الاحد 22 جمادة الاخرة 1446 هـ
22 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-80 كتاب الصلاة، الحديث 351و352و353و354و355و356و357و358   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52      

شرح الورقات -14 الجزء الأول

قال المؤلف - رحمه الله - :

وأما القياس فهو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم.

بدأ المؤلف رحمه الله بدليل جديد من أدلة الشريعة الإجمالية ؛ وهو القياس

والقياس لغة : التقدير، ومنه قست الثوب بالذراع إذا قدَّرته به، أو قست الجراح إذا جعلت المِيل فيها لأعرف غورها ، والميل ؛ هو الذي يقيسون به الجراحات ، هذا من الناحية اللغوية .

وأما اصطلاحاً: فقال المؤلف - رحمه الله - : رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم، وهذا هو تعريف القياس . وللقياس أركان ؛ هي : أصل وفرع وعلة وحكم وتسمى أركان القياس فإذا وجد دليل في مسألة ما، بُيِّنَ في هذا الدليل حكم المسألة المعينة ، ووجدت مسألة تشبه المسألة التي بُيِّنَ حكمها ولكن هذه المسألة الثانية لم نجد لها حكماً خاصاً في الكتاب والسنة ولكنها تشبه المسألة الأولى فنعطيها نفس الحكم لأن المسائل الشرعية تتشابه ولا يكون بينها تفاوت فالشرع لا يُفرق بين المتشابهات ولا يجمع بين المختلفات.

مثال ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يد بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد" هذا الحديث يدل على عدم جواز بيع البر بالبر إلا متساوياً ، أي الكيلو بالكيلو وفي نفس المجلس، يعني لا يجوز أن يكون هناك شيء مؤخر، سَلِّم واستَلِم تقابض في المجلس وإلا كان بيعاً ربوياً، إذن لا بد أن يكون البر بالبر مثلاً بمثل سواءاً بسواء يدا بيد كالذهب بالذهب وكالفضة بالفضة، فنأخذ من هذا الحديث حكماً وهو أن البُّر من الربويات، أي لا يجوز بيعه بالبر يعني أن يكون الثمن بُّرا والمبيع بُّرا، لا يجوز بهذه الصفة إلا أن يكون يدا بيد مثلاً بمثل سواء بسواء.

إذن فهذه المسألة فيها دليل واضح وهي أن البر من الربويات التي لا يجوز بيعها بمثلها إلا بأن تكون متساوية وأن ينفض المجلس وليس بين البائع والمشتري شيء ؛ فإذا وجدت عندنا مسألة أخرى وهي الأرز ؛ فهل إن أردت أن أبيعك أرزاً وعندك أرز أيضاً وتريد أن تدفع ثمن أرزي أرزا من عندك ، هل هو مثل البُّر أم لا ؟ لم يأتي نص خاص في هذه المسألة ، فنريد أن نعرف هل هو من الربويات أم لا ؟

هنا يأتي القياس ؛ ننظر إلى العلة في جعل البر من الربويات ، ما هو الوصف المناسب المشترك بين البر والشعير وغيرها من المذكورات معها ، ما هو الوصف المناسب الذي جعل الله سبحانه وتعالى هذه الأصناف من الربويات لأجله أو جعله علامة معّرفة على أن هذا الشيء إذا وجدت فيه هذه الصفة كان من هذه الربويات فما هي هذه الصفة ؟

اختلف أهل العلم في ذلك فبعضهم كالشافعية مثلاً قالوا العلة هي الطعم أي كون هذه الأشياء طعاماً . وأما المالكية فقالوا العلة هي القوت والادخار أي كون هذه الأشياء مقتاتة ومدخرة ، بمعنى أنها تستعمل قوتاً يُقتات بها فيستطيع الشخص أن يقيم نفسه بأكلها ، ومدخرة أي أنها من الممكن أن تصبر عند الشخص وأن تبقى فترة لا تفسد ؛ هذا قول المالكية وهو أقرب عندي إلى الصواب ، فبناءاً على أن العلة في جعل البر من الربويات هي القوت والادخار ؛ نأتي وننظر في الأرز، هل تحققت هذه العلة فيه أم لا ؟ هل هو قوت أم لا ؟ نعم هو قوت ، هل يُدخر ؟ نعم يُدخر، إذن فنعطيه نفس حكم البُّر .

إذن هنا عندنا أصل وهو البر وعندنا فرع وهو الأرز وعندنا حكم وهو حكم البر بأنه محرم بيعه ببر مثله متفاضلاً أي أن البر من الربويات، إذن عندنا أصل وعندنا فرع وعندنا حكم وعندنا علة وهي القوت والادخار، إذن تحققت هذه الأركان الأربعة بشروطها فيكون القياس عندئذ صحيحاً وهو حجة.

إذن خلص عندنا من هذا القياس أن الأرز من الربويات حاله حال البر ، فيلحق الأرز بالبر بجامع الاقتيات والادخار في الحكم ، ونجعله من الربويات كالبُّر . ونعني بجامع الاقتيات والادخار ؛ الوصف الذي جمع بينهما هو وصف الاقتيات والادخار وهو الذي يسمى العلة .

هذا معنى القياس فلا بد أن تكون عندنا مسألة لها حكم شرعي معلوم لوجود وصف فيها ظاهر منضبط فنلحق بها مسألة غير منصوص عليها فنعطيها نفس الحكم . وهذا معنى القياس

واختلف أهل العلم في القياس هل هو حجة أم لا ؟

والصحيح أن القياس حجة فالصحابة رضي الله عنهم كانوا يحتجون به، وذكر علماء الأصول أدلة عليه من الكتاب السنة فيها نزاع طويل بينهم وبين الظاهرية الذين لا يحتجون بالقياس.

ثم قال المؤلف - رحمه الله -:

وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام : إلى قياس علة، وقياس دلالة، وقياس شبه.

فقياس العلة: ما كانت العلة فيه موجبة للحكم.

وقياس الدلالة: هو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم ولا تكون موجبة للحكم.

وقياس الشبه: هو الفرع المتردد بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبهاً.

إذن أقسام القياس ثلاثة ؛ قياس علة وقياس دلالة وقياس شبه، ثم فصَّل المؤلف رحمه الله هذه الثلاثة.

الأول : قياس العلة : عرفه المؤلف - رحمه الله- : ما كانت العلة فيه موجبة للحكم .

والعلة : هي الوصف الظاهر المنضبط ، الذي إذا وجد في الأصل ووجد في الفرع ألحقنا الفرع بالأصل بسبب هذا الوصف، فهذا الوصف الظاهر المنضبط هو العلة، قال قياس العلة ما كانت العلة فيه موجبة للحكم، أي مقتضية للحكم يعني لا يَحْسُن عقلاً أن توجد العلة ويتخلف الحكم .

مثال ذلك قال الله تبارك وتعالى: { فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما } هذه الآية في الوالدين نهى الله عن أذيتهما وإهانتهما بقول أف، فإذا نهى الله عن قول أف للوالدين لعدم أذيتهم وإهانتهما ؛ فهل يجوز أن ضربهما ؟

من باب أولى لا يجوز، إذا كانت الأذية محرمة بكلمة أف فكيف بالضرب إذن لا يحسن عقلاً أن نقول بأن الضرب جائز هنا، هذا معنى كون العلة موجبة للحكم لا يحسن عقلاً أن تقول بأن الحكم متخلف هنا غير وارد، هذا هو قياس العلة .

ويسمي بعض أهل العلم قياس العلة : فحوى الخطاب أو مفهوم الأولى ، وضابطه ما كان المقيس أولى بالحكم من المقيس عليه ، إذن الضرب أولى بالتحريم من التأفف بالوالدين فيحرم الضرب من باب أولى ، فقياس العلة هو مفهوم الأولى الذي يدندن به أهل العلم بقولهم : من باب أولى .

قائمة الخيارات
0 [0 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الخميس 28 محرم 1433
عدد المشاهدات 4505
عدد التحميلات 129
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق