السبت 21 جمادة الاخرة 1446 هـ
21 ديسمبر 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-79 أول كتاب الصلاة، الحديث 349و350   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-15 الأخير   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-14   الصوتيات: شرح العقيدة الشامية-13   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 93- 109 آخر السورة   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 71-92   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 62-70   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 53-61   تفسير القرآن: تفسير سورة يونس 37-52   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-78 آخر كتاب التيمم، الحديث 345و346و347و348      

الدرس الثالث عشر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فهذا المجلس الثالث عشر من مجالس شرح الورقات

فصل في التعارض

إذا تعارض نطقان فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين، أو أحدهما عاماً والآخر خاصاً، أو كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه، فإن كانا عامين فإن أمكن الجمع بينهما جمع ، وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، فإن عُلم فيُنسخ المتقدم بالمتأخر، وكذلك إن كانا خاصين، وإن كان احدهما عاماً والآخر خاصاً فيُخص العام بالخاص، وإن كان كل واحدٍ منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه فيُخص عموم كل منهما بخصوص الآخر .

وأما الإجماع: فهو اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة، ونعني بالعلماء: الفقهاء، ونعني بالحادثة: الحادثة الشرعية .

وإجماع هذه الأمة حجة دون غيرها لقوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على ضلالة"، و الشَّرع ورد بعصمة هذه الأمة .

والإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان، فلا يشترط انقراض العصر على الصحيح.

فإن قلنا انقراض العصر شرط يُعتبر قول من وُلد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الاجتهاد، ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم .

والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم، وبقول البعض وبفعل البعض، وانتشار ذلك وسكوت الباقين

وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره على القول الجديد

وأما الأخبار: فالخبر ما يدخله الصدق والكذب، وقال : والخبر ينقسم إلى آحاد ومتواتر.

فالمتواتر: ما يوجب العلم، وهو أن يروي جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب من مثلهم، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه، ويكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد .

والآحاد: هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه .

وينقسم إلى مسند ومرسل.

فالمسند: ما اتصل إسناده.

والمرسل: ما لم يتصل إسناده، فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة، إلا مراسيل سعيد بن المسيب فإنها فتشت فوجدت مسانيد عن النبي صلى الله عليه و سلم

والعنعنة: تدخل على الإسناد

وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني أو أخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني ولا يقول حدثني.

وإن أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول الراوي: أجازني أو أخبرني إجازة.

قد انتهينا من الناسخ والمنسوخ وسيبدأ المؤلف - رحمه الله - بالتعارض، أي التعارض بين أدلة الشريعة، التعارض بين آية وآية أو بين حديث وحديث أو بين آية وحديث، إذا تعارضت هذه الأدلة ماذا نفعل؟ فيبين لنا ذلك المؤلف - رحمه الله - .

ويجب أن نعلم بداية أن ما جاء من عند الله من قرآن أو سنة لا يمكن أن يتناقض البتة ولا أن يتعارض، ولكن التعارض يكون في أفهامنا نحن، لقول الله تبارك وتعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً }، فالذي من عند الله لا يوجد فيه اختلاف، وقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن القرآن لم ينزل يُكذب بعضه بعضاً بل يصدق بعضه بعضاً فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتهم منه فردوه إلى عالمه ".

قال المؤلف - رحمه الله -:

فصل في التعارض

إذا تعارض نطقان فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين، أو أحدهما عاماً والآخر خاصاً، أو كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه، فإن كانا عامين فإن أمكن الجمع بينهما جمع ، وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، فإن عُلم فيُنسخ المتقدم بالمتأخر، وكذلك إن كانا خاصين، وإن كان احدهما عاماً والآخر خاصاً فيُخص العام بالخاص، وإن كان كل واحدٍ منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه فيُخص عموم كل منهما بخصوص الآخر.

التعارض لغة: هو التمانع.

وأما اصطلاحاً فالتعارض : تقابل دليلين يخالف أحدهما الآخر ، يعني أحد الدليلين يكون محرماً مثلاً والآخر يكون مجيزاً، فهنا يكون تعارض بين هذين الدليلين في نفس المسألة ،وهذا التعارض يحتاج إلى جمع .

ومراد المصنف بالنطق عند قوله : إذا تعارض نُطقان ؛ النَّص، أي: قول الله تبارك وتعالى أو قول رسوله صلى الله عليه و سلم .

فإذا تعارض نصان: آية مع آية أو حديث مع حديث أو آية مع حديث وكان المتعارضان نصين عامين أو خاصين فماذا نفعل في هذه الحالة، وقد عرفنا معنى العام ومعنى الخاص، فماذا سنفعل ؟

نجمع بينهما أولاً ،فنحاول الجمع بين هذين الدليلين إن استطعنا ؛ بأن نحمل مثلاً كل منهما على حالة أو كل منهما على زمن - وهذا في حالة اللجوء إلى النسخ بعد الجمع وسيأتي - ، فإن لم نستطع فننظر في التاريخ، فإذا علمنا المتقدم والمتأخر حكمنا بنسخ المتقدم بالمتأخر، فإن لم نعلم التاريخ ، فيقول المصنف نتوقف فيهما، أي ما استطعنا أن نجمع بينهما ولا علمنا المتقدم من المتأخر حتى نذهب إلى النسخ، قال فيبقى عندنا التوقف. والصواب أننا لا نتوقف بل نرجح بينهما بالقوة، فنأخذ بالأقوى ونترك الأضعف هذا ما كان عليه السلف، وستأتي أوجه الترجيح بالقوة من كلام المصنف رحمه الله في آخر هذه الرسالة.

مثال تعارض العام مع العام : جاء في حديثٍ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "خير الشهداء من يَشهد قبل أن يُستشهد " وفي حديث آخر: "شر الشهود الذي يَشهد قبل أن يُستشهد" هذان نصان عامان، النص الأول فيه مدح لمن شَهد قبل أن تطلب منه الشهادة، والنص الثاني فيه ذم لم شهد قبل أن تطلب منه الشهادة، هذان نصان عامان متعارضان، فكيف الجمع بينهما،

أول ما نفعله بناءاً على ما تقرر سابقاً هو الجمع بينهما ؛ لأن الجمع بينهما فيه إعمال للدليلين وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، فإهمال الدليل ليس سهلاً .

وطرق الجمع كثيرة منها أن نحمل كل حديث على حال، فنقول مثلا الحديث الأول " خير الشهداء من يشهد قبل أن يُستشهد " فيه مدح للشاهد الذي لم تطلب منه الشهادة هذا الحديث نحمله على حالة، وهي أن المشهود له لا يعلم بشهادة الشاهد وأن عنده شهادة تنفعه فلا يعلم ذلك فهو يبادر بإعطاء هذه الشهادة فيحمل هاهنا على عدم علم المشهود له بالشهادة .

وأما الثاني فنحمله على أن المشهود له يعلم بالشهادة ولم يطلبها من الشاهد فيأتي ويشهد بها ، فهنا لم تطلب منه الشهادة والمشهود له يعلم بأن له شهادة ولا يريد منك أن تشهد، هنا تكون الشهادة مذمومة، فحملنا كل واحد من الحديثين على حالة ؛ فجمعنا بين الحديثين .

والحديث الأول أخرجه مسلم بلفظ : "ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها" والحديث الثاني معناه متفق عليه وهو حديث : "خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون " لكن علماء الأصول يمثلون بهما على الصورة التي ذكرناها بداية، والمهم عندنا فَهْم المثال وفَهْم الصورة.

وهذا في حال أن يتعارض عام مع عام أو خاص مع خاص.

أما إذا تعارض عام وخاص فهذا أمره سهل ، فنحمل العام على الخاص ، كما مر معنا في تخصيص العام . ومثاله ما جاء في آية تحريم نكاح نساء المشركين عموماً، وجاء في آية أخرى إباحة نكاح نساء أهل الكتاب؛ فالأول عام والثاني خاص ، فنحمل العام على الخاص ونقول يحرم نكاح نساء المشركين إلا نساء أهل الكتاب ، ففي هذه الحالة نكون قد عملنا بالعام وعملنا بالخاص وأخرجنا فقط جزئية من العام ،وانتهى التعارض.

وأما إن كان كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه فإن أمكن تخصيص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر خصصناه به، وإلا بحثنا عن دليل نرجح به ، وبالمثال يتضح الأمر إن شاء الله .

قول الله تعالى : {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً } بينما جاءت آية أخرى تقول : {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} فلا بد أن ننظر الآن للآية الأولى من وجهين وليس من وجه واحد؛ ولنستخرج منها عدة التي توفي عنها زوجها وعدة المرأة الحامل، ننظر إلى الآية من هذين الوجهين، الآن صار عندنا وجهان ؛ إذا نظرنا في هذه الآية تبين لنا أنها عامة في كل امرأة حامل، وهي خاصة في عدة المرأة التي يتوفى عنها زوجها ، عامة في الحامل وفي غير الحامل، كأنك تقول أي امرأة يموت عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام سواء كانت حاملاً أو لم تكن حاملاً، هذا معنى الكلام فمن ناحية المتوفى عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشر بخصوص هذه الآية، ومن ناحية كون المرأة حامل أو غير حامل بعموم هذه الآية تشمل هذه أن عدتها أربعة أشهر وعشراً، نظرنا إلى الآية من وجهين لا من وجه واحد.

أما الآية الثانية { و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } الآن هذه الآية خاصة بالمرأة بالحامل ، قال { و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } عامة في المتوفى عنها زوجها والتي لم يتوفى عنها زوجها، إذن نريد أن ننظر إليها أيضاً من الوجهين، الآية خاصة في أن المرأة الحامل عدتها أن تضع حملها عامة فيمن توفي عنها زوجها ومن لم يتوفى عنها زوجها .

فماذا نفعل إذن؟ فإن العموم الأول والخصوص الأول معارض بالعموم الثاني والخصوص الثاني، فالآية الأولى من جهة الوفاة خاصة ومن جهة الحمل عامة ، وإذا نظرنا إلى الآية الثانية وجدنا العكس ؛ وجدناها خاصة في الحامل عامة فيمن توفي عنها زوجها ومن لم يتوفى عنها زوجها، فماذا نفعل في مثل هذه الحالة؟

أما المرأة التي توفي عنها زوجها وليست حامل فالأمر واضح عندنا الآية الأولى خاصة فيمن توفي عنها زوجها ولا إشكال، الآية الثانية لا علاقة لها بها، المرأة الحامل التي لم يتوفى عنها زوجها أيضاً أمرها واضح حكمها يؤخذ من الآية الثانية ولا علاقة للآية الأولى بها، الإشكال أين يكون عندنا؟ يكون الإشكال في المرأة الحامل التي توفي عنها زوجها، فالإشكال في الصورة التي يقع فيها التعارض وهي المرأة الحامل التي توفي عنها زوجها هل ندخلها في الآية الأولى أم ندخلها في الآية الثانية؟

إذا خصصنا عموم الآية الأولى بخصوص الآية الثانية كان تحكماً لأن هذا الفعل ليس بأولى من العكس وهو تخصيص عموم الآية الثانية بخصوص الآية الأولى، إذن فماذا نفعل؟

نبحث عن مرجح خارجي فنطلب دليلاً يؤيد أحدهما فنعمل به وإلا توقفنا فيه، وفي المثال الذي معنا وُجد الدليل الذي رجَّح أحد الاحتمالين وهو حديث سبيعة الأسلمية، وضعت بعد وفاة زوجها بليالٍ فأذن لها النبي صلى الله عليه و سلم أن تتزوج، فعلمنا بذلك أن عدتها تنتهي بوضع الحمل، إذن ندخلها في الآية الثانية ونخصص عموم الآية الأولى بالآية الثانية، الآية الأولى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً } تشمل الحامل وغير الحامل، لكن خصصنا الحامل بالدليل الثاني بالآية الثانية، فنقول { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً } إلا الحامل فعدتها بوضع حملها هكذا يكون التعامل مع التعارض .

ثم انتقل المؤلف رحمه الله - إلى مسألة جديدة وهي الإجماع ، هل الإجماع دليل وحجة شرعية أم لا وما هو الإجماع.

قال المؤلف رحمه الله:

وأما الإجماع: فهو اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة، ونعني بالعلماء: الفقهاء، ونعني بالحادثة: الحادثة الشرعية.

وإجماع هذه الأمة حجة دون غيرها لقوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على ضلالة"، و الشَّرع ورد بعصمة هذه الأمة. (أمة محمد صلى الله عليه و سلم)

الإجماع لغة هو العزم والاتفاق، يقال: أجمع القوم على كذا، إذا اتفقوا عليه، ويطلق أيضاً على العزم، ومنه قوله تعالى :{فأجمعوا أمركم} أي اعزموه واعتمدوه، هذا من الناحية اللغوية.

ومن الناحية الاصطلاحية فقال المؤلف : هو اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة، وبين مراده بالعلماء وأنه يريد الفقهاء خاصة، وبين أيضاً مراده بالحادثة وأنه يريد الحادثة الشرعية خاصة، أَيْ أمرٌ يحدث ويحكم فيه بحكم شرعي فالإجماع لا بد أن يكون على حكم شرعي، الكلام في الشرع، فالإجماع اتفاق علماء العصر المجتهدين الفقهاء على حكم شرعي في حادثة. فأخرج بقوله علماء أهل العصر - والذين فسرهم بالفقهاء - أخرج العوام، فالعوام لا عبرة بقولهم لأنهم مقلدون والمقلد جاهل وليس بعالم فلا يعتبر قوله . وأخرج أيضاً علماء النحو، مثلاً: فاتفاق علماء النحو مثلاً لا يُعتبر. وأقوالهم لا تُعتبر في الإجماع على مسألة فقهية لأن العبرة بأهل الفن، هم الذين يتكلمون بعلم في فنهم . وبقي شرط في الإجماع وهو كون الاتفاق حاصلاً بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم لأنه في حياة النبي صلى الله عليه و سلم لا عبرة بقول غيره ولا باتفاقهم، العبرة بكلام النبي صلى الله عليه و سلم ، فهذا ما يتعلق بتعريف الإجماع .

وبعد أن عَرَّف المؤلف الإجماع تكلم على حجيته، هل هو حجة أم لا ؟ وهذا من أعظم مقاصد أصول الفقه أن يَدلَّك على الدليل الشرعي الذي يَصلح دليلاً شرعيا تؤخذ منه الأحكام الشرعية والذي لا يصلح، فتكلم المؤلف رحمه الله على حجية الإجماع وقرر أنه حجة واستدل بقوله صلى الله عليه و سلم "لا تجتمع أمتي على ضلالة" هذا الحديث واضح لحجية الإجماع " لا تجتمع أمتي على ضلالة" إذن فما اجتمعوا عليه فهو حق ، ولكنه حديث مُختلف في صحته، وإن كان الراجح أنه حسن ولكن بعض أهل العلم يُنازع في ذلك ولكن عندنا أدلة أخرى استدل بها العلماء على حجية الإجماع منها قول الله تبارك وتعالى: { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين } والشاهد : {ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ففي الآية التوعد على إتباع غير سبيل المؤمنين وسبيلهم ما أجمعوا عليه.

ومن الأدلة أيضاً قوله صلى الله عليه و سلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" فالحق باقٍ في هذه الأمة لا ينتهي فإذا أجمعت الأمة على شيء فهو حق ولا شك .

والإجماع الذي يُحتج به إجماع أمة محمد صلى الله عليه و سلم فقط، لأنها هي المعصومة عن الاجتماع على الخطأ بالأدلة التي ذكرناها.

ثم قال المؤلف - رحمه الله - :

والإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان، فلا يشترط انقراض العصر على الصحيح.

فإن قلنا انقراض العصر شرط يُعتبر قول من وُلد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الاجتهاد، ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم.والإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان، أي: إذا أجمع علماء العصر على مسألة فهو حجة على كل من جاء بعدهم إلى يوم القيامة، فلا يجوز لمن كان من المجتهدين بعد الإجماع أن يخالف في المسألة، فإذا نقل الإمام الشافعي مثلاً إجماعا في مسألة فلا يعتبر خلاف من خالف من المجتهدين ممن جاء بعد حصول الإجماع، فمن ادعى الخلاف في المسألة وجب عليه أن يُثبت الخلاف من مجتهد وُجد في زمن العلماء الذين اجمعوا قبله . أما أن تأتي بكلام لشخص جاء بعد انعقاد الإجماع فلا يُعتبر هذا الكلام .

وقولهم : فلا يُشترط انقراض العصر على الصحيح .

يقولون في هذه المسألة : هل يشترط لثبوت الإجماع انقراض العصر ، أي موت المجتهدين أهل الإجماع في ذلك العصر ، هل يشترط موتهم كي يثبت الإجماع وينعقد أم أنهم بمجرد أن اجمعوا انعقد الإجماع ولا يشترط موتهم ؟

وفي هذه المسألة خلاف، والصحيح أنه بأول لحظة يُجمع على المسألة ينعقد الإجماع ولا يشترط انقراض العصر لأنه بإجماعهم في لحظة ما يكون قد وُجد دليل الإجماع ولا عبرة بالخلاف بعد ذلك فالأدلة التي دلت على حجية الإجماع ليس فيها قيد انقراض العصر، أي أن الأدلة التي ذكرناها والتي دلت على حجية الإجماع لم تذكر أن الإجماع حجة إذا انقرض العصر ؛ فمن أين أتيتم به ؟

وقوله: فإن قلنا انقراض العصر شرط يعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الاجتهاد أي مالذي يترتب على شرطية انقراض العصر؟

أولاً: على هذا القول ؛ قول من ولد في حياة المجتهدين وصار مجتهداً يكون معتَبَراً ، فلنقل أن الصحابة أجمعوا على مسألة فيعتبر قول التابعي المجتهد الذي عاصرهم فإذا خالف لا يثبت الإجماع ، إذن أصبح قوله معتبراً على القول باعتبار انقراض العصر لأننا قلنا إن الإجماع لا ينعقد إلا بموت المجتهدين من أهل ذاك العصر فإذا جاء التابعي مثلاً وتعلم وأصبح مجتهداً فهنا إذا خالف لا يكون الإجماع قد انعقد بعد ؛ لأن العصر لم ينقرض، فالخلاف يكون معتبراً في هذه الحالة .

وعلى القول الثاني الذي يقول بأن انقراض العصر ليس شرطاً لا يعتبر قول هذا التابعي الذي لحقهم وصار من أهل الاجتهاد لأن الإجماع قد انعقد ، ولا نشترط انقراض العصر؛ ففي أول لحظة وقع الإجماع أصبح حجة عليه ، ليس له أن يخالف .

هذه النقطة الأولى التي تترتب على القول بشرطية انقراض العصر.

ثانيا : يترتب على القول بشرطية انقراض العصر ما ذكره المؤلف بقوله ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم، فعلى القول بأن انقراض العصر شرط لانعقاد الإجماع، إذا أجمع أهل الإجماع ولم ينقرض العصر فلهم أن يرجعوا عن قولهم ويخالفوا هم أنفسهم، فالذين أجمعوا لهم أن يرجعوا عن إجماعهم هذا ؛ لأن الإجماع لم ينعقد بعد فمن شرط انعقاده انقراض العصر عند من يقول به ولم ينقرض، إذا فلهم أن يرجعوا . وعلى القول الصحيح وهو عدم شرطية ذلك ليس لهم أن يرجعوا لأن الإجماع انعقد وثبت الدليل، فليس لهم أن يرجعوا عن قولهم ذلك .

قال المؤلف - رحمه الله -:

والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم، وبقول البعض وبفعل البعض، وانتشار ذلك وسكوت الباقين .

أنواع الإجماع :

أولا : إجماع قولي : أي ينعقد الإجماع بقول أهل الإجماع فيقول جميعهم مثلاً في مسألة ما، هذا حلال أو هذا حرام أو غير ذلك من الأحكام، فالمهم أن يُصرحوا جميعاً بالحكم بأقوالهم.

ثانيا : إجماع فعلي أي أن ينعقد الإجماع بالأفعال ؛ بأن يفعل جميع العلماء المجتهدين في عصرهم فعلاً فيستدل بذلك على جوازه .

ثالثا : إجماع قولي وفعلي أي أن ينعقد أيضاً بقول بعضهم وفعل الآخرين ، فلنقل أهل الإجماع مائة، ثلاثين أو أربعين أو خمسين قالوا بأن هذه المسألة حرام أو بأن هذه المسألة جائزة والبقية من المجتهدين السبعين أو الستين أو الخمسين فعلوا بها هؤلاء قالوا والآخرون فعلوا فعلاً يدل على الجواز أيضاً ، والأولون أفتوا بالجواز هذا أيضاً إجماع قولي وفعلي .

رابعا : إجماع سكوتي وهو انتشار القول وسكوت الباقين ، أن يقول القول مثلاً واحد أو أكثر فيقولون هذا الفعل حرام أو جائز ويسكت الباقون، لا يقولون ولا يفعلون، فهذا الذي يسمى الإجماع السكوتي، وهو أن يقول الصحابي مثلاً قولاً في مسألة فينتشر قوله هذا في بقية الصحابة فيسكتون .

والصحيح أن الإجماع السكوتي ليس بحجة ؛ لأن أسباب السكوت كثيرة ؛ فهؤلاء الذين سكتوا ما أدرانا أنهم سكتوا إقراراً على هذا الحكم، وربما سكت العالم خوفاً أو هيبة أو مصلحة أو لدفع مفسدة أو لأنه متوقف في المسألة أو لغير ذلك، فأسبابه كثيرة، والساكت لا ينسب له قول كما قال الإمام الشافعي - رحمه الله - ، فلا يحتج بهذا الإجماع، هذا ما ذكره المؤلف من مسائل الإجماع.

ونزيد فائدة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الواسطية :

" والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة "، أي أننا لا نستطيع أن نعرف أقوال العلماء وأن نعرف أنهم أجمعوا على مسألة في القرون التي بعد القرون الثلاث الأولى ، لكثرة الاختلاف في المسائل ولانتشار العلماء في الأرض، كيف ستجمع هؤلاء العلماء وكيف ستقف على كلامهم لتعرف هل أجمعوا أم لم يجمعوا ؛ فإن انتشار العلماء وكثرتهم في البلدان في العصور المتأخرة يجعل أمر وقوفنا على الإجماع عسيراً ، أما في العصور الثلاث الأولى فيكون هذا ممكناً وينضبط هذا الإجماع ويمكن معرفته ، وهو إجماع أهل القرون الثلاثة الأولى ؛ لأن بعض العلماء قال الإجماع حجة نعم، ولكن الوقوف عليه ومعرفته أمر مستحيل غير ممكن لكثرة العلماء وانتشارهم في الأرض

والإجماع نوعان:

إجماع قطعي وإجماع ظني .

الإجماع القطعي: ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة، لا تحتاج إلى بحث وتفتيش عن هذا الإجماع ، فأنت تعرف بأن الأمة كلها متفقة على وجوب الصلاة مثلاً أو على تحريم الزِّنا فلا تحتاج إلى بحث ولا إلى تتبع كي تعرف هذا الإجماع، هو معلوم بالضرورة بدون نظر وتأمل، هذا النوع من الإجماع لا أحد ينكره. لا أحد ينكر ثبوته وحجيته، ويَكفُر مخالفه إذا كان ممن لا يجهل هذا الإجماع.

والإجماع الظني: مالا يعلم إلا بالتتبع والاستقراء، بعد البحث والنظر في كتب أهل العلم وتتبع كلامهم واستقراءه في المسألة حتى تتمكن من معرفة الإجماع ، ومثل هذا الإجماع يسمى إجماعاً ظنياً .

هذا ما يتعلق بمسألة الإجماع.

ثم قال المؤلف - رحمه الله - :

وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره على القول الجديد.

بدأ المؤلف بدليل جديد من أدلة الشريعة المختلف فيها ؛ هل قول الصحابي في مسألة ما حجة أم ليس بحجة ؟

اختلف أهل العلم في ذلك، وللإمام الشافعي - رحمه الله - مذهبان في هذه المسألة، مذهب قديم ومذهب جديد، وليس هذا للإمام الشافعي في هذه المسألة فقط، فكثير من المسائل له فيها مذهبان مذهب قديم ومذهب جديد، مذهبه القديم هو الذي كان يُفتي به في العراق ومذهبه الجديد هو الذي كان يُفتي به في مصر .

فمذهب الإمام الشافعي - رحمه الله - القديم في حجية قول الصحابي ؛ أن قول الصحابي حجة ، ومذهبه الجديد أنه ليس بحجة.

والصحيح أن قول الصحابي ليس بحجة لأن الصحابي غير معصوم عن الخطأ والسهو والنسيان، الصحابة ثقات عدول، لا إشكال في هذا، لكنهم مجتهدون ، يخطئون ويصيبون، وقد خالف بعضهم بعضاً ، وخَطَّأ بعضهم بعضاً في مسائل كثيرة ، وأنكر بعضهم على بعض ، فلا يكون قول الصحابي حجة ، إنما الحجة تكون في أمر معصوم عن الخطأ ، ولا يوجد دليل يدل على أن الصحابة معصومون عن الخطأ .

وأما الأخذ بقول الصحابي ؛ لأنه الأعلم ؛ فهذا تقليد وكلامنا هنا عن الدليل الشرعي وليس عن التقليد . وأما حديث "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" الذي يستدلون به على حجية قول الصحابي فهو حديث ضعيف لا يصح وإنما دلت السنة على حجية إجماعهم كما تقدم وعلى حجية ما اتفق عليه الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي لقوله صلى الله عليه و سلم " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عَضوا عليها بالنواجذ" .

فعلى ذلك فقول الصحابي لا يُخصص به العام ولا يُقيد به المطلق ولا يُنسخ به ؛ لأنه ليس بحجة ولكننا نستعين بفهم السلف ولا نخرج عن طريقتهم، فهم أعلم منا وأقدر على معرفة الحق والحق لا يخرج عن أقوالهم ، ونعني بالسلف أصحاب القرون الثلاثة الأولى وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم.

ثم قال المؤلف - رحمه الله -:

وأما الأخبار: فالخبر ما يدخله الصدق والكذب، وقال : والخبر ينقسم إلى آحاد ومتواتر.

فالمتواتر: ما يوجب العلم، وهو أن يروي جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب من مثلهم، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه، ويكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد.

والآحاد: هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه.

تقدم معنا تعريف الخبر في دروس متقدمة

بدأ يتكلم عن موضوع السنة ؛ الحديث، وقد بيناه وفصَّلنا القول فيه في دروس البيقونية وفي دروس الباعث الحثيث، فمن أراد التفصيل فيجده هناك، وهنا سنتكلم على ما ذكره بشكل سريع.

قسَّم العلماء الخبر إلى متواتر وآحاد ، ويريدون بالمتواتر ما رواه جمع عن جمع من أوله إلى آخره يستحيل تواطؤهم على الكذب ويكون مستندهم الحس ، فيُشترط في المتواتر أن يكون رواته جمعاً عن جمع يحصل اليقين بصدقهم ضرورة ، من أول الإسناد إلى آخره ، في جميع طبقات السند ، ويستحيل في مثلهم أن يتوافقوا على الكذب ، ويكون المنقول بالتواتر محسوساً بأن يكون الجمع قد نقلوا الخبر ؛ شاهدوه أو سمعوه أو نقلوه مشاهدة ونقلوه عن مشاهدة أو عن سماع، وأما إذا اجتهدوا اجتهاداً فيه فلا يُعتبر ذلك خبراً متواتراً، لا بد أن يكون مستندهم الحس قد رأوا شيئاً شاهدوه أو سمعوا شيئاً ثم نقلوه وأخذه الذين بعدهم عنهم إلى آخره هذا يسمى متواتراً . قال المؤلف : والمتواتر ما يوجب العلم أي يوجب اليقين ،لا شك معه البتة.

وأما الآحاد فما ليس بمتواتر فهو آحاد ولا يشترط أن يرويه واحد عن واحد فقط ؛ بل أن يرويه واحد عن واحد فهو آحاد ، وما يرويه اثنان عن اثنين كذلك آحاد ، وثلاثة عن ثلاثة وأربعة عن أربعة هذا كله عندهم يسمى آحاداً ما لم يكن متواتراً .

قال المؤلف: الآحاد يوجب العمل ولا يوجب العلم ، وهذا على إطلاقه خطأ؛ فأهل السنة يقولون حديث الآحاد إذا احتف بالقرائن أفاد اليقين فإن احتمال الخطأ يزول بالقرائن كأخبار الصحيحين التي لم تُنتقد مثلاً، وإذا لم يحتف بالقرائن أفاد الظَّن لاحتمال الخطأ في خبر الواحد، .

وحديث الآحاد الذي احتف بالقرائن ، فأفاد اليقين يُعمل به عند أهل السنة في العقائد وفي الأفعال خلافاً لأهل البدع الذين يردون أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم بخيالاتهم العقلية مدعين أن هذه الخيالات العقلية يقينية وأن أخبار الآحاد ظنية وآيات الصفات دلالاتها ظنية فيقدمون عقولهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، والله سبحانه أمرنا بإتباع الكتاب والسنة لا إتباع عقولنا فقال : {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء } وقال سبحانه { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول } ولم يأمرنا الله ولا في نص واحد أن نترك دلالة الكتاب والسنة ونأخذ بما توهمناه بعقولنا المتأثرة بالفلاسفة.

ثم قال المؤلف - رحمه الله -:

وينقسم إلى مسند ومرسل.

فالمسند: ما اتصل إسناده.

والمرسل: ما لم يتصل إسناده، فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة، إلا مراسيل سعيد بن المسيب فإنها فتشت فوجدت مسانيد عن النبي صلى الله عليه و سلم

ينقسم الخبر إلى مسند ومرسل :

فالمسند ما اتصل إسناده، والمرسل مالم يتصل إسناده وهذا يدخل فيه كل منقطع، وكثير من السلف كانوا يُطلقون المرسل على معنى المنقطع سواء كان الانقطاع من الأول أو من الوسط أو من الأخير ، كله يسمونه مرسلاً، ويدخل فيه أيضاً ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهذا المشهور بالمرسل عند المتأخرين .

قال: فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة ، يشير هنا إلى أن مراسيل الصحابة حجة ومراسيل غير الصحابة ليست بحجة . قضية حجة المرسل وعدم حجيته هذا هو مبحث أصول الفقه ؛ ما المرسل الذي يحتج به وما المرسل الذي لا يحتج به.

قال ليس المرسل بحجة إلا مراسيل الصحابة ومراسيل سعيد بن المسيب ؛ لأن الصحابي عندما يُرسل عن النبي صلى الله عليه و سلم يكون الساقط صحابيا، والصحابة كلهم ثقات عدول ؛ فإذن مرسل الصحابي حجة .

أما مراسيل غير الصحابة فلا تكون حجة ؛ لأننا لم نعلم من الساقط أهو الصحابي أم صحابي وتابعي أو صحابي وتابعيان وهذا يقتضي أن نُضَّعف هذا الحديث ؛ لأن هذا الساقط يُحتمل أن يكون راوياً ضعيفاً أو كذاباً أو متروكاً ونحن لا نقبل الخبر إلا أن يكون رواته ثقات عدولا ، وهذا لم نعلم حاله فلذلك لا يكون المرسل حجة .

وقد قال الإمام مسلم : " والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة " . هذا هو الصحيح .

وكذلك مراسيل سعيد بن المسيب ليست بحجة على الصحيح خلافاً للمؤلف ، الذي قال وهي مراسيل سعيد بن المسيب - فتشت فوجدت مسندة وصحيحة.

والصواب أنه قد وجد مراسيل لسعيد بن المسيب لا أصل لها مسنداً ، إذن فلا نستطيع أن نُصحح مراسيل سعيد بن المسيب.

ثم قال المصنف - رحمه الله -:

والعنعنة: تدخل على الإسناد،

العنعنة أن يكون في الإسناد لفظة عن فلان عن فلان. هذا الإسناد المعنعن.

قال المصنف: تدخل على الإسناد، أي أن لها حكم المسند أي أنها صحيحة ، وهذا هو الصحيح، والخلاف فيه شاذ، ولكن بشرطين :

الأول: أن يكون الراوي المعنعن بريئاً من وصمة التدليس ، أي ليس مدلسا ً .

والثاني: أن يكون الراوي لقي شيخه أي ثبت عندنا لقيه لشيخه، وأنه لقي شيخه وسمع منه، والتفصيل في هذه المسائل كلها كما ذكرنا موجود في دروس البيقونية والباعث.

ثم قال - رحمه الله -:

وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني أو أخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني ولا يقول حدثني.

وإن أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول الراوي: أجازني أو أخبرني إجازة.

طرق أخذ الحديث عن الشيخ ، وألفاظ التحديث :

إما أن يسمع الراوي الحديث من لفظ الشيخ فعند التحديث - أي عندما يريد هذا الراوي أن يُحَّدث بالحديث الذي سمعه من شيخه - يقول حدثني فلان أو أخبرني فلان بصيغة حدثني وصيغة أخبرني، هذا إذا سمع الحديث من لفظ الشيخ .

وإما أن يقرأ هو الحديث على الشيخ والشيخ يقره عليه فعند التحديث يقول أخبرني ولا يقول حدثني ؛ هذا عند بعض أهل العلم . وكذلك إن أخذ الحديث عن الشيخ إجازة ؛ كأن يقول له شيخه أجزتك أن تروي الحديث الفلاني عني أو أجزتك أن تروي الكتاب الفلاني عني، هذا معنى الإجازة، فإذا أخذ الراوي الحديث عن شيخه إجازة فعند التحديث به يقول: أجازني فلان بالحديث الفلاني و أخبرني إجازة .

هذه طرق تحمل الحديث والألفاظ التي ينبغي أن تقال عند التحديث بالحديث الذي حمل بتلك الطرق.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الخميس 28 محرم 1433
عدد المشاهدات 5063
عدد التحميلات 128
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق