شرح المنظومة البيقونية
(الدرس الأول )
لفضيلة الشيخ
أبي الحسن علي الرملي
-
حفظه الله -
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
وصلِّ
اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اعلموا رحمكم الله
أن الله تبارك وتعالى أنزل على رسوله الكتاب والسنة ؛ قال سبحانه ((وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )) ، وقال ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )) فأنزل الله سبحانه وتعالى على نبيه الكريم القرآن والسنة النبوية وأمره بتبليغهما للناس ، قال سبحانه (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) .
فبلَّغ عليه الصلاة والسلام أكمل تبليغ ، وما مات حتى أكمل الله
تبارك وتعالى به الدين ، وشهد له أصحابه بذلك ؛ فقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : نعم لقد علمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - كل شيء حتى الخراءة .
وقال آخر : ما من طائر
يقلب جناحيه في السماء إلا وأخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم – منه علما.
وشهد أصحاب النبي
- صلى الله عليه وسلم - له بالتبليغ ثم أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم – (أي أمر أصحابه ) أن يحملوا هذه الأمانة وهي الرسالة الربانية وأن يبلغوها للناس ؛ فحملوها رضي الله عنهم وأرضاهم وطافوا بها البلاد وحمَّلوها للناس وبلغوهم إياها ، كيف لا وهم الذين شهد لهم النبي - صلى الله عليه وسلم – بالفضل ، وأثنى الله عليهم في كتابه الكريم ، وبعد أن أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه وحيه ؛ تكفل بحفظ الكتاب والسنة .
فقال جل
في علاه (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) فحفظ الله تبارك وتعالى الكتاب بأن نقله أهل الإسلام بالتواتر ؛ نقله جمْع عن جمع عن جمع إلى أن وصل إلينا صافياً نقيا كما أراده الله تبارك وتعالى .
وحفظ السنة بجبال الإسلام
وجهابذة السنة وأشياخها أصحاب الحديث رضي الله عنهم وأرضاهم ، وعلى رأسهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كانوا رحمهم الله وأحسن إليهم من أحسن الناس حرصاً على هذا الدين ، وحماية له .
ثم بعد أن نقلها الصحابة (أي بعد أن نقل الصحابة سنة رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - إلى من بعدهم ) وفي آخر عهدهم وفي أول عهد التابعين بدأت تظهر الفتن وبدأ يظهر أهل البدع والأهواء ، وكما تعلمون البدعة تجر إلى ما بعدها من فساد وكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل أحياناً تجر إلى الكفر - عياذاً بالله - فجرت البدعة أهلها ؛ فبدأ الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - بظهور أهل البدع .
فقال ابن
عباس رضي الله تعالى عنه : إنا كنا نحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يكن يُكذب عليه فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنها .
بدأ الناس يكذبون
فصار الصحابة رضي الله عنهم يفتشون وينقبون ، وقال ابن سيرين رضي الله عنهم : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم ؛ لأن أهل البدع هم الذين يكذبون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ كي يُقَوُوا بدعهم ويُقَوُوا حُججهم الواهية فهم بحاجة إلى الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والفتنة المرادة هنا
من كلام ابن سيرين : هي فتنة المختار ابن أبي عبيد الثقفي الذي كان يعطي الدنانير يعطي الأموال للناس حتى يكذبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولكن كان الجهابذة لهم بالمرصاد .
فبدأ أهل العلم علماء السنة علماء الحديث بوضع القواعد
والضوابط والأصول والمصطلحات التي يحفظون بها سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعاشوا لذلك.
قال محمد بن سيرين : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .
فلا
بد من التحري ومن البحث والتفتيش عن الشخص الذي سيؤخذ عنه هذا الدين .
كان ابن سيرين
رحمه الله يحث الناس على أن يأخذوا دينهم ، أن يأخذوا السنة ؛ من أهل السنة ؛ الذين لا يكذبون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ونحن الآن نحثكم على أخذ هذا الدين من أهل السنة الذين هم أمناء على دين الله تبارك وتعالى ، أهل السنة الذين يحملون كتاب الله وسنة رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ويبذلون في سبيلهما الغالي والنفيس .
إخواني : قبل أن تفكر في طلب
العلم فكِّر فيمن ستأخذ عنه العلم ، هل هو ممن يؤتمن على دينك ؟
هل هو ممن يصلح أن تأخذ
عنه عقيدتك ؟
هل عُرف بأخذ العلم عن أهله ؟
هل عُرف بين أهل العلم بالكتاب والسنة
وبحرصه عليهما والتمسك بهما أم لا ؟
فإن كان كذلك فَخُذ منه ، واطمئن إليه .
وإن لم يكن
كذلك ففر من المجذوم فرارك من الأسد .
وبعد أن بدأ الكذب على رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - بدأ العلماء بوضع القوانين ووضع القواعد والمصطلحات لحفظ سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستنبطوها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ومنهج صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع الرواية .
فخَلُصَ من جهدهم
وعملهم هذا الفن الذي بين أيدينا .
وعلم الحديث كما يسمى عند أهله - فيسمى مصطلح الحديث
ويسمى علم الحديث - هذا المصطلح أو هذا العلم ؛ علم شريف ، علم جليل لأنه يتعلق بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكل ما تعلق بشريف فهو شريف ، والسنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع فمكانتها عظيمة وعلمها جليل.
وثمرة تعلم هذا العلم ؛ معرفة
الثابت من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير الثابت ، معرفة الحديث المقبول من الحديث المردود .
وهذا يفيدك بأن تتمكن من الحكم على الأحاديث بنفسك، وكذلك الحكم على الآثار ومعرفة الصحيح من الضعيف منها .
فإن قلت : قد حكم علماء الحديث على الكثير من
الأحاديث إذا لم نقل على كلها ؟
نقول لك : إن حكمك على الحديث بنفسك بعد معرفتك بأصول
العلم يعطيك اطمئناناً لصحة الحديث وإيماناً بالحديث أكثر وأكثر. هذه فائدة .
فائدة ثانية : وهي
خروجك من التقليد إلى الاجتهاد ، فالذي لا يتقن هذا الفن لا يتمكن من معرفة الصحيح من الضعيف من الأحاديث ، فيضطر إلى التقليد حتى ولو كان فقيها .
فائدة ثالثة : وهي أنه يمكنك من الدفاع عن سنة النبي - صلى الله عليه
وسلم ورد شبه أهل البدع والضلال التي يوقعونها عليها وخصوصاً من ناحية ثبوتها ؛ فبِتعلُّمك لهذا الفن وتَمَكُّنِك فيه تستطيع أن تدفع عنها شبه أهل الباطل هذه بعض ثمار تعلم هذا العلم .
والآن وقبل أن نبدأ بشرح المنظومة البيقونية نبدأ بتعريف هذا العلم أولا .
تعريف هذا العلم : مصطلح الحديث :
المصطلح بمعنى
الاصطلاح ، والاصطلاح في اللغة مِن اصطلحوا على أمر إذا تعارفوا واتفقوا عليه ، اصطلحوا على الشيء أي تعارفوا واتفقوا على هذا الشيء هذا من الناحية اللغوية ( أي في اللغة ).
في الاصطلاح : هو عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم يُنقَل عن موضوعه
الأول ، عبارة عن اتفاق قوم ( جماعة ) يأتون ويتفقون على تسمية شيء معين ( معنى من المعاني ) يسمونه باسم ، يأخذون هذا الاسم من اللغة .
وأعطيكم مثالاً على ذلك : فلنأتِ
إلى الواجب في اللغة وفي اصطلاح الأصوليين.
الواجب في اللغة : هو الساقط واللازم .
الآن في الاصطلاح : جاء جماعة من الناس وهم
الأصوليون اتفقوا فيما بينهم على أن يضعوا اسم الواجب ) هذا الذي أخذوه من اللغة ( اتفقوا أن يجعلوا هذا الاسم على معنى آخر ؛ وهو ما أمر به الشارع على وجه اللزوم .
فاتفاقهم هذا على أن يجعلوا لهذا المعنى - وهو ما أمر به الشارع على وجه اللزوم - أن
يجعلوا لهذا المعنى اسم الواجب الذي أخذوه من اللغة ، هذا يسمى اصطلاح ؛ اتفقوا وتعارفوا على أن يسموا هذا المعنى الذي هو ما أمر به الشارع على وجه اللزوم ؛ اتفقوا واصطلحوا على أن يسموه واجباً ، من أين أخذوا الواجب ؟ من اللغة الذي هو بمعنى الساقط واللازم هذا معنى كلمة اصطلاح .
ولا بد أن يكون بين المعنى الاصطلاحي والمعنى
اللغوي علاقة (ارتباط ) ولا يكون منفصلاً انفصالاً تاماً عنه ، لا بد أن يكون بينهما علاقة ومناسبة كما مثّلنا عند الأصوليين
الواجب في اللغة : الساقط واللازم.
في الاصطلاح
: ما أمر به الشارع على وجه الإلزام .
فالمناسبة التي بينهما هي الإلزام .
نمثِّل مثالاً
في علم الحديث :
الشاذ في اللغة : هو الفرد.
في اصطلاح المحدثين : مخالفة المقبول لمن
هو أَوْلى منه (أولى منه إما عدداً أو صفة سيأتي التفصيل ).
مخالفة المقبول لمن هو
أولى منه ، هذا المعنى اتفق أهل الحديث على أن يسموه شاذا ؛ فهذا اصطلاح اتفقوا عليه ، تعارفوا واتفقوا على هذا المعنى أن يسموه شاذاً ، من أين أتوا بكلمة شاذ ؟
من اللغة
التي هي بمعنى الفرد.
ما العلاقة بين الشاذ في اللغة والشاذ في اصطلاح أهل الحديث
؟ هو التفرد ، العلاقة هي التفرد هناك الفرد بمعنى التفرد وهنا التفرد برواية زيادة أو مخالفة أقوام في روايتهم ، هذا هو معنى الاصطلاح .
مصطلح الحديث : وأما
الحديث فلغة هو الجديد والخبر ، تقول : اشتريت سيارة حديثة أي جديدة .
أريد أن
أحدثك حديثاً ؛ أي أريد أن أخبرك خبراً.
هذا من ناحية الوضع اللغوي.
أما في الاصطلاح (
في اصطلاح أهل الحديث ) الحديث هو ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية . وبعض أهل الحديث أضاف إضافة وهي : أو إلى صحابي أو تابعي .
فلنفسر هذا الكلام واحداً واحداً .
قال : ما أضيف إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - أي شيء أضفته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنواع التي ستأتي من قول - يعني أي قولٍ تضيفه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني إذا قلت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إنما الأعمال بالنيات " هذا قول نسبته لمن ؟ للنبي - صلى الله عليه وسلم - أضفته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا يكون حديثا عند أهل الحديث ، ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل
يعني إذا قلت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يضطجع على يمينه ، فأنت هاهنا أضفت هذا
الفعل لمن ؟
للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا عند أهل الحديث يسمى حديثاً ، وما
أضيف للنبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقريرٍ ، ماذا يعني التقرير ؟ يعني أن يُفعل فعل أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أن يفعله غيره ) ويقر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعله عليه ولا ينكره عليه يعني يسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه ولا ينكره على الشخص.
لو قلت : أكل خالد بن الوليد ضبّاً
أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، هذا يسمى حديثاً عند أهل الحديث ؛ لأن التقرير حجة ، إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعل وعدم إنكاره له ، حُجَّة ، فهو حديث منسوب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
أو صفة خَلقية أو خُلُقية:
الصفة
الخَلقية : أي صفة للنبي - صلى الله عليه وسلم - خلقه الله عليها كقول البراء بن عازب - رضي الله عنه - : "كان وجهه كالقمر " هذه صفة للنبي - صلى الله عليه وسلم - خلقه الله عليها فهذه الصفة عندما تصف النبي - صلى الله عليه وسلم – بها تسمى عند أهل الحديث حديثاً أو صفة خَلقية أو خُلقية :
أي : صفة من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم
- كأن تقول : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بالخير ، بالعطاء والصدقة - صلى الله عليه وسلم - ، كان أجود الناس بالخير ، هذه صفة للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسمى حديثاً – ما أضيف للنبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية ؛ فهذا الحديث عند كثير من أهل الحديث.
وبعضهم أضاف
للحديث ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذه الأشياء وما أضيف إلى الصحابي والتابعي من قول أو فعل ، يعني أدخلوا في الحديث أقوال وأفعال الصحابة والتابعين.
الصحابي من هو ؟
هو من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً به ومات
على ذلك ، من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مؤمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومات على ذلك ولم يغيّر ولم يبدّل فهذا يسمى صحابياً .
التابعي : هو من
لقي الصحابي أو من سمع من الصحابي.
فبعض أهل الحديث يُدخل أقوال
وأفعال التابعين في الحديث وبعضهم لا يدخلها ، ويقصر الحديث على النبي - صلى الله عليه وسلم – هذا تعريف الحديث ، وأما تعريف مصطلح الحديث ، أما تعريف هذا العلم ؛ فهو : معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى معرفة حال الراوي والمروي .
يعني ذكرنا بأن العلماء وضعوا قواعد ووضعوا مصطلحات لحماية سنة
النبي - صلى الله عليه وسلم - معرفة هذه القواعد التي توَصِّل إلى معرفة حال الراوي ، أي الذي يروي الحديث ، الراوي هو الذي يروي الحديث.
أعطيك مثالاً : مالك عن نافع عن
ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مثلاً لو أخرج البخاري حديثاً عن عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك عن نافع عن ابن عمر ، هؤلاء : عبد الله بن يوسف التنيسي والبخاري ومالك ونافع وابن عمر ، هؤلاء كلهم رواة للحديث.
هذا هو الراوي
أما
المروي يعني الذي رواه هؤلاء الرواة الذي هو متن الحديث ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" إنما الأعمال بالنيات "
قوله
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنيات : هذا هو المروي ، هذا الذي رواه الرواة ، هذا معنى الراوي والمروي.
فمعرفة القواعد التي توصلك إلى معرفة
حال الراوي هل تُقبل روايته أو لا تُقبل ؟ هل هو أهل للوثوق به أم لا ؟ هل المروي صحيح أم ليس بصحيح ؟ فيه خطأ أم ليس فيه خطأ ؟ هذا هو علم مصطلح الحديث .
موضوع علم مصطلح الحديث
: نعني بالموضوع محل البحث ، يعني علم مصطلح الحديث يتخصص في السند والمتن ، كالطب مثلاً : علم الطب شغله في ماذا ؟ في بدن الإنسان من حيث ما يَعرض عليه من أمراض ، من مرض أو صحة ، أما علم الحديث فموضوعه السند والمتن ، من أي ناحية ؟ من ناحية القبول والرد.
ما هو السند ؟ وما هو المتن ؟
السند والإسناد يُطلقان عند أهل الحديث على
معنى واحد ، وهو سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن.
الرواة الذين مثلنا بهم قبل قليل
:
البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الرواة هؤلاء ، هذه السلسلة المتتابعة تسمى عند أهل الحديث سنداً أو إسناداً لا بأس ، المعنى واحد عند أهل الحديث.
أما المتن : هو قول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما
نوى ، هذا عند أهل الحديث يسمى متناً.
السند سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن .
المتن : الكلام الذي
بعد أن ينتهي الإسناد تبدأ به ، هذا الكلام يسمى عند أهل الحديث متناً.
سلسلة الرواة تسمى إسناداً.
الشغل في هذا الإسناد والمتن ومعرفة حال
الإسناد وحال المتن وهل هو ثابت ؟ أم غير ثابت ؟ مقبول أم مردود ؟ الرواة ثقات أو ضعفاء ؟ المتن فيه علة أم ليس فيه علة ؟ هذا كله يسمى مصطلح الحديث
القواعد
والضوابط التي توضع لهذا تسمى مصطلح الحديث
قال الإمام البخاري رحمه الله : حدثنا
الحُمَيْدي (عبد الله بن الزبير ) قال : حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .." إلى آخر الحديث.
فقوله : أخبرنا وسمعت وحثنا ؛ هذه تسمى صيغة تحديث
الحميدي عبد الله بن الزبير : هذا راوٍ
قال
: حدثنا : هذه صيغة تحديث.
سفيان : راو.
عن : صيغة تحديث.
يحيى بن سعيد الأنصاري
: راو.
أنه سمع : صيغة تحديث.
علقمة ابن وقاص الليثي : راو.
يقول : سمعت : صيغة تحديث.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه : صحابي جليل وهو راو.
على المنبر قال سمعت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - صيغة تحديث (سمعت ).
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبينا
الجليل - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " إنما الأعمال بالنيات " : هذا متن.
سلسلة
الرواة : إسناد.
هذا المتن : " إنما الأعمال بالنيات " .
الكتاب الذي نريد أن ندرسه في
هذا العلم هو كتاب للمبتدئين وهو كتاب نَظم البيقوني ، نظم شعري في مصطلح الحديث في هذا العلم .
وهو نظم صغير وسهل نظمه ناظمه ليكون للمبتدئين ولم يحتوِ على
جميع أنواع علوم الحديث .
احتوى على بعضها ؛ ولكنه احتوى على مهمات هذا العلم التي يَحسن
بطالب العلم المبتدئ أن يبتدئ بمعرفتها فرحمه الله ، بارك الله له في هذا النظم وتلقاه العلماء بالقبول فكم من شارح له وكم من مستدرك عليه وكم من مكمِّل له .
اهتمام
العلماء بالكتاب بهذا الشكل يدل على أنه كتاب ذو أهمية وذو نفع . والله أعلم وهو الموفق .
قامت بتفريغه إحدى الأخوات الفاضلات أثابها الله ، وراجعه الشارح نفع الله به وآجره .