السبت 21 جمادة الاخرة 1446 هـ
21 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-78 آخر كتاب التيمم، الحديث 345و346و347و348      

الآيات 238-242 من سورة البقرة

تفسير سورة البقرة 238-242

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)}

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} أي: واظبوا وداوموا على الصلوات المكتوبات بأدائها في وقتها، وحافظوا على حدودها وأدائها، ولا تسهوا عنها فتخرجوها عن وقتها {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} أي وحافظوا على الصلاة الوسطى، خصَّ من بين الصلوات الصلاة الوسطى بالمحافظة عليها دلالة على فضلها، ووسطى؛ تأنيث الأوسط، ووسَط الشيء: خيره وأعدله، واختلف العلماء من الصحابة ومن بعدهم في الصلاة الوسطى، ذهب الأكثرون من الصحابة وغيرهم إلى أنها صلاة العصر، وهو الصحيح؛ لأن الحديث صح به، ولا عبرة بقول يخالف السنة الصحيحة. والله أعلم

ففي الصحيحين عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلَأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ». وفي رواية: "شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر".

وعموما أقول: أحيانا العلماء يخالفون في مسائل فيها نصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، العلماء منهم من هم معروفون بتعظيم السنة واتباعهم لها وعدم القول بقول يخالفها، ولا يقولن بقول يخالف السنة سواء في هذه المسالة أو غيرها، فهؤلاء نعتذر لهم فنقول في هذه المسألة مثلاً الظاهر أن الحديث لم يبلغهم، فمن المعلوم عنهم أنهم لا يتجاوزن السنة إذا بلغتهم هذا ما دلت عليه أصولهم لذلك اعتذرنا لهم بهذا أو غيره من الأعذار الصحيحة، وأما العلماء الذين لا يُعرفون باتباعهم للسنة حتى وإن جاءتهم يخالفونها، فهؤلاء لا عبرة بأقوالهم أصلاً.

والمهم هو عدم اعتبار القول من غير النظر في دليله مهما عظم العالم ومهما غزر علمه وعلا كعبه فيه. فكل العلماء بشر يخطئون ويصيبون، ويعلمون ويجهلون، تفوتهم أشياء ويعلموا أشياء جميعا على هذا الحال، ومن تتبع كلامهم وقارن؛ علم ذلك يقيناً، ونصوصهم تدل عليه، لذلك العلماء الربانيون كلهم يقولون: إذا وجدت قولي يخالف الكتاب والسنة فاضرب به عرض الحائط. فتنبهوا، ولكن ليس معنى هذا أن يَعترض على كلام العلماء كل من هب ودب، لا، فالعلم له أصوله وقواعده من لا يتقنها؛ لا يحل له الكلام فيه. والله أعلم

{وَقُومُوا لِلهِ} هذا أمر بالقيام؛ وهل المراد بالقيام هنا المكث على الشيء، أو القيام على القدمين؟ المراد المعنيان جميعاً؛ واللام في قوله تعالى: {لله} للإخلاص {قَانِتِينَ} أي مطيعين، وقوموا لله في صلاتكم، مطيعين له فيما أمركم به فيها، ونهاكم عنه، ومن طاعة الله في الصلاة؛ السكوت فيها عن غير قراءة القرآن والأذكار المشروعة فيها، فأصل معنى القنوت الطاعة.

بوب الإمام البخاري في صحيحه بَابُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] «أَيْ مُطِيعِينَ»، وأخرج عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ» حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] «فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ». وأخرجه مسلم.

{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)}

{فإن خفتم} أي أصابكم خوف من عدو مثلاً أو سبعٍ أو غيرها، فلم تتمكنوا من الصلاة كما أمرتم؛ فصلوا مشاة على أرجلكم أو ركباناً على ظهور دوابكم، والصلاة في حال الخوف على أقسام، فهذه أحد أقسام شدة صلاة الخوف، والباقي مبين في كتب الفقه والسنة.

{فرجالاً} أي فصلوا على الأرجل؛ وهي جمع راجل؛ و «الراجل» هو الذي يمشي على رجليه؛ لأنه قابله بقوله تعالى: {أو ركباناً} أي راكبين، جمع راكب {فإذا أمنتم} أي زال الخوف عنكم {فاذكروا الله} أي: فصلوا الصلوات الخمس تامة بحقوقها {كما علمكم} أي صلوا على الصفة التي بينها لكم في حال الأمن.

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)}

{والذين يتوفون منكم} أي الذين يتوفاهم الله منكم يا معشر الرجال {ويذرون} أي: يتركون {أزواجاً} أي: زوجات {وصية لأزواجهم} أي: فليوصوا وصية لأزواجهم {متاعاً إلى الحول} أي: متعوهن متاعاً، والمتاع: نفقة سنة لطعامها وكسوتها وسكنها وما تحتاج إليه {غير إخراج} أي: من غير إخراج.

تقدمت عدة المرأة المتوفى عنها زوجها، وكانت عدة الوفاة في ابتداء الإسلام حولاً كاملاً -أي سنة- وكان يحرم على الوارث أي وارث الزوج الذي صار صاحب البيت؛ يحرم عليه إخراجها من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكنها واجبة في مال زوجها تلك السنة ما لم تخرج، لم يكن لها الميراث، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها.

وكان على الرجل أن يوصي بها، فكان كذلك حتى نزلت آية الميراث، فنسخ الله تعالى نفقة الحول فأعطاها من الميراث الربع والثمن، ونسخ عدة الحول بأربعة أشهر وعشراً.

{فإن خرجن} أي هي التي خرجت قبل إتمام الحول، ولم يخرجها الورثة {فلا جناح عليكم} يا أولياء الميت، أي لا حرج عليكم ولا إثم {في ما فعلن في أنفسهن من معروف} يعني: التزين للنكاح، ولرفع الجناح عن الرجال وجهان، أحدهما: لا جناح عليكم في قطع النفقة عنهن إذا خرجن قبل انقضاء الحول، والآخر: لا جناح عليكم في ترك منعهن من الخروج؛ لأن مقامها في بيت زوجها حولاً غير واجب عليها، خيرها الله تعالى بين أن تقيم حولاً، ولها النفقة والسكنى، وبين أن تخرج فلا نفقة ولا سكنى، إلى أن نسخه بأربعة أشهر وعشراً واجبة، فهذه الآية منسوخة بالآية المتقدمة: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } [البقرة: 234]

أخرج البخاري في صحيحه عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ: لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ». انتهى

{والله عزيز حكيم} أي ذو عزة، وحُكم، وحِكمة.

{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)}

{وللمطلقات} وهن من فارقهن أزواجهن {متاع} أي ما تتمتع به من لباس، وغيره؛ وقوله تعالى: {بالمعروف} أي بما يعرفه الناس؛ وهذا قد يكون مفسَّراً بقوله تعالى: {وعلى الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف} [البقرة: 236]، أي المتاع على الموسر بقدر إيساره؛ وعلى المعسر بقدر إعساره {حقًّا} «الحق» هنا بمعنى الحتم الثابت؛ و {على المتقين} أي ذوي التقوى؛ و «التقوى» هي القيام بطاعة الله على علم وبصيرة.

وتقدم حكم المتعة وأنها ليست لكل مطلقة، فهذه الآية مخصوصة.

{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)}

{كذلك يبين الله لكم آياته} أي في إحلاله وتحريمه وفروضه وحدوده، فيما أمركم ونهاكم عنه، بينه ووضحه وفسره، ولم يتركه مجملا في وقت احتياجكم إليه.

{لعلكم تعقلون} أي تفهمون وتتدبرون.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الخميس 20 شوال 1441
عدد المشاهدات 1637
عدد التحميلات 27
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق