الخميس 20 جمادة الاولى 1446 هـ
21 نوفمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-77 كتاب التيمم، الحديث 344   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-12   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-11   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-76 كتاب التيمم، الحديث 338و339و340و341و342و343   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-10   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-9   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-75 أول كتاب التيمم، الحديث 334و335و336و337   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-74 آخر كتاب الحيض، الحديث 324و325و326و327و328و329و330و331و332و333   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-73 كتاب الحيض، الحديث 318و319و320و321و322و324,323   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-8      

تفسير سورة الأنعام (104-108)

تفسير سورة الأنعام (104-108)

{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}

{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} يعني: الحجج البينة التي تبصرون بها الهدى من الضلالة، والحق من الباطل، فالبصائر جمع بصيرة، يعني بالبصيرة: الحجة البينة الظاهرة {فَمَنْ أَبْصَرَ} أي: فمن عرفها وآمن بها {فَلِنَفْسِهِ} عمله ونفعه له {وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} أي: من عمي عنها فلم يعرفها ولم يصدقها فعليها، أي: بنفسه ضر، وإليها أساء لا إلى غيرها {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} وما أنا عليكم برقيب أحصي عليكم أعمالكم، وإنما أنا رسول أبلغكم رسالات ربي، والله الحفيظ عليكم الذي لا يخفى عليه شيء من أفعالكم، فالله يعلمها ويجازيكم عليها، وأنا عليّ البلاغ.

{وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) }

{وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ} كما بينت لكم أيها الناس الآيات والحجج في هذه السورة، فعرفتكموها في توحيدي وتصديق رسولي وكتابي، فكذلك أبين لكم آياتي وحججي في كل ما جهلتموه فلم تعرفوه من أمري ونهيي {وَلِيَقُولُوا} أي وسيقول المشركون عندها {دَرَسْتَ} أي قرأت على غيرك، وقيل: قرأت كتب أهل الكتاب، أي ليس هذا وحيا من الله بل أخذته عن أهل الكتاب وتعلمته منهم {وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ولنبين القرآن لقوم يعلمون الحق إذا تبين لهم، فيتبعوه ويقبلوه، وهم المؤمنون برسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه، وليسوا كمن إذا بين لهم عموا عنه، فلم يعقلوه وازدادوا من الفهم به بعدا.

{اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}

{اتَّبِعْ} يا محمد {مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} يعني: القرآن وكل ما أوحاه إليك، اعمل به {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} لا معبود بحق إلا الله {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} فلا تجادلهم.

قال الطبري رحمه الله: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: اتبع يا محمد ما أمرك به ربك في وحيه الذي أوحاه إليك، فاعمل به، وانزجر عما زجرك عنه فيه، ودع ما يدعوك إليه مشركو قومك من عبادة الأوثان والأصنام، فإنه {لا إله إلا هو} يقول: لا معبود يستحق عليك إخلاص العبادة له إلا الله الذي هو فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح، وجاعل الليل سكناً، والشمس والقمر حسباناً {وأعرض عن المشركين} يقول: ودع عنك جدالهم وخصومتهم. ثم نسخَ ذلك جل ثناؤه بقوله في براءة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] الآية. انتهى

{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) }

{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} أي: ولو شاء الله لجعل المشركين مؤمنين، ولكن له حكمة في إضلالهم، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} يعني إنما بعثتك إليهم رسولاً مبلغاً، ولم نبعثك حافظاً عليهم أي لم نرسلك حافظاً تحفظ أعمالهم وأقوالهم، فإنما عليك البلاغ {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} أي: وما أنت بموكل على أرزاقهم وأمورهم، فالله تبارك وتعالى هو الذي يحصي أعمال عباده ويجازيهم عليها وهو الذي يرزقهم ويدبر أمورهم، وأما أنت فما عليك إلا البلاغ.

{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) }

{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال قتادة: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك، لئلا يسبوا الله فإنهم قوم جهلة {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} يعني: الأوثان، أي لا تسبوا الأوثان {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا} أي: اعتداء وظلما {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي فيسبَّ المشركون اللهَ جهلاً منهم بربهم، واعتداءً بغير علم، وظاهر الآية وإن كان نهيا عن سب الأصنام فحقيقته النهي عن سب الله تعالى؛ لأنه سبب لذلك. قال ابن كثير: يقول تعالى ناهياً لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلا هو. انتهى ومن هذه الآية وغيرها أخذ أهل العلم قاعدة: "ترك المصلحة لدفع المفسدة الأعظم منها" {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} أي: كما زينا لهؤلاء المشركين عبادة الأصنام وطاعة الشيطان بالحرمان والخذلان، كذلك زينا لكل أمة عملهم من الخير والشر والطاعة والمعصية {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ} بعد ذلك ومصيرهم إلى الله {فَيُنَبِّئُهُمْ} فيخبرهم {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ويجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، أو يعفو بفضله، ما لم يكن شركًا أو كفرًا.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
السبت 13 ذو القعدة 1443
عدد المشاهدات 185
عدد التحميلات 9
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق