الاربعاء 2 رجب 1446 هـ
01 يناير 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-81 كتاب الصلاة، الحديث 359و360و361و362و363و364   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (25-35)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (17-24)   تفسير القرآن: تفسير سورة هود 9-16   تفسير القرآن: تفسير سورة هود (1-8)   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13      

تفسير سورة هود (17-24)

تفسير سورة هود (17-24)

{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)}

{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ ‌مِنْ ‌ربه} أَيْ: على بَيَانٍ وَيَقين، ومعه حجة وبرهان؛ يَعْنِي: مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} جِبْرِيلُ ‌شاهدٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل يتلو القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

{وَمِنْ قَبْلِهِ} مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ {كِتَابُ مُوسَى} أي: كان كتاب موسى {إِمَامًا وَرَحْمَةً} لمن اتبعها، يعني التوراة، وهي مصدقة للقرآن شاهدة للنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً.

يعني: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ ‌مِنْ ‌رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ ‌شاهدٌ مِنْهُ؛ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَكْفُرُ بِالْقُرْآنِ ولا يطلب بعمله إلا الحياة الدنيا وزينتها؟! أَيْ: أَنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل.

{أُولَئِكَ} المؤمنون {يُؤْمِنُونَ بِهِ} بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ} أي: بالقرآن أو بمحمد صلى الله عليه وسلم {مِنَ الْأَحْزَابِ} من الكفار أهل الملل كلِّها {فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} أي فيصير إلى نار جهنم في الآخرة بتكذيبه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ‌لَا ‌يَسْمَعُ ‌بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار"

قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} أي فلا تكن في شك من أن هذا القرآن من عند الله، وأن موعد من كفر به النار {إِنَّهُ} إن هذا القرآن {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} لا شك فيه {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} بذلك مع وجود الأدلة الواضحة.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ‌‌(18) }

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أي لا أحدَ أظلمُ ممن اختلق على الله كذباً، فَزَعَمَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا أَوْ شَرِيكًا.

قال السعدي: "ويدخل في هذا كل من كذب على الله، بنسبة الشريك له، أو وصفه بما لا يليق بجلاله، أو الإخبار عنه بما لم يقل، أو ادعاء النبوة، أو غير ذلك من الكذب على الله، فهؤلاء أعظم الناس ظلما".

{أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ} سيعرضون على ربهم يوم القيامة؛ ليحاسبهم على أعمالهم.

{وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ} الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ أَعْمَالَهُمْ، يشهدون على بني آدم بأعمالهم، يقولون: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} في الدنيا {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} أي: لعنة لا تنقطع؛ لأن ظلمهم صار وصفا لهم ملازما، لا يقبل التخفيف.

{الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ(19)} ‌

{الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} هؤلاء الظالمون الذين يمنعون الناس عن الإيمان بالله، وإخلاص العبادة له، قال الطبري: وهم الذين كانوا يفتنون عن الإسلام من دخل فيه. انتهى

يعني أنهم يعذبونهم ويقتلونهم حتى لا يؤمنوا بالله ولا يتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم.

{وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} ويريدون أن تكون هذه السبيل عوجاء مائلة عن الاستقامة، موافقة لأهوائهم.

{وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} وهم كافرون بالآخرة لا يؤمنون ببعث ولا جزاء.

{أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ‌‌(٢٠)}

{أُولَئِكَ} الكافرون {لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ} أي: لم يكونوا ليفوتوا الله في الدنيا هرباً؛ لأنهم تحت قبضته وفي سلطانه.

{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} من غيره {مِنْ أَوْلِيَاءَ} من أنصار يمنعونهم من عقابه.

{يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} في جهنم، أي: يُغلَّظ ويُزدادُ؛ لأنهم ضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرَهم.

{مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ}

أي: مِن بغضهم للحق ونفورهم عنه، ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا آيات الله سماعاً ينتفعون به {وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} آيات الله، إبصارًا يفيدهم؛ لإعراضهم الشديد عن الحق.

{أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢١)}

{أُولَئِكَ} المتصفون بتلك الصفات {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} بافترائهم على الله {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} وذهب عنهم ما كانوا يفترون من الآلهة التي يدَّعون أنها تشفع لهم، ولم تغن عنهم شيئاً.

لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22)} }

{لَا جَرَمَ} أي: حقا وصدقاً {أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} أخسر الناس صفقة.

قال السعدي: "حصر الخسار فيهم، بل جعل لهم منه أشده لشدة حسرتهم وحرمانهم وما يعانون من المشقة والعذاب. نستجير بالله من حالهم.

ولما ذكر حال الأشقياء ذكر أوصاف السعداء وما لهم عند الله من الثواب فقال":

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ‌‌(٢٣)}

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} صدقوا بالله ورسوله وبما جاء به، وانقادوا له

{وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} المشتملة على أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه.

{أُولَئِكَ} الذين جمعوا تلك الصفات {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} هم فيها ماكثون أبدًا.

{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٤)}

{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ} المؤمن والكافر {كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ} هذا مثل الكافر {وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} هذا مثل المؤمن {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} قال ابن أبي زمنين: "أَي لَا يستويان، مثلُ الْكَافِر مِثْلُ الأَعْمَى وَالأَصَمِّ؛ لأَنَّهُ أَعْمَى أَصَمُّ عَنِ الْهُدَى، وَالْبَصِيرُ وَالسَّمِيعُ مِثْلُ الْمُؤْمِنِ؛ لأَنَّهُ أَبْصَرَ الْهُدَى وَسَمِعَهُ؛ يَقُولُ: فَكَمَا لَا يَسْتَوِي عِنْدَكُمُ الأَعْمَى وَالأَصَمُّ وَالْبَصِيرُ وَالسَّمِيعُ فِي الدُّنْيَا؛ فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدِّينِ". انتهى {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} أفلا تعتبرون أيها الناس، وتفرقون بين هؤلاء وهؤلاء، فتَنْزجِروا عما أنتم عليه مِن الضلالِ إلى الهدى، ومِن الكفرِ إلى الإيمانِ؟

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاربعاء 25 جمادة الاخرة 1446
عدد المشاهدات 138
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق