الاربعاء 23 رجب 1446 هـ
22 يناير 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-84 كتاب الصلاة، الحديث 375و376و377و378و379   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-83 كتاب الصلاة، الحديث 372و373و374   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-82 كتاب الصلاة، الحديث 365و366و367و368و369و370و371   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-81 كتاب الصلاة، الحديث 359و360و361و362و363و364   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (25-35)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (17-24)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود 9-16   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (1-8)   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350      

تفسير سورة التوبة (61-68)

تفسير سورة التوبة (61-63)

{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)}

{وَمِنْهُمُ} أي ومن المنافقين القوم {الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} بالكلام فيه {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} سامعةٌ، أي يسمع من كل أحدٍ ما يقوله، فيقبله ويصدِّقه.

يقال: فلان أذن سامعة، إذا كان يسمع كلَّ ما قيل له ويقبله. {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} أي: مستمع خير وصلاح لكم، لا مستمع شر وفساد، ويَعْرِفُ الصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي: يصدق المؤمنين، ويقبل منهم لا من المنافقين {وَرَحْمَةٌ} أي: وهو رحمة {لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} لأنه كان سبب إيمان المؤمنين، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62)}

{يَحْلِفُونَ} أي المنافقون {بِاللَّهِ لَكُمْ} أيها المؤمنون {لِيُرْضُوكُمْ} لترضوا عنهم، يحلفون أنهم لم يؤذوا النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم على دينكم يريدون بذلك رضاكم {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} فالأولى العمل على تحصيل مرضاة الله ورسوله بالتوبة، وفعل ما أمروا به وترك ما نهوا عنه؛ إن كانوا مؤمنين حقاً.

{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)}

{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أَيْ أَلَمْ يَتَحَقَّقُوا وَيَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ حَادَّ الله عز وجل، أَيْ شَاقَّهُ وَحَارَبَهُ وَخَالَفَهُ، وَكَانَ فِي حَدٍّ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي حَدٍّ {فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا} ماكثا فيها مكثا طويلاً إلى غير نهاية، مهانا معذبا {ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} قال البغوي: أي: الفضيحة العظيمة. وقال ابن كثير: أَيْ وَهَذَا هُوَ الذُّلُّ الْعَظِيمُ والشقاء الكبير.

تفسير سورة التوبة 64-68

‌‌{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ [64]}

{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنزلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} أي يخاف المنافقون أن يُنزل الله على رسوله سورة تفضحهم وتخبر بأسرارهم وكفرهم الباطن، حتى تكون علانية لعباده ويكونوا عبرة للمعتبرين.

قال قتادة: كانت تسمى هذه السورة "الفاضحة" فاضحة المنافقين. انتهى، قال السعدي: لأنها بينت أسرار المنافقين، وهتكت أستارهم، فما زال الله يقول: ومنهم ومنهم، ويذكر أوصافهم، إلا أنه لم يعين أشخاصهم لفائدتين:

إحداهما: أن الله سِتِّيرٌ يحب الستر على عباده.

والثانية: أن الذم على من اتصف بذلك الوصف من المنافقين الذين توجه إليهم الخطاب، وغيرِهم إلى يوم القيامة، فكان ذكر الوصف أعمَّ وأنسب، حتى خافوا غاية الخوف. انتهى

{قُلِ} للمنافقين يا محمد {اسْتَهْزِئُوا} أي استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية، وهو أمر تهديد {إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} إن الله مخرج ما تخافون.

وقد وفَّى تعالى بوعده فأنزل هذه السورة التي بينتهم وفضحتهم وهتكت أستارهم.

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [65]}

أخرج الطبري وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي مَجْلِسٍ: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلَاءِ، أَرْغَبَ بُطُونًا، وَلَا أَكْذَبَ أَلْسِنَةً، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ فِي الْمَجْلِسِ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ مُتَعَلِّقًا بِحَقَبِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، تَنْكُبُهُ الْحِجَارَةُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}». انتهى

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} عما قالوه من الطعن في المسلمين، وفي الدين {ليَقُولُونَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} أي لاعتذروا لأنفسهم بقولهم: كنا نتكلم بكلام لا قصد لنا به، نتكلم بكلام نقطع به الطريق، ولم نقصد الطعن والعيب بك وبالمؤمنين.

قال الله تعالى -مبينا عدم عذرهم وكذبهم في ذلك- {قُلْ} لهم يا محمد {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}

{لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ [66]}

{لا تَعْتَذِرُوا} بهذه الأعذار {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} قد أظهرتم كفركم باستهزائكم بعد إظهاركم الإيمان، فإن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة.

ولهذا لما جاءوا إلى الرسول يعتذرون بهذه المقالة والرسول لا يزيدهم على قوله {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}

{إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ} واحدٍ أو أكثر {مِنْكُمْ} لتوبتهم واستغفارهم وندمهم ورجعوهم عن النفاق، وتركهم الكفر {نُعَذِّبْ طَائِفَةً} منكم {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {كَانُوا مُجْرِمِينَ} باقين على نفاقهم وكفرهم.

قال العلماء رحمهم الله: وفي هذه الآيات دليل على أن من استهزأ بشيء من كتاب الله أو سنة رسوله الثابتة عنه أو سخر بذلك أو تنقصه أو استهزأ بالرسول أو تنقصه فإنه كافر بالله العظيم، وأن التوبة مقبولة من كل ذنب وإن كان عظيما.

‌‌{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [67]}

{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} لأنهم اشتركوا في النفاق، فاشتركوا في تولي بعضِهم بعضا.

ثم ذكر وصف المنافقين العام، الذي لا يخرج منه صغير منهم ولا كبير، فقال: {يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ} وهو الكفر والفسوق والعصيان {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} وهو الإيمان، والطاعة {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} عن الصدقة وطرق الإحسان، فوصفهم البخل.

{نَسُوا اللَّهَ} تركوا الإيمان به وطاعته {فَنَسِيَهُمْ} فتركهم من رحمته وتوفيقه، فلا يوفقهم لخير، ولا يدخلهم الجنة.

قال الطبري: فَإِنَّ مَعْنَاهُ: تَرَكُوا اللَّهَ أَنْ يُطِيعُوهُ وَيَتَّبِعُوا أَمْرَهُ، فَتَرَكَهُمُ اللَّهُ مِنْ تَوْفِيقِهِ وَهِدَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.

وَقَدْ دَلَلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى أَنَّ مَعْنَى النِّسْيَانِ التَّرْكُ بِشَوَاهِدِهِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا. انتهى

من معاني النسيان في اللغة: الترك.

قال ابن فارس في مقاييس اللغة:

النُّونُ وَالسِّينُ وَالْيَاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ:

يَدُلُّ أَحَدُهُمَا: عَلَى إِغْفَالِ الشَّيْءِ.

وَالثَّانِي: عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ. انتهى

فالآية على ظاهرها لا تأويل فيها.

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} هم الخارجون عن الإيمان بالله وطاعته، قال السعدي: حصر الفسق فيهم؛ لأن فسقهم أعظم من فسق غيرهم، بدليل أن عذابهم أشد من عذاب غيرهم، وأن المؤمنين قد ابتلوا بهم، إذ كانوا بين أظهرهم، والاحتراز منهم شديد. انتهى

{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [68]}

{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} لا يخرجون منها أبداً {هِيَ حَسْبُهُمْ} كافيتهم في العذاب {وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ} طردهم من رحمته {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} دائم لا ينقطع.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الثلاثاء 18 ربيع ثان 1445
عدد المشاهدات 304
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق