[الدرس الثاني والعشرون]
الحمد لله رب العالمين والصلاة واالسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، نبدأ اليوم بإذن الله تبارك وتعالى بكتاب الجنائز.
الجنائز جمع جِنازة ويقال أيضاً جَنازة، تنطق بكسر الجيم وبفتحها فيقال جَنازة ويقال جِنازة والكسر أفصح ومعناها النعش أو الميت، وتطلق على كليهما عندما يكون الميت في النعش، هذا معنى الجنائز.
قال المؤلف رحمه الله:من السنة عيادة المريض.
من السنة: أي من طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن هديه عيادة المريض ومعنى عيادة المريض زيارته، ودليل سنية عيادة المريض قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس" متفق عليه، ذكرنا معنى متفق عليه أي أن هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه وأخرجه مسلم في صحيحه، والشاهد منه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وعيادة المريض فحق المسلم على المسلم عيادة المريض أي زيارته، وفي رواية عند مسلم زاد النصيحة ورواية أخرى عند البخاري نصر المظلوم وإبرار القسم، وعيادة المريض مشروعة بالاتفاق بإجماع علماء الإسلامأن عيادة المريض مشروعة أي أنها صحيحة ثابتة عبادة يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى وثبتت في شرعه، ولكن اختلف أهل العلم في حكمها، نقل النووي رحمه الله الإجماع على أنها ليست بواجبة وجوباً عينياً، الواجب في شرع الله هو ما أمر به الشارع أمراً إلزامياً أمراً جازماً هذا الواجب، فيعني أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالفعل وألزمنا بفعله فمن لم يفعله فهو مُعِّرض نفسه للعقاب، معرض نفسه للعقاب هذا هو الواجب، والواجب ينقسم إلى قسمين واجب عيني وواجب كفائي، ونعني بالواجب العيني أن كل مسلم مكلف مطلوب منه أن يعمل هذا العمل مثل الصلاة والصيام وغيرها، كل مسلم مكلف مطلوب منه أن يصلي وكل مسلم مكلف مطلوب منه أن يصوم وهكذا فهذا يسمى واجباً عينياً، أما الواجب الكفائي فنعني به أنه الذي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، الواجب الكفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، يعني ذلك ماذا؟ يهني: أن يطلب الله سبحانه وتعالى منا أو يأمرنا بفعل ليس المقصود أن يفعله زيد أو بكر لكن المقصود أن يُفعل هذا الفعل مثل ماذا؟ مثل دفن الميت.
دفن الميت واجب كفائي، واجب على جميع الأمة أن تدفن هذا الميت إذا ما دفنه أحد يأثم كل من علم به ولم يفعله، لكن إذا دفنه واحد سقط هذا الوجوب عن جميع الأمة، فالمطلوب الأساسي من الأمر هو الفعل، أن يُفعل بغض النظر عن فاعله، هذا معنى الواجب الكفائي، طلب العلم الشرعي ووجود علماء في الأمة واجب كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الباقين وإذا لم يقم به احد أو قام به بعض لا يكفون يبقى هذا الحكم معلقاً في رقاب الأمة حتى يقوموا به وإلا يأثموا عند الله تبارك وتعالى وهكذا، هذا معنى الواجب الكفائي أنه إذا قام به بعض الأمة سقط عن جميع الأمة، هنا نقل النووي رحمه الله الاتفاق على أن عيادة المريض ليست واجباً عينياً، يعني أنه إذا سمعنا بأن فلاناً مريض لا يجب على كل واحد منا أن يذهب ليزوره، لا، لكن لو ذهبت جماعة وزارته سقط هذا الواجب لأن الصحيح أنه واجب كفائي يعني يجب جماعة من الأمة أن يذهبوا ويزوروا هذا الشخص، هذا من حيث الوجوب، لكن إذا ذهب جمع كبير هو مستحب ما في بأس، فهو من حيث الوجوب العيني الاتفاق منقول على أنه ليس واجباً عينياً ولكنه واجب كفائي لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعله من حقوق المسلم على المسلم من حق المسلم على المسلم، إذاً لابد أن يزوره بعض المسلمين.
والمراد بالمريض هنا الذي مرض مرضاً يحبسه عن الخروج إلى الناس (ليس الذي جرحته مثلاً زجاجة أو شفرة هذا مريض ينبغي زيارته لا) المقصود بالمرض هنا المرض الذي يحبس الشخص عن الخروج إلى الناس خلاص هو نائم في الفراش، ما يستطيع أن يخرج إلى الناس، مثل هذا المرض المقصود سنة عيادة صاحبه، فمرض مثلاً الزكام والشيء الخفيف هذا، هذا بإمكان أن يخرج صاحبه إلى الناس ويشاهدهم ويمشي معهم فليس محتاجاً إلى العيادة، لأن العيادة المراد منها هو مواساة المريض مواساته وتذكيره بالصبر إلى أن يرفع الله عنك هذا البلاء إذاً فالمقصود بالمرض هنا هو المرض الذي يحبس صاحبه عن الخروج إلى الناس.
قال المؤلف رحمه الله:وتلقين المحتضَر الشهادتين.
التلقين: تقول لقنته الشيء فتلقنه أي أخذه من فيك مباشرة، قل كذا وكذا فيقول هذا معنى التلقين، فهو إعطاؤه الشهادتين مشافهة تقول له يا فلان: قل لا إله إلا الله محمد رسول الله، هذا معنى التلقين.
والمحتَضَر هو هكذا بفتح الضاد الذي حضره الموت فهو في النزع، فتلقين المحتضر من السنة على ما ذكر المؤلف، الشهادتين أي تقول له قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله بعض الناس لك: لا، لا تقل له: "قل"، لا، قل له: "قل"، هكذا علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- وهكذا فعل، فقال لأحد من كان على وشك الموت قال له: "قل لا إله إلا الله" إذا هكذا تقول له، لكن تبقى تردد عليه خلاص إذا قالها أسكت، لكن إذا عاد وتكلم أعدها عليه لماذا؟ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، فنحن عندما نلقن هذا المحتضَر نلقنه الشهادتين نريد أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله كي يكون من أهل الجنة فإذا قالها تسكت، وإذا بقي عليها فلا تعيدها عليه، لكن إن عاد وتكلم بكلام آخر تعيدها عليه كي تكون آخر ما يقول.
قال المؤلف رحمه الله:وتوجيهه.
أي ومن السنة توجيه المحتضر إلى القبلة ولكن هذا هل هو حقيقة من السنة كما قال المؤلف أم لا، في المسألة خلاف بين أهل العلم، فبعضهم يقرر ما قرره المؤلف ويقول أنه من السنة، لكنهم يعتمدون على أحاديث ضعيفة لا يصح منها شيء، ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث صحيح أنه كان يوجه المحتضر إلى القبلة، مما يستدلون به قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد سأله رجل عن الكبائر فقال: "هي تسع" يعني الكبائر، وذكر منها استحلال البيت الحرام قال قبلتكم أحياءً وأموتاً، فقال هنا قال قبلتكم أحياءً وأمواتاً إذاً من أراد ان يموت نستقبل به القبلة، وهذا خطأ، خطأ من ناحية أن الحديث نفسه ضعيف لا يصح، والأمر الثاني أن قوله أمواتاً، المحتضر ليس ميتاً ما زال حياً فلا يدخل، فالمقصود من الأموات هنا في قبره، فالميت في قبره يكون متجها إلى القبلة واستدلوا بأحاديث أخرى ضعيفة لا تصح كما ذكرنا وكان سعيد بن المسيب وهو أحد أئمة التابعين الكبار من فقهاء المدينة السبع كان يُنكر هذا الفعل فقد وجهوه إلى القبلة وكان يحتضر فعندما وجهوه إلى القبلة استيقظ وقال من فعل بي ذلك، قالوا فلان فأنكره وقال: أليس الميت أمرأً مسلماً فلماذا توجهونه إلى القبلة، فالعبرة بالدليل على كل حال، وبما أنه لم يرد في السنة شيء صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، إذاً فليس هذا من السنة وخاصة أنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه حضر أكثر من واحد أنهم كانوا يحتضرون ومع ذلك لم يثبت عنه في حديث واحد أنه أمر بهم أن يوجهوا إلى القبلة، فالصحيح إذاً أن هذا الفعل ليس من السنة.
قال المؤلف رحمه الله:وتغميضه إذا مات.
أي من السنة تغميض عيني الميت إذا مات، وهذا صحيح هو من السنة لحديث أم سلمة قالت دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصره، شقَّ يعني فتح بصره فأغمضه يعني بعدما مات شق بصره فتح عينيه فأغمضه النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: "إن الروح إذا قبضت تبعه البصر" فضجّ ناس من أهل أبي سلمة فقال: "لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون" فليكن حذراً العبد في هذه اللحظة أن يدعوا على نفسه بشيء فيهلك فيه دنياه وآخرته فإن الملائكة تأمن على ما يقول، ثم قال: "اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين وأخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه" فدعا لأبي سلمة، شاهدنا من الحديث أنها قالت: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه يعني فأغمض عينيه.
قال المؤلف رحمه الله:وقراءة يس عليه.
أي من السنة أن تقرأ سورة يس على الميت، بعد موته وقبل وضعه في القبر واستدل المصنف رحمه الله بعد أنّ ذكر هذا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرأوا على موتاكم يس" أخرجه أبو داود وغيره، وذكرنا في الدرس الماضي أن أي حديث تذكره تذكر مصدره الأساسي من خرّج هذا الحديث من كتب السنة المعتمدة، ثم إذا كان خارج الصحيحين يلزمك أن تذكر من صححه أو ضعفه من العلماء، لأن حديث الصحيحين للبخاري ومسلم قد اتفق علماء الإسلام على صحة ما فيهما إلا أحاديث يسيرة صححها البخاري وصححها مسلم، أما في خارج البخاري ومسلم فتحتاج أن تذكر لنا مصدر الحديث وتذكر لنا من صحح الحديث أو ضعفه كي لا تكون المسألة سائبة كل واحد يأتي ويقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويمشي لا، لا ينفع، هنا هذا الحديث "اقرأوا على موتاكم يس" أخرجه أبو داود وغيره وضعفه الدارقطني وقال لا يصح في الباب حديث، وقال ابن القطان الفاسي رحمه الله هو حديث ضعيف فضعفه الدارقطني وابن القطان الفاسي وغيرهم من علماء الإسلام، فالحديث ضعيف وإذا كان ضعيفاً فلا يعمل به، لأن العمل لا يكون إلا بالحديث الصحيح فمعنى الحديث الصحيح أنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، أما معنى الحديث الضعيف فأنه لم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، هذا معنى الصحيح والضعيف، فهذا الحديث الدارقطني وهو إمام كبير من علماء الإسلام من علماء الحديث ومتخصص في علم العلل قال بأنه حديث ضعيف، وكذلك ابن القطان الفاسي من علماء هذا الشأن الكبار ضعفه كذلك، فالحديث ضعيف فقراءة سورة يس على الميت لا تصح لأنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضاً في ما استدللنا به سابقاً أنه حضر أقواماً يحتضرون ومع ذلك لم يأمر في حديث صحيح بقراءة سورة يس عليه، فماله متعلق إلا بحديث ضعيف فلماذا لم يُروى في الصحيحين وفي غيرهما بأسانيد صحيحة، كونه لم يرد فهذا الفعل ليس بصحيح.
قال المؤلف رحمه الله:والمبادرة بتجهيزه إلا لتجويز حياته.
أي من السنة الإسراع في تجهيز الميت أي تغسيله وتكفينه ودفنه إلا إذا احتملنا أن يكون حياً، لم نتأكد من موته واحتمالية أن يكون حياً باقياً إذاً فلا نسرع في تجهيزه كي لا ندفنه وهو حي، والأحاديث التي استدل بها المؤلفون ضعيفة لا تصح، لا يحتج بها ولكن الإسراع بتجهيزه أفضل خشية أن يتغير الميت، وأصح ما استدل به من قالوا بسنية التسريع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أسرعوا بالجنازة" والمراد في ذلك عند حمله والذهاب به إلى قبره لا الإسراع من البداية وإن كان الحديث يحتمل ذلك، لكن سياقه يدل على أن المراد من الإسراع بالجنازة بعد حملها على الرقاب فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فإنه إما أن يكون خيراً فتقدمونها إليه أو أن يكون شراً فتضعونه عن رقابكم"، وقوله تضعونه عن رقابكم قرينة تدل على أن الأمر بالإسراع عند الحمل على الرقاب.
قال المؤلف رحمه الله:والقضاء لدينه.
أي من السنة أيضاً المبادرة بالقضاء لدينه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتنع من الصلاة على الميت الذي عليه دين حتى التزم بذلك بعض الصحابة فصلى عليه، كما جاء في حديث سلمة بن الأكوع في الصحيح قال: كنا جلوساً عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أُتي بجنازة فقالوا: صلِّ عليها فقال: "هل عليه دين؟" قالوا: لا، قال: "فهل ترك شيئاً" قالوا لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى فقالوا: يا رسول الله صلِّ عليه قال: "هل عليه دين؟" قيل: نعم، قال: "فهل ترك شيئاً؟" قالوا ثلاثة دنانير، فصلى عليه، لأنه وإن كان عليه دين لكن يوجد ما يقضي به الدين، ثم أتي بثالث فقالوا: صلِّ عليه، قال: "هل ترك شيئاً" قالوا: لا، أنظروا موضع الشاهد هنا، قالوا: لا، قال: "هل ترك شيئاً؟" قالوا: لا، قال: "فهل عليه دين؟" قالوا ثلاثة دنانير –أي عليه ثلاثة دنانير-، قال: "صلوا على صاحبكم"، قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعليّ ديّنه، فصلى عليه -صلى الله عليه وسلم-، فهاهنا من هذا الباب قال المؤلف رحمه الله من السنة المبادرة لقضاء دين الميت حتى يرفع عنه وتبرأ ذمته منه.
قال المؤلف رحمه الله:وتسجيته.
أي تغطيته تسن تغطيته بعد أن تخرج روحه بثوب يستر جميع بدنه إلا إذا كان محرماً، وذلك لحديث عائشة في الصحيحين أنه عليه السلام حين توفي سُجي ببُردِ حِبَر (ثوب يماني مخطط)، وأما المحرم فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ولا تخمّروا رأسه"، قال: "وكفنوه في ثوبين ولا تخمروا رأسه ووجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً"، يعني لا تغطوا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً، هذا مات وهو محرم، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتكفينه في ثوبين ونهى عن تغطية وجهه ورأسه لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، وهذا الحديث في الصحيحين وزيادة قوله: وجهه عند مسلم.
قال المؤلف رحمه الله:ويجوز تقبيله.
أي يجوز تقبيل الميت ففي الصحيح أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قبّل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته.
قال المؤلف رحمه الله:وعلى المريض أن يحسن الظن بربه.
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه" أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر، وذلك أي إحسان الظن بالله بأن يوقن بأن الله تبارك وتعالى لا يظلم أحداً، وأنه إذا تاب ورجع إلى الله تبارك وتعالى أن الله يقبل توبته، وأن الله غفور رحيم، ولا يقنط من رحمة الله تبارك وتعالى فهي واسعة تسعُة وتَسعُ غيره.
قال المؤلف رحمه الله:ويتوب إليه.
التوبة لغة: هي الرجوع، وفي الشرع: الرجوع من معصية الله تعالى إلى طاعته.
ولها شروط:
الشرط الأول: الإخلاص، كأن تكون التوبة يُبتغى بها وجه الله تبارك وتعالى.
والثاني الندم: أي يندم على فعل ما مضى من معاصٍ وذنوب.
والثالث الإقلاع عن الذنب، فلا تنفع توبة وأنت باق على فعل الذنب، يعنى يشرب الخمر ويقول أستغفر الله وأتوب إليه لا يصلح لا بد من الإقلاع عن الذنب وترك هذا الذنب، ويجب أيضاً رد الحقوق لأصحابها إذا كان عليك حقوق ومعصيتك هذه كانت بسرقة أو غصب أو ما شابه ووجب عليك أن ترد الحقوق لأصحابها كي تقبل التوبة.
و الرابع العزم على عدم العودة إلى هذا الذنب.
والخامس أن تكون توبته في زمن قَبول التوبة كي تقبل التوبة يجب أن تكون في زمنها، ولها زمن عام يشترك الناس جميعاً فيه وهي أن تطلع الشمس من مغربها، التوبة تقبل مالم تطلع الشمس من مغربها كما قال -صلى الله عليه وسلم-، ووقت خاص بكل عاصٍ ومذنب وهو قبل الغرغرة فإذا وصل العبد إلى درجة الغرغرة لا تقبل منه توبة كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
قال المؤلف رحمه الله:ويتخلص عن كل ما عليه.
أي يتخلص من كل ما عليه من حقوق، من دَيّن أو وديعة أو غصب أو غيرها من حقوق العباد يتخلص منها كلها، إما برَدِّها مباشرة إلى أصحابها أو بكتابة وصية بذلك، فإن الحقوق هذه كل شخص له حق سيطالب به أمام الله تبارك وتعالى فلابد إذن من التخلص من الحقوق كي لا يطالبك أحد بشيء بين يدي الله تبارك وتعالى، هذه كلها أفعال تُفعل ويُسن فعلها في بداية حال الميت، إما عند الاحتضار أو بعد الموت وقبل البدء بالتغسيل، ثم بعد ذلك يبدأ المصنف رحمه الله بتغسيل الميت نؤجله إلى الدرس القادم بإذنه تعالى.