السبت 5 رجب 1446 هـ
04 يناير 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-82 كتاب الصلاة، الحديث 365و366و367و368و369و370و371   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-81 كتاب الصلاة، الحديث 359و360و361و362و363و364   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (25-35)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (17-24)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود 9-16   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (1-8)   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14      

تفسير سورة النساء 94

تفسير سورة النساء 94

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا}

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال: " كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ -أي قطيع صغير من الغنم- فَلَحِقَهُ المُسْلِمُونَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} إِلَى قَوْلِهِ: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} تِلْكَ الغُنَيْمَةُ " قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّلاَمَ. هذا سبب نزول الآية.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ} يعني إذا خرجتم للجهاد في سبيل الله {فَتَبَيَّنُوا} وتثبتوا، أي: قفوا وتأملوا وتحققوا وتأنُوا حتى تعرفوا المؤمن من الكافر {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} الذي هو تحية المسلمين {لَسْتَ مُؤْمِنًا} فتقتلوه {تَبْتَغُونَ} أي تطلبون وتريدون {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} منافعها ومتاعها، وهي الغنيمة {فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ} أي: غنائم {كَثِيرَةٌ} هي خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام، وأظهر لكم الإيمان، فتغافلتم عنه واتهمتموه بالمصانعة والتقية؛ لتبتغوا عرض الحياة الدنيا، فما عند الله من الرزق الحلال خير لكم من مال هذا {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ} كذلك كنتم تكتمون إيمانكم من المشركين كما يفعل هذا الذي يسر إيمانه {فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ} بإظهار الإسلام فتفضل الله عليكم بإعزاز دينه بأنصاره وكثرة أهله، وقال قتادة: كنتم ضلالاً من قبل فمن الله عليكم بالهداية {فَتَبَيَّنُوا} فلا تعجلوا بقتل من أردتم قتله، ممن التبس عليكم أمر إسلامه، فلعل الله أن يكون قد من عليه بالإسلام {إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ} إن الله كان بقتلكم من تقتلون وكفكم عمن تكفون عن قتله من أعداء الله وأعدائكم وغير ذلك من أموركم وأمور غيركم {خَبِيرًا} ذا خبرة وعلم به، يحفظه عليكم وعليهم، حتى يجازي جميعكم به يوم القيامة جزاء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

من هذا نأخذ أن الأمور التي لا تكون واضحة يجب التأني فيها وعدم العجلة حتى تتضح؛ خشية مفسدة الاستعجال فيها، قال أهل العلم: الأمور قسمان: واضحة وغير واضحة، فالواضحة البيِّنة لا تحتاج إلى تثبت وتبين؛ لأن ذلك تحصيل حاصل. وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف هل يُقدم عليها أم لا؟

فإن التثبت في هذه الأمور يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف لشرور عظيمة؛ ما به يعرف دين العبد وعقله ورزانته، بخلاف المستعجل للأمور في بدايتها، قبل أن يتبين له حكمها، فإن ذلك يؤدي إلى ما لا ينبغي، كما جرى لهؤلاء الذين عاتبهم الله في الآية لمَّا لم يتثبتوا وقتلوا من سلم عليهم.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 12 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 259
عدد التحميلات 8
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق