هذا كله يبيِّن لنا أن الواجب على المسلمين هو توحيد الله تبارك وتعالى والإيمان به واتباع رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فالدين والشريعة لابد أن تكون بهذا (..) بهذه الطريقة توحيد وسنة, توحيد: إفراد الله تبارك وتعالى بالعبادة, قرَّر عندنا المصنف هاهنا في المسألة الأولى أنه يجب علينا أن نعبد الله, فالحكمة التي أوجدنا الله سبحانه وتعالى على الأرض لأجلها هي عبادة الله تبارك وتعالى,وهذه العبادة لا تكون صحيحة ولا تكون كما أراد الله تبارك وتعالى إلا إذا كانت على طريقة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فالنبي صلى الله عليه وسلم طريقته وهديه هو الذي يوصل إلى الجنة, وأما من عصى النبي صلى الله عليه وسلم وخالف طريقه فهي طريقٌ إلى النار,كما قال عليه الصلاة والسلام عندما خط خطاً مستقيماً ثم خط على جنبتيه طرقاً معوجة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذه سبيلي"، وقال:" تلك السبل على كل طريق منها شيطان يدعو إليها", إذاً طريق النجاة هي سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, أراد الله منا أن نعبده, وأراد منا أن نعبده على الطريقة التي أرادها سبحانه وتعالى, على الطريقة التي أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم, التي أرسل الله سبحانه وتعالى بها رسوله, ومن خالف هذه الطريق في العبادة فعبادته مردودة, قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" فهو مردود عليه, وإن ظن هو أنه حسن, وكان عليه الصلاة والسلام يقول:"كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار"، هذا لفظ عام باقٍ على عمومه, أن كل بدعة فهي ضلالة وهي في النار, أي صاحب البدعة في النار لأنه مخالف لشرع الله, مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم, وجاء في الحديث أن ثلاثة نفر جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وطرقوها وسألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم, يقول الراوي: وكأنهم تقالّوها , أي رأوا بأن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم هذه قليلة لا تكفيهم, فأرادوا أن يجتهدوا أكثر, وقالوا: هذا النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل ولا أنام, وقال الآخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر, وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء, من نظر إلى العبادات بنظرة عقلية قال: هذه عبادات لا بعدها ولا قبلها, لكن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمع بهذا ماذا قال ؟ قال:"أما إني أتقاكم لله وأخشاكم له ومن رغب عن سنتي فليس مني"، إذاً العبادة يجب أن تكون على سنة النبي صلى لله عليه وسلم, كما شرع الله تبارك وتعالى, ورحم الله الإمام مالك عندما قال: من ابتدع في دين الله بدعةً فقد ادّعى أن محمداً خان الأمانة، خان الرسالة, يعني كأنه يقول: النبي صلى الله عليه وسلم ما بلّغنا هذه العبادة وأنا أزيدها من عندي, فهاهنا يكون قد ادعى أن محمداً خان الرسالة ولم يبلغ رسالة الله كاملة أو أنه يريد أن يستدرك على شرع الله تبارك وتعالى, لذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله: (مَنْ استحسن فقد شرَعْ)، جعل نفسه مشرِّعاً مع الله سبحانه وتعالى, لازمك أحد الأمرين ولابد: إما أنك تجعل نفسك مشرعاً مع الله, وهذه العبادات والتشريع حق خالص لله تبارك وتعالى