وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}

{وقال الذين اتَّبَعوا} وهم الأتباع {لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم} ؛ {لو} للتمني؛ يعني: ليت لنا كرة فنتبرأ {لنا كرة} الكرة: الرجوع إلى الشيء؛ والمراد هنا: الرجوع إلى الدنيا؛ أي: يا ليت لنا رجعة إلى الدنيا فنتبرأ من الذين اتبعناهم في الدنيا إذا رجعنا كما تبرءوا منا هنا في الآخرة؛ فنجازيهم بما جازونا به؛ لكن أنى لهم ذلك! فهذا التمني لا ينفعهم، و{كذلك} الكاف: اسم بمعنى «مثل»، أي: كما أراهم العذاب، كذلك {يريهم الله أعمالهم} التي عملوها في الدنيا من اتباعهم للمتبوعين الذين تبرؤوا منهم {حسرات} جمع حسرة؛ وهي الندم مع الانكماش، والحزن؛ فهؤلاء الأتباع شعورهم بالندم، والخيبة، والخسران لا يتصور؛ فالأعمال التي عملوها لهؤلاء المتبوعين صارت خسارة عليهم، وندماً، مع أنهم كانوا يرجون نفعها، ولكن ضاعت بها دنياهم، وآخرتهم؛ وهذا أعظم ما يكون من الحسرة {وما هم بخارجين من النار} أي أنهم خالدون فيها.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)}

قال ابن كثير: لما بين تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه المستقل بالخلق، شرع يبين أنه الرزاق لجميع خلقه، فذكر في مقام الامتنان أنه أباح لهم أن يأكلوا مما في الأرض في حال كونه حلالا من الله طيباً.

{يا أيها الناس} الخطاب لبني آدم كلهم {كلوا مما في الأرض} أي كلوا من هذا ما شئتم؛ ويشمل كل ما في الأرض من أشجار، وزروع، وبقول، وغيرها؛ ومن حيوان أيضاً؛ لأنه في الأرض {حلالًا} أي كلوه حال كونه حلالاً {طيباً} وحال كونه طيباً، أي مستطابا في نفسه غير ضار للأبدان ولا للعقول.

{ولا تتبعوا خطوات الشيطان}، {لا} ناهية؛ و «اتباع الخطوات» معناه: أن يتابع الإنسان غيره في عمله، كمتبع الأثر الذي يتبع أثر البعير، وأثر الدابة، وما أشبهها؛ و {خطوات الشيطان} أي أعماله التي يعملها، ويخطو إليها؛ وطرائقه ومسالكه، وهو شامل للشرك فما دونه، ومن ذلك ما حرم عليهم مما أحل الله لهم من أنواع المأكولات؛ أخرج مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذات يوم في خطبته: " ألا إن ربي أمرني أن أعلِّمَكم ما جهلتم، مما علمني يومي هذا، كلُّ مال نَحلْتُه عبداً حلال، وإني خلقت عباديَ حنفاءَ كلَّهُم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتَالَتْهم عن دينهم، وحرمَتْ عليهم ما أحللت لهم، وأَمرَتهْم أن يشركوا بي ما لم أُنزل به سلطانا" و {الشيطان} من: شطن، ومعنى «شطن» بعُد؛ فسمي الشيطان بذلك لبعده عن رحمة الله عز وجل.

{إنه لكم عدو مبين} لماذا نهينا عن اتباع خطوات الشيطان؛ لأنه عدو لنا لا يريد الخير بنا أبدا، فهذا تنفير عنه وتحذير منه، والعدو ضد الصديق، وقد عرفه الفقهاء - رحمهم الله - بقولهم: من سره مساءة شخص؛ أو غَمَّه فرحه فهو عدو؛ فالعدو من يحزن لفرحك، ويُسَرّ لحزنك {مبين} أي ظاهر العداوة؛ وقد كان عدواً لأبينا آدم صلى الله عليه وسلم؛ فما زالت عداوته إلى قيام الساعة.

{إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)}

{إنما يأمركم بالسوء والفحشاء} يعني الشيطان ما يأمركم إلا بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون {يأمركم} أي الشيطان؛ والخطاب للناس جميعاً؛ لأن الآيات كلها سياقها للناس {بالسوء} أي كل ما يسوء من المعاصي الصغيرة؛ أي السيئات؛ و {الفحشاء} أي المعاصي الكبيرة، كالزنا؛ فهو يأمر بهذا، وبهذا؛ مع أن المعاصي الصغار تقع مكفّرة بالأعمال الصالحة إذا اجتنبت الكبائر؛ لكنه يأمر بها؛ لأنه إذا فعلها الإنسان مرة بعد أخرى فإنه يفسق، ويقسو قلبه؛ ثم لا ندري أتقوى هذه الأعمال الصالحة على تكفير السيئات، أم يكون فيها خلل، ونقص يمنع من تكفيرها السيئات.

{وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} ويأمركم الشيطان أيضاً بأن تقولوا على الله ما لا تعلمون، أي تنسبوا إليه القول من غير علم، ومن ذلك ما يقوله المبتدعة، ومن يحلل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله، ومن يفتي بغير علم، وعطْف {أن تقولوا على الله ما لا تعلمون} على {السوء والفحشاء} من باب عطف الخاص على العام؛ فإنه داخل في الفحشاء. والله أعلم

قال ابن كثير رحمه الله: أي إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة، وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه، وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضاً. انتهى

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الثلاثاء 21 شعبان 1441
عدد المشاهدات 477
عدد التحميلات 25
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق