القائد الدميث شرح الباعث الحثيث
الجزء الثامن
القسم الثاني
النوع الرابع : المُسند
المسند عند المحدثين يطلق ويراد به الكتاب الذي جُمِع فيه ما أسنده الصحابة أي ما رَوَوْه من أحاديث ، كأن تأتي لأحاديث أبي هريرة وتجمعها على حدة ، وتأتي لأحاديث عمر وتجمعها على حدة وهكذا وتضعها في كتاب تسميه مُسنداً كمسند الإمام أحمد ومسند أبي يعلى ومسند البزار وغيرها .
هذا معنى من معاني المسند.
والمعنى الثاني هو الذي سيذكره المؤلف رحمه الله قال : ( قال الحاكم) الحاكم النيسابوري في كتابه " معرفة علوم الحديث " قال : ( هو ما اتصل إسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم( -
إذاً يُشترط في الحديث - عند الحاكم - كي يسمى مسنداً أن يكون إسناده متصلا ؛ هذا واحد ، وأن يكون مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم ؛ هذا شرط ثانٍ .
( وقال الخطيب ) أي الخطيب البغدادي ( هو ما اتصل إلى منتهاه )
المسند عند الخطيب يختلف عن المسند عند الحاكم ؛ فالخطيب :قال المسند هو ما اتصل إلى منتهاه ، فعنده شرط واحد للمسند فقط هو الاتصال ، فإذا ورد خبر من الأخبار بسند متصل يسميه الخطيب مسنداً لأنه قال هو ما اتصل إلى منتهاه ، سواء انتهى إلى تابعي ، إلى صحابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمى هذا مسنداً عند الخطيب .
( وحكى ابن عبد البر ) هذا قول ثالث ( أنه المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواء كان متصلاً أو منقطعا ) فعند ابن عبد البر شرط واحد أيضا للمسند لكنه يختلف عن شرط الخطيب .
فقد اشترط الخطيب ليسمي الحديث مسندا أن يكون متصل الإسناد
وأما ابن عبد البر فاشترط أن يكون مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بغض النظر عن إسناده وعن حاله ؛ فإذا قلت أنت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – رفعت الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا عند ابن عبد البر يسمى مسنداً
قال
– رحمه الله - :
(فهذه أقوال ثلاثة )فما هو الراجح ؟
السلف علماء الحديث عندما كانوا يطلقون المسند ماذا كانوا يقصدون بهذه الكلمة ؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : والذي يظهر لي بالاستقراء - أي بعد تتبُّع كلام أهل الحديث واستقراء مؤلفاتهم - من كلام أئمة الحديث وتصرُّفهم أن المسند عندهم ما أضافه من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه بسند ظاهره الاتصال .
فالمسند عند الحافظ ابن حجر له شرطان وتنبه
للفرق بين كلام الحافظ ابن حجر وكلام الحاكم ، الحاكم ماذا قال ؟
قال هو ما اتصل إسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
والحافظ ابن حجر قال : ما أضافه من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه أي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
يشترط أن يكون مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا ذكره الحاكم .
الشرط الثاني هو الذي يختلف فيه كلام الحافظ ابن حجر مع كلام الحاكم ؛
" بسند ظاهره الاتصال " الشرط الثاني عند الحافظ ابن حجر أن يكون السند ظاهره الاتصال أي إذا كان في الإسناد انقطاع خفي أو خفيف يدخل في المتصل عند الحافظ ابن حجر ، أما عند الحاكم فلا يدخل لأن ابن حجر قال:
" بسند ظاهره الاتصال " ، وأما الحاكم قال :ما اتصل إسناده ، فلا بد أن يكون متصلاً حتى يسمى مسنداً عند الحاكم
هذا الفرق بين كلام الحاكم وكلام الحافظ ابن حجر رحمهم الله جميعا
هذا ما يتعلق بتعريف المسند
من أين أخذ الحافظ ابن حجر هذا ؟
أخذه من الاستقراء ؛
نظر إلى مسند الإمام أحمد مثلاً وجد أن الإمام أحمد يُدخل في كتابه بعض الأحاديث التي فيها انقطاع خفيف ، فيها إرسال خفي ، فيها تدليس ، يدخل في كتابه أحاديث كهذه ، فقال يريدون بالمسند ما أضافه مَنْ سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسند ظاهره الاتصال ؛ لأنهم يدخلون في كتبهم التي ألفوها على أنها مسندة يدخلون فيها الأحاديث التي هذه صفتها ، من هنا أخذ الحافظ ابن حجر تعريفه هذا والله أعلم.
النوع الخامس : المتصل
ما هو المتصل ؟
المتصل هو ما اتصل إسناده بسماع كل راوٍ ممن فوقه من أول الإسناد إلى منتهاه .
إذا روى لنا الإمام مالك - رحمه الله - حديثاً مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بد أن يكون مالك قد سمع من نافع ونافع قد سمع من ابن عمر وابن عمر سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - كي يسمى هذا الإسناد إسناداً متصلا فالمتصل هذا وصفه.
قال المؤلف – رحمه الله - :
(ويقال له الموصول أيضا ) ، يقال له المتصل ويقال له الموصول ( وهو ينفي الإرسال والانقطاع ) أي إذا كان الإسناد متصلاً لا يكون مرسلاً
وقد تقدم معنا المرسل ؛
فقلنا :
هو ما أضافه التابعي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، التابعي لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهذا لا يكون متصلاً ، وهل هو حجة ؟ لا ليس بحجة هو من قسم الضعيف وهو ينفي الإرسال والانقطاع .
الانقطاع هنا : ما فيه سقْط في إسناده ، تشمل هنا كلمة الانقطاع : المنقطع والمعضل والمعلق ، جميع أنواع المنقطع .
( ويشمل المرفوع إلى النبي - صلى الله
عليه وسلم - والموقوف على الصحابي أو مَن دونه ) أي ليس المتصل مختصاً بالمرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لا ، حتى الموقوف على الصحابي أو على التابعي كذلك يسمى متصلاً ، إذا كان رواته قد سمع كل واحد منهم من الآخر من أوله إلى منتهاه ، سواء كان الحديث ينتهي إلى التابعي أو إلى الصحابي هذا كله يسمى متصلاً وليس من شرط المتصل أن يكون مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
النوع السادس :المرفوع
قال - رحمه الله - :
( وهو ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه
وسلم - قولاً منه ) ، كأن يقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " إنما الأعمال بالنيات " ؛ فهذا القول أضفناه إلى النبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فيسمى مرفوعاً (أو فعلاً عنه ) كأن يقال " توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - فغسل يديه مرتين " هذا الفعل أضفناه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسمى مرفوعاً (وسواء كان متصلاً أو منقطعاً أو مرسلاً ) فالمرفوع هو ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء كان قولاً أو فعلاً بغض النظر عن حال الإسناد ، سواء كان متصلا ، منقطعا ، أو ليس له إسناد أصلاً ، إذا أضفت قولاً أو فعلاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسمى مرفوعاً .
( ونفى الخطيب أن يكون مرسلا ) أي الخطيب البغدادي - رحمه الله - لم يدخل المرسل في ضمن المرفوع فالحديث المرسل عند الخطيب ليس مرفوعاً ، ( فقال : هو ما أخبر فيه الصحابي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم ) هذا عند الخطيب رحمه الله هذا إن أراد من قوله : وما أخبر فيه الصحابي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قيْد ذكر الصحابي فيه ، فلعله أراد فقط أن ينبه إلى إضافة الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
على كل حال الصحيح هو ما ذكرناه ، ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل سواء كان الإسناد مرسلاً أو منقطعاً أو غير ذلك بغض النظر عن حال الإسناد ، المهم أنك أضفت الكلام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أضفت الفعل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون الحديث مرفوعاً ويسمى عند أهل الحديث ؛ مرفوعا .