تفسير سورة الأنعام 7-10
{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}
{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ} يا محمد {كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} لو نزلنا من السماء صحفاً فيها كتابة، قال أهل العلم: القرطاس: الصحيفة {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} أي: عاينوه ومسوه بأيديهم وقرؤه {لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} أي ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر بين واضح، سحرت به أعيننا، ليست له حقيقة ولا صحة، معناه: أنهم لم يصدقوا به، ولا ينفع معهم شيء.
{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8)}
{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ} على محمد صلى الله عليه وسلم {مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ} أي: لوجب العذاب، وفرغ من الأمر {ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ} أي: لا يؤجلون ولا يمهلون، وقال قتادة: لو أنزلنا ملكاً ثم لم يؤمنوا لعُجل لهم العذاب ولم يؤخروا طرفة عين.
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9)}
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا} يعني: لو أرسلنا إليهم ملكا {لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} يعني في صورة رجل آدمي؛ ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} أي: خلطنا عليهم ما يخلطون، وشبهنا عليهم، فلا يدرون أملك هو أو آدمي.
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)}
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} كما استهزئ بك يا محمد، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم {فَحَاقَ} فنزل {بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أي: جزاء استهزائهم نزل بهم من العذاب والنقمة.
هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه، ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة، في الدنيا والآخرة.