الخميس 20 جمادة الاولى 1446 هـ
21 نوفمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-77 كتاب التيمم، الحديث 344   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-12   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-11   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-76 كتاب التيمم، الحديث 338و339و340و341و342و343   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-10   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-9   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-75 أول كتاب التيمم، الحديث 334و335و336و337   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-74 آخر كتاب الحيض، الحديث 324و325و326و327و328و329و330و331و332و333   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-73 كتاب الحيض، الحديث 318و319و320و321و322و324,323   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-8      

تفسير سورة آل عمران 169-173

تفسير سورة آل عمران 169-173

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}

يخبر الله تبارك وتعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار، فإن أرواحهم حية مرزوقة في الجنة {وَلَا تَحْسَبَنَّ} ولا تظنن {الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} لتكون كلمة الله، أي كلمة التوحيد هي العليا {أَمْوَاتًا} لا يحسون شيئاً ولا يتنعمون {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} بل هم أحياء عندي، فرحون مسرورون بما آتيتهم من كرامتي وفضلي {يُرْزَقُونَ} يأكلون ويتمتعون من ثمار الجنة.

أخرج مسلم في صحيحه عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ أي ابن مسعود- عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً»، فَقَالَ: " هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا ".

{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}

{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ} أي أعطاهم {اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} من رزقه وثوابه {وَيَسْتَبْشِرُونَ} ويفرحون {بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} من إخوانهم الذين تركوهم أحياء في الدنيا على مناهج الإيمان والجهاد لعلمهم أنهم إذا استشهدوا ولحقوا بهم؛ نالوا من الكرامة ما نالوا هم، لذلك هم مستبشرون {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} أي: لا خوف عليهم؛ لأنهم قد أمنوا عقاب الله، وأيقنوا برضاه عنهم، فقد أمنوا الخوف الذي كانوا يخافونه من ذلك في الدنيا، ولا هم يحزنون على ما تركوا وراءهم من أسباب الدنيا، ونكد عيشها، فقد صاروا في نعيم وراحة.

{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}

{يَسْتَبْشِرُونَ} أي يفرحون {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ} بما أعطاهم الله تبارك وتعالى مِن عظيم كرامته عند ورودهم عليه {وَفَضْلٍ} وبما مَنّ عليهم من الفضل وجزيل الثواب، على ما قدموا من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجهاد أعدائه {وَأَنَّ اللهَ} أي: وبأن الله {لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} لا يبطل جزاء أعمال من صدّق رسولَه واتبعه وعمل بما جاءه من عند الله.

{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}

لا يضيع أجر المؤمنين {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلهِ وَالرَّسُولِ} أي المستجيبين، الذين استجابوا لله والرسول {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} أي: أصابتهم الجراح في أُحد.

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ} بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجابته إلى الغزو {وَاتَّقَوْا} معصيته {أَجْرٌ عَظِيمٌ} الجنة.

قال قتادة: وذلك يوم أحد بعد القتل والجراح، وبعد ما انصرف المشركون أبو سفيان وأصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا عصابة تشد لأمر الله تطلب عدوها؟ فإنه أنكى للعدو، وأبعد للسمع» فانطلق عصابة منهم على ما يعلم الله تعالى من الجهد.

وفسرت عائشة رضي الله عنها هذه الآية أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}، قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي، كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ: الزُّبَيْرُ، وَأَبُو بَكْرٍ، لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ عَنْهُ المُشْرِكُونَ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، قَالَ: «مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ» فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَالزُّبَيْرُ.

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)}

وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} يعني أبا سفيان وأصحابه {قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الرجال لقتالكم {فَاخْشَوْهُمْ} فخافوهم واحذروهم، فإنه لا طاقة لكم بهم {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} يقيناً إلى يقينهم، وتصديقاً لله ولوعده ووعد رسوله إلى تصديقهم، ولم يردهم ذلك عن خروجهم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسير فيه، ولكن ساروا حتى بلغوا رضوان الله منه، وقالوا ثقة بالله وتوكلاً عليه {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ} أي: كافينا الله {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي: الموكل إليه الأمور، أي ونعم الحافظ الذي يوكل له الأمر ويعتمد عليه فيه.

أخرج البخاري في صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، «قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا، وَقَالُوا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
السبت 10 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 728
عدد التحميلات 8
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق