الاحد 22 جمادة الاخرة 1446 هـ
22 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52      

الآيات 114 -115 من سورة البقرة

تفسير سورة البقرة 214- 215

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}

{أم حسبتم} أي أظننتم {أن تدخلوا الجنة} «الجنة»: هي الدار التي أعدها الله للمتقين فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

أي أظننتم أن تدخلوا الجنة من غير أن تمتحنوا وتختبروا، كما حصل مع الأمم قبلكم، ويصيبكم ما أصاب من قبلكم حتى يتبين الصادق من غيره؟ لا تظنوا ذلك فالابتلاء لابد منه ليتبين الصادق من الكاذب.

{ولما يأتكم} {لما} حرف نفي مثل لم إلا أن المنفي بلما يُتوقع حصوله.

{مثل } أي شبه، يعني ما يشبهه { الذين خلوا } أي مضوا { من قبلكم} من الأمم {مستهم البأساء والضراء وزلزلوا} بين الله تبارك وتعالى ما وقع للذين مضوا من قبلنا، وهو الذي سنمتحن ونختبر به بما يشبهه من البلاء {مستهم} يعني أصابتهم {البأساء} شدة الفقر، مأخوذة من البؤس؛ وهو الفقر الشديد؛ و {الضراء} المرض، والمصائب البدنية؛ و {زلزلوا} : «الزلزلة» هنا ليست زلزلة الأرض؛ لكنها زلزلة القلوب بالخوف من الأعداء وغيره من أنواع الخوف، والقلق، والفتن العظيمة، والشبهات، والشهوات؛ فتكون الإصابات هنا في ثلاثة مواضع: في المال؛ والبدن؛ والنفس.

أخرج البخاري في صحيحه عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».

{حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله} {الرسول} المراد به الجنس، أي حتى يقول الرسول من هؤلاء الذين زلزلوا، ومستهم البأساء، والضراء؛ و {الذين آمنوا معه} كذلك يقولون {متى نصر الله} هذا ما يقولونه، والاستفهام فيها للاستعجال - أي استعجال النصر -؛ وليس للشك فيه.

{ألا إن نصر الله قريب} يَحتمِل أن يكون هذا جواباً لقول الرسول، والذين آمنوا معه: متى نصر الله؛ ويحتمل أن يكون جملة استئنافية يخبر الله بها خبراً مؤكداً بمؤكدين: {ألا} ؛ و {إن} ؛ وكلاهما صحيح.

{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}

{يسألونك} أي الصحابة رضي الله عنهم؛ والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.

{ماذا ينفقون} أي: يسألونك عن النفقة، وهذا يعم السؤال عن المنفَق والمنفَق عليه، فأجابهم عنهما {قل ما أنفقتم من خير فللوالدين} {ما أنفقتم من خير} في هذا بيان ما ينفقون؛ وفي قوله تعالى: {فللوالدين ... } بيان محل النفقة.

{فللوالدين} أي الأب، والأم - وإن علوا -؛ {والأقربين} جمع أقرب؛ وهو من كان أدنى من غيره إلى المنفِق؛ فأخ، وابن أخ: فالأقرب الأخ؛ وعم، وابن عم: فالأقرب العم؛ وابن أخ، وعم: فالأقرب ابن الأخ؛ ولهذا اتفق أهل العلم على أنه إذا اجتمع عم، وابن أخ في مسألة فرضية فيقدم ابن الأخ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فما بقي فلأولى رجل ذكر»؛ والقرابة لهم حق؛ لأنهم من الأرحام؛ لكن الأقرب أولى من الأبعد؛ ويدخل في {الأقربين} الأولاد من بنين، وبنات، وإن نزلوا.

{واليتامى} جمع يتيم؛ وهو مشتق من اليتم، والانفراد؛ والمراد به من مات أبوه ولم يبلغ؛ وإنما أوصى الله به في كثير من الآيات جبراً لما حصل له من الانكسار بموت الوالد مع صغره؛ فهذا إذا بلغ استقل بنفسه، فلم يكن يتيماً.

{والمساكين} جمع مسكين؛ وهو المعدم الذي ليس عنده مال؛ سمي كذلك؛ لأن الفقر قد أسكنه، وأذله؛ والمسكين هنا يدخل فيه الفقير؛ لأنه إذا ذكر المسكين وحده دخل فيه الفقير؛ وإذا ذكر الفقير وحده دخل فيه المسكين؛ وإذا اجتمعا صار الفقير أشد حاجة من المسكين؛ فيفترقان، وقد تقدم هذا.

{وابن السبيل} هو المسافر الذي انقطع به السفر.

قال ابن كثير: ومعنى الآية: يسألونك كيف ينفقون؟ قاله ابن عباس ومجاهد، فبين لهم تعالى ذلك، فقال { قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } أي اصرفوها في هذه الوجوه. كما جاء الحديث «أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك» وتلا ميمون بن مهران هذه الآية، ثم قال: هذه مواضع النفقة، ما ذكر فيها طبلاً ولا مزماراً ولا تصاوير الخشب ولا كسوة الحيطان. انتهى

{وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم} أي مهما صدر منكم من فعل معروف، فإن الله يعلمه وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء، فإنه لا يَظلم أحداً مثقال ذرة.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 12 رمضان 1441
عدد المشاهدات 464
عدد التحميلات 27
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق