الاحد 22 جمادة الاخرة 1446 هـ
22 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52      

تفسير سورة براءة، ويقال التوبة 1-4

تفسير سورة براءة، ويقال التوبة 1-4
هَذِه السُّورَة الْكَرِيمَةُ مدنية، وهي آخر سورة نَزَلَت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كاملة، أخرج الْبُخَاري في صحيحه عن الْبَرَاء قال: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النَّسَاءِ: 176]، وَآخِرُ سورة نزلت: "براءة".

والصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوا سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) في سورة «براءة»، هذه في المصاحف العثمانية، واختلف العلماء في سبب سقوط البسملة منها على أقوال، لم أجد دليلاً صحيحاً يقوي أحد الأقوال على الأخرى.
قال صالح بن الإمام أحمد: وسألته -يعني الإمام أحمد- عن سورة الأنفال وسورة التوبة: هل يجوز للرجل أن يفصل بينهما بـ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟

قال أبي: يُنتهى في القرآن إلى ما أجمعوا عليه، أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يزاد فيه ولا ينقص.

قال ابن كثير: وإنما لم يُبَسْمَلُ فِي أَوَّلِهَا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكْتُبُوا البسملة في أولها في المصحف الإمام، بل اقتدَوا فِي ذَلِكَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.

{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)}

أي تَبَرؤٌ من الله ورسوله إلى من كان له عهد من المشركين، والبراءة: خُرُوج من الشَّيْء، ومفارقة لَهُ.

أي: هذه براءة من الله ومن رسوله إلى جميع المشركين المعاهَدين، أي الذين بينهم وبين المسلمين عهد على أنه لا قتال بينهم، أن لهم أربعة أشهر يمشون في الأرض على اختيارهم، آمنين من المؤمنين، وبعد الأربعة أشهر فلا عهد لهم، ولا ميثاق.

{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)}

{فَسِيحُوا} أيها المشركون المعاهدون {فِي الْأَرْضِ} أي: قل لهم سيحوا أي: سيروا في الأرض آمنين غير خائفين أحداً من المسلمين {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} وبعدها لا عهد لكم وأمان {وَاعْلَمُوا} وأيقنوا {أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} لن تفلتوا من عذاب الله وعقابه إذا بقيتم على كفركم {وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} أي: مذلهم بالقتل

في الدنيا والعذاب في الآخرة.

اختلف العلماء في هذا التأجيل، وفي هؤلاء الذي برئ الله ورسوله إليهم من العهود التي كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن كثير: اختلف المفسرون هاهنا اختلافاً كثيراً، فقال قائلون: هذه الآية لذوي العهودِ المطلقةِ غيرَ المؤقتة أو من له عهد دون أربعة أشهر فيُكمُل له أربعةُ أشهر، فأما من كان له عهد مؤقت فأجله إلى مدته مهما كان، لقوله تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4] الآية، ولِما سيأتي في الحديث. ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته، وهذا أحسن الأقوال وأقواها، وقد اختاره ابن جرير رحمه الله.

فهذا القول يعني: كل من له عهد إلى مدة محددة فيُتم له عهده إلى المدة المحددة على حسب الاتفاق، ومن له عهد غير محدد بوقت أو كان عهده أقل من أربعة أشهر؛ فهؤلاء يعطون عهداً إلى أربعة أشهر، تبدأ من يوم الحج الأكبر وتنتهي بانتهاء عشر من ربيع الآخر. وهذا القول هو الصواب. والله أعلم

{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)}

{وَأَذَانٌ} عطف على قوله: {بَرَاءَةٌ} أي: إعلام {مِنَ اللَّهِ وَ} من {رَسُولِهِ إِلَى} جميع {النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} اختلفوا في يوم الحج الأكبر، والراجح أنه يوم النحر.

{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} أي: ورسوله أيضا بريء من المشركين، ثم دعاهم إلى التوبة فقال: {فَإِنْ تُبْتُمْ} مما أنتم فيه من الشرك والضلال {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} أعرضتم عن الإيمان، واستمررتم على ما أنتم عليه {فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} بل هو قادر عليكم، وأنتم في قبضته، وتحت قهره ومشيئته، فلا يمكنكم الخلاص من عذابه وعقابه {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} موجع مؤلم.

{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)}

{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} هذا استثناء من قوله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} إلا من له عهد مؤقت، أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بإتمام عهدهم إلى مدتهم، والسبب أنهم لم ينقضوا العهد، وهذا معنى قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} لم يخونوا عهدهم الذي عاهدتموهم عليه {وَلَمْ يُظَاهِرُوا } لم يعاونوا {عَلَيْكُمْ أَحَدًا} من عدوكم {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ} فأوفوا لهم بعهدهم {إِلَى مُدَّتِهِمْ} إلى أجلهم الذي عاهدتموهم عليه {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} إن الله يحب من اتقى عذابه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، ومن ذلك الوفاء بالعهد، واجتناب الخيانة.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 22 محرم 1445
عدد المشاهدات 431
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق