تفسير سورة الأعراف (161-163)
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161)}
{وَإِذْ} واذكر أيها الرسول حين {قِيلَ لَهُمُ} قال الله لبني إسرائيل {اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} التي فيها بيت المقدس {وَكُلُوا مِنْهَا} من ثمارها {حَيْثُ شِئْتُمْ} من أي مكان منها {وَقُولُوا حِطَّةٌ} أي قولوا هذه الكلمة: حطة، أَيِ احْطُطْ عَنَّا خَطَايَانَا: ذنوبنا {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} قال أهل التفسير: هو أحد أبواب بيت المقدس، ادخلوه وأنتم راكعون، أمروا أن يدخلوا ركعاً خاضعين لله {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ} أي إذا فعلتم ما أمرناكم غفرنا لكم الخطيئات أي المعاصي{سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}الطائعين نزيدهم بالطاعة ثواباً.
{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) }
{فَبَدَّلَ} فغير {الَّذِينَ ظَلَمُوا} العصاة {مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} فقالوا: حبة في شعيرة بدل حطة، مخالفة لأمر الله وعناداً {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا} عذاباً {مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ} أي أنزل العذاب عليهم بسبب ظلمهم.
وقد تقدم تفسير مثل هذه الآيات في أوائل سورة البقرة.
{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) }
{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} أي: سل يا محمد هؤلاء اليهود الذين هم جيرانك سؤال توبيخ وتقريع عن القرية التي كانت حاضرة البحر يعني لها شاطئ على البحر {إِذْ يَعْدُونَ} أهل القرية {فِي السَّبْتِ} أي يعتدون فيه، ويخالفون أمر الله تعالى بصيد السمك وقد نهاههم عن الصيد يوم السبت {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} أي: فابتلاهم الله تبارك وتعالى، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم السبت كثيرة ظاهرة على وجه البحر قريبة من الشاطئ {وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ} لا يدخلون في السبت، فإذا ذهب السبت {لَا تَأْتِيهِمْ} لا تظهر لهم الحيتان {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ} نختبرهم {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} هذا البلاء ابتلاهم الله به بسبب فسقهم.
فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت بما وضعوا لها من الحسك الذي يصاد به السمك، والحبائل والبرك قبل يوم السبت، فلما جاءت يوم السبت على عادتها في الكثرة علقت بتلك الحبائل والحسك، فلم تتخلص منها وبقيت محبوسة فيها يوم السبت، فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت. فاصطادوا يوم السبت ولكن بالحيلة.