تفسير سورة آل عمران 129-132
{وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)}
{وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} مِلكاً وخلقاً وعبيداً، يحكم فيهم بما شاء، ويقضي فيهم ما أحب {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} يتوب على من أحب من خلقه العاصين أمره ونهيه، ثم يغفر له {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} ويعاقب من شاء منهم على ذنبه، فينتقم منه {وَاللهُ غَفُورٌ} الغفور: الذي يستر ذنوب من أحب أن يستر عليه ذنوبه من خلقه بفضله عليهم، بالعفو والصفح {رَحِيمٌ} قال الطبري: الرحيم بهم في تركه عقوبتهم عاجلًا على عظيم ما يأتون من المآثم. انتهى.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)}
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} أي يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، لا تأكلوا الربا في إسلامكم، كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم، والذي كانوا يفعلونه في جاهليتهم: أن الرجل منهم كان يكون له على الرجل مالٌ -أي دين- إلى أجل، فإذا حل الأجل -أي جاء وقت قضاء الدين- طلبه من صاحبه، فيقول له الذي عليه المال: أخر عنى دينك وأزيدك على مالك، فيفعلان ذلك، فذلك هو الربا أضعافاً مضاعفة، فنهاهم الله عز وجل في إسلامهم عنه { وَاتَّقُوا اللهَ} أيها المؤمنون في أمر الربا فلا تأكلوه، وفي غيره مما أمركم به، أو نهاكم عنه، وأطيعوه فيه {لعلكم تفلحون} أي تفوزون، أي لتنجحوا وتتخلصوا من عقابه، وتفوزوا بجنته.
{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)}
{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} واتقوا أيها المؤمنون النار أن تصلوها بأكلكم الربا بعدما نهيتكم عنه، النار التي أعددتها لمن كفر بي، فتدخلوا مداخلهم بعد إيمانكم بي بمخالفتكم أمري، وترككم طاعتي {وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ} وأطيعوا الله أيها المؤمنون فيما نهاكم عنه من أكل الربا، وغيره من الأشياء، وفيما أمركم به الرسول، أي وأطيعوا الرسول أيضاً كذلك، {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي: لترحموا فلا تعذبوا.
التعليقات عدد التعليقات (0)
اضافة تعليق