الاربعاء 2 رجب 1446 هـ
01 يناير 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-81 كتاب الصلاة، الحديث 359و360و361و362و363و364   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (25-35)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (17-24)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود 9-16   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (1-8)   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13      

تفسير سورة هود (1-8)

تفسير سورة هود (1-8)

سورة هود سورة مكية

ولم يصح في فضلها شيء خاص.
وحديث "شيبتني هود وأخواتها" ضعيف، ضعفه الحفاظ.

قال بعض أهل العلم: سميت سورة هود بهذا الاسم مع أنه ذُكر فيها جمع من الأنبياء؛ لأن اسم هود تكرر فيها ما لم يتكرر في غيرها، قالوا: ولكن نوحاً تكرر أيضاً أكثر من تكرر اسم هود؟ قالوا: نوح له سورة سميت باسمه لأن قصته مذكورة فيها بمفردها. فلذلك سميت هذه بهود عليه السلام. والله أعلم

{{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ‌‌(1)

{الر} تقدم القول في الحروف المقطعة في أول السور في أول سورة البقرة {كِتَابٌ} أي: هذا كتاب، وهو القرآن {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} أي أتقنت فليس فيها نقص ولا خلال، ولا اختلاف ولا تناقض {ثُمَّ فُصِّلَتْ} بُيِّنت بذكر الحلال والحرام وغير ذلك {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} من عند حكيم في تدبير الأمور، خبير بأحوال العباد وبما يصلحهم.


قال السعدي رحمه الله: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ} يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، لا يأمر ولا ينهى إلا بما تقتضيه حكمته، {خَبِيرٍ} مطلع على الظواهر والبواطن.

فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير، فلا تسأل بعد هذا عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة، وسعة الرحمة".

{أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢)}

{أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} أي: في ذلك الكتاب من التفصيل ألا تعبدوا إلا الله، أي فيه الأمر بعبادة الله وحده، والنهي عن عبادة ما سواه تبارك وتعالى {إِنَّنِي} هذا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: إِنَّنِي {لَكُمْ مِنْهُ} أي: من الله {نَذِيرٌ} للعاصين بالعذاب {وَبَشِيرٌ} للمطيعين بالثواب.

{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣)}

{وَ} آمركم {أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} بأن تطلبوا من الله أن يغفر لكم ذنوبكم الماضية، أي طلب محوها وعدم المؤاخذة عليها {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي: ارجعوا إليه بالطاعة فيما سيأتي من أعمالكم.

قال أهل العلم في بيان الفرق بين الاستغفار والتوبة:

"التوبةَ لا تكون إلَّا لنفسه، بخلاف الاستغفار، فإنه يكونُ لنفسه ولغيره".

يعني أنه يستغفر لنفسه ولغيره، بخلاف التوبة، يتوب لنفسه فقط.

وقال: "والتوبةَ: هي الندمُ على ما فَرَطَ منه في الماضي، والعزمُ على الامتناع عنه في المستقبل.

والاستغفارَ: طلبُ الغفران لِمَا صَدَرَ منه، ولا يَجِبُ فيه العزمُ في المستقبل. انتهى

وقال ابن رجب رحمه الله: "وكثيرًا ما يقترن الاستغفار بذكر التوبة، فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح". انتهى

وانظروا ما قاله ابن القيم رحمه الله في الفرق بينهما في مدارج السالكين (1/ 474- عطاءات العلم) في "فصل: وأمّا الاستغفار، فهو نوعان: مفردٌ، ومقرونٌ بالتّوبة"، فهو مفيد.

فإن فعلتم ذلك {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا} في الدنيا، بأن يوسع عليكم زينة الدنيا ومتاعها {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} إلى حين الموت {وَيُؤْتِ} ويعطي الله تبارك وتعالى {كُلَّ ذِي فَضْلٍ} كل صاحب عمل صالح {فَضْلَهُ} أي: ويعطي كل صاحب عمل صالح في الدنيا؛ أجره وثوابه في الآخرة {وَإِنْ تَوَلَّوْا} أعرضوا، ولم يفعلوا ما أمرتُهم به من التوحيد والاستغفار والتوبة {فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} وهو يوم القيامة.

قال ابن كثير: "هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى وكذب رسله، فإن العذاب يناله يوم القيامة لا محالة".

{إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4)}

{إلى اللهِ مَرْجِعُكُم} إلى الله ترجعون يوم القيامة {وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ} ومِن ذلك مجازاتكم على أعمالكم يوم القيامة؛ فاحذروا.
قال ابن كثير: "أي: وهو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه، ‌وانتقامه ‌من ‌أعدائه، وإعادته الخلائق يوم القيامة، وهذا مقام الترهيب، كما أن الأول مقام ترغيب".

{أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)}

{أَلَا إِنَّهُمْ} الكفار {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} أي يَطوُون صدورهم، يَحنُونها {لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} أي لِيُخفوا عن الله ما فيها من كفر في ظنهم، فأعلمهم الله أنه لا يخفى عليه شيء فقال: {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} حين يتغطون بثيابهم {يَعْلَمُ} الله تبارك وتعالى {مَا يُسِرُّونَ} ما يكتمون {وَمَا يُعْلِنُونَ} وما يُظهرون {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} بما في القلوب؛ فلا تغني عنهم شيئاً محاولةُ إخفائهم.

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)‌‌}

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} أي: لا يوجد دابة، والدابة: كل حيوان يدب على وجه الأرض {إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} أي هو المتكفل برزقها فضلا، فهو الرزاق الكريم سبحانه {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا} قيل: المكان الذي تأوي إليه، وتستقر فيه ليلا ونهارا، وقيل أرحام الأمهات {وَمُسْتَوْدَعَهَا} قيل: الموضع الذي تدفن فيه إذا ماتت. وقيل: المكان الذي تموت فيه. وقيل: أصلاب الآباء.

{كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} أي: كل ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ قبل خلقها.

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)}

{وَهُوَ} الله تبارك وتعالى {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا، أي في تقديرها، وَلَوْ شَاءَ لَخَلَقَهُنَّ فِي لَمْحَة، وَلم يفعل ذلك لِتعليم خلقه التثبت. هذا قول. راجعوا سورة يونس الآية الثالثة.

{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قبل خلق السماء والأرض، العرش سرير الملك الذي استوى عليه الرحمن تبارك وتعالى، تقدم وصفه في سورة يونس في الآية الثالثة {لِيَبْلُوَكُمْ} ليختبركم وهو أعلم {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه".

قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه"؟

فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.

والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة".

{وَلَئِنْ قُلْتَ} يا محمد لهم {إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ} لتحاسبوا {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا} ما هذا القرآن {إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} بين واضح، وفي قراءة: (ساحر) يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم.

{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ‌‌(8)}

{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ} عن المشركين {الْعَذَابَ} الذي يستحقونه في الدنيا {إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} إلى أجل محدود، فمن معاني: "أمة" الزمن، أي الوقت.

{لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} أي: أي شيء يحبسه؟ أي ما الذي يمنع العذاب من النزول بهم؟ يقولونه استعجالا للعذاب واستهزاء، يعنون أنه مجرد كذب، قال الله تعالى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ} يعني العذاب {لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} لا يكون مصروفا عنهم، فلا يمنعه عنهم شيء {وَحَاقَ بِهِمْ} أحاط بهم {مَا} العذاب الذي {كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاربعاء 25 جمادة الاخرة 1446
عدد المشاهدات 56
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق