الاحد 22 جمادة الاخرة 1446 هـ
22 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52      

تفسير سورة المائدة، الآية (3)

تفسير سورة المائدة، الآية (3)

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ما مات بغير ذكاة شرعية، كالذي مات حتف أنفه {وَالدَّمُ} يعني: وحرم عليكم الدم؛ و «الدم» معروف؛ والمراد به هنا الدم المسفوح دون الذي يبقى في اللحم، والعروق، ودم الكبد، والقلب؛ لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} أي: وحرم عليكم لحم الخنزير؛ و«الخنزير» حيوان معروف قذر، وأراد به جميع أجزائه، فعبر عن ذلك باللحم لأنه معظمه {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} يعني: وحرم عليكم ما أهلَّ به لغير الله، أي: ما ذبح للأصنام والأضرحة والجن والطواغيت، وأصل الإهلال رفع الصوت، وكانوا إذا ذبحوا لآلهتهم يرفعون أصواتهم بذكرها، فجرى ذلك من أمرهم حتى قيل لكل ذابح وإن لم يجهر بالتسمية: مهل، وقال الربيع بن أنس وغيره: (وما أهل به لغير الله) قال: ما ذكر عليه اسم غير الله {وَالْمُنْخَنِقَةُ} وهي التي تخنق فتموت، قال أهل العلم: كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة حتى إذا ماتت أكلوها {وَالْمَوْقُوذَةُ} هي المقتولة بالضرب، قال قتادة: كانوا يضربونها بالعصا فإذا ماتت أكلوها {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} هي التي تتردى أي تسقط من مكان عال أو في بئر فتموت {وَالنَّطِيحَةُ} هي التي تنطحها أخرى فتموت {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} يريد ما بقي مما أكل السبع، وهو الحيوان المفترس، وكان أهل الجاهلية يأكلونه {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} يعني إلا ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء ماعدا الخنزير فذبحتموه قبل خروج روحه فكلوه، والمراد هنا بالتذكية: إتمام فري -قطع- الأوداج – العروق التي تحيط بالعنق - وإنهار- أي إسالة- الدم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم وذُكر اسمُ الله عليه فكل غيرَ السنِّ والظفْر» قال الحسن البصري: أي هذا أدركت ذكاته فذكه وكل. فقيل له: يا أبا سعيد كيف أعرف؟ قال: إذا طرفت بعينها أو ضربت بذنبها " {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} أي ما ذبح للنصب، قالوا: على بمعنى اللام أي: وما ذبح لأجل النصب، والنصب هو الشيء المنصوب، القائم، قال مجاهد وقتادة: كانت حول البيت ثلاثُمائةٍ وستون حجراً منصوبة، كان أهل الجاهلية يعبدونها ويعظمونها ويذبحون لها، وليست هي بأصنام إنما، الأصنام هي المصورة المنقوشة {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ} أي: وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام، والاستقسام هو طلب القَسْم والحُكم من الأزلام، والأزلام هي: القِداح -أي أعواد السهام- التي لا ريش لها ولا نَصل، واحدها: زَلَم، وزُلَم، بفتح الزاي وضمها، قال الطبري رحمه الله: وَأَنْ تَطْلُبُوا عِلْمَ مَا قُسِمَ لَكُمْ أَوْ لَمْ يُقْسَمْ، بِالْأَزْلَامِ. وَهُوَ اسْتَفْعَلْتُ مِنَ الْقَسْمِ: قَسْمِ الرِّزْقِ وَالْحَاجَاتِ. وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ غَزْوًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَجَالَ الْقِدَاحَ، وَهِيَ الْأَزْلَامُ، وَكَانَتْ قِدَاحًا مَكْتُوبًا عَلَى بَعْضِهَا: نَهَانِي رَبِّي، وَعَلَى بَعْضِهَا: أَمَرَنِي رَبِّي، فَإِنْ خَرَجَ الْقَدَحُ الَّذِي هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: أَمَرَنِي رَبِّي، مَضَى لِمَا أَرَادَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَزْو أَوْ تَزْوِيجٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَإِنْ خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: نَهَانِي رَبِّي، كَفَّ عَنِ الْمُضِيِّ لِذَلِكَ وَأَمْسَكَ فَقِيلَ: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ} [المائدة: 3] لِأَنَّهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ كَانُوا كَأَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ أَزْلَامَهُمْ أَنْ يَقْسِمْنَ لَهُمْ. انتهى {ذَلِكُمْ} هذه الأمور التي ذكرها، وهي أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وسائر ما ذكر في هذه الآية مما حرم أكله، والاستقسام بالأزلام {فِسْقٌ} يعني: خروج عن أمر الله وطاعته إلى ما نهى عنه وزجر، وإلى معصيته.

{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} يعني: أن ترجعوا إلى دينهم كفاراً، وذلك أن الكفار كانوا يطمعون في رجوع المسلمين إلى دينهم إلى الكفر، فلما قوي الإسلام يئسوا من ذلك، ويئس وأيس بمعنى واحد {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} أي فلا تخافوا المشركين، وخافوا رب العالمين أن يعذبكم إذا خالفتم أمره {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} نزلت هذه الآية يوم الجمعة يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته، وكانت هذه الآية نعي النبي صلى الله عليه وسلم وعاش بعدها إحدى وثمانين يوماً. قوله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} يعني: يوم نزول هذه الآية أكملت لكم دينكم، يعني الفرائض والسنن والحدود والجهاد والأحكام والحلال والحرام، فلم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام، ولا شيء من الفرائض والسنن والحدود والأحكام {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} بإكماله، وقيل يعني: وأنجزت وعدي في قوله: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} [البقرة: 150] فكان من تمام نعمته أن دخلوا مكة آمنين وعليها ظاهرين، وحجوا مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} أي: اخترته واصطفيته لكم دينا، قوله عز وجل: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} أي: أُجهد في مجاعة، والمخمصة خلو البطن من الغِذاء، يقال: رجل خميص البطن إذا كان طاويا خاويا، يعني من أصابته مجاعة واضطر أن يأكل مما حرم {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} أي: غير مائل إلى إثم، قال قتادة: غير متعرض لمعصية في مقصده {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: فأكله فإن الله غفور رحيم.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 12 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 2539
عدد التحميلات 10
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق