[الدرس الحادي والأربعون]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
ننتهي اليوم بإذن الله تعالى من كتاب النكاح
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ((باب العيوب وأنكحة الكفار))
هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله ليبين حكم العيب الذي يكون في الرجل أو يكون في المرأة ويؤدي إلى نفرة الرجل عن المرأة أو نفرة المرأة عن الرجل، وكذلك عَقَده في بيان حكم أنكحة الكفار يعني نكاح الكافر ما حكمه؟
قال رحمه الله:(( ويجوز فسخ النكاح بالعيب))
هذا مذهب جمهور علماء الإسلام يجوِّزون فسخ النكاح بالعيب.
العيب كل ما يفوت به غرض الزوج أو الزوجة، هذا المقصود بالعيب، كل ما يفوت به غرض الزوج أو الزوجة من النكاح، عندما تَزوَّج الرجل المرأة وتزوجت المرأة الرجل كان لكل منهما غرض من هذا الزواج فما يُفوِّت هذا الغرض يسمى عيباً وينقسم إلى قسمين، هذا العيب ينقسم إلى قسمين: فوات صفة كمال، وفوات صفة نقص، صفة إذا كانت في الرجل أو في المرأة تعتبر من الكمال، وصفة إذا فقدت من الرجل أو من المرأة تعتبر صفة نقص، فحسن الخلق مثلاً صفة كمال، إذا وُجدت في الرجل يعتبر كاملاً وإذا نقصت يعتبر ناقص الكمال، لكن الجَبُّ مثلاً وهو قطع الذكر ، الرجل الذي ذكره مقطوع هذه صفة نقص مؤثرة في النكاح، فالعيب الذي يفوت صفة نقص فتكون صفة النقص هذه موجودة ويفوت كمالها فيه الخيار للزوج وللزوجة، فيُفسخ النكاح بسبب هذه الصفة، ضابط العيب الذي يُفسخ النكاح به أن كل عيبٍ ينفِّر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار، هذا الضابط هو الذي ذكره ابن القيم رحمه الله، كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، كل عيب يعني موجود في أحد الزوجين يؤدي إلى تنفير الزوج الآخر ولا يحصل فيه مقصود النكاح من الرحمة والمودة بين الزوجين هذا يوجب الخيار، مثال ذلك: رجل تزوج امرأة وكان مجبوب الذكر يعني مقطوع الذكر فلا قدرة له على الجماع، هذا عيب مؤثر ينفر الزوجة من زوجها ولا يحصل به مقصود النكاح، فمثل هذا يكون للمرأة الخيار بعد أن تعلم بهذا العيب، يكون لها الخيار في الاستمرار في عقد النكاح ولها أن تفسخ النكاح، فسخ النكاح الذي هو فك عقدة النكاح، فك النكاح خلاص لا يعود هناك عَقداً، هذا هو ضابط العيب الذي يُفسخ بسببه النكاح أو يجوز فسخ النكاح بسببه.
أو وجود ضرر مثلاً في المرأة هذا يعتبر منفراً للرجل كذلك وله أن يفسخ النكاح بعد أن يعلم بهذا العيب، وإذا كان العيب في الرجل فللمرأة الفسخ ولها المهر كاملاً، للمرأة الفسخ ولها المهر كاملاً إن دخل بها، ولها نصف المهر إن لم يدخل بها، فهي تفسخ النكاح ويكون لها الحق في المهر، في حال الدخول تأخذ المهر كاملاً، وفي حال عدم الدخول تأخذ نصف المهر، وإذا كان العيب في المرأة فلها المهر إن كان دخل بها، إذا دخل الرجل بالمرأة وكان العيب بها تأخذ المهر، هذا متى؟ هذا إذا لم تكن هي التي غشَّته، إذا لم تكن هي التي غشته فلها المهر بدخوله بها، ويرجع الزوج على من غشه بالمهر، يعني فلنقل بأن الولي هو الذي غش الزوج ففي هذه الحالة يفسخ النكاح ويعطي المرأة مهرها ويرجع بالمهر الذي أعطاه للمرأة على الولي الذي غشه، أما إن كانت هي التي غشته فهنا لا تعطى المهر لأنها هي التي أوقعت الغش عليه فلا حق لها في هذه الحالة.
فسخ النكاح إذا اختار الزوج أو الزوجة الفسخ بعد وجود العيب الذي لم يعلم به إلا بعد العقد، فسخ النكاح يكون راجعاً للحاكم إن حصل تنازع بين الطرفين.
قال المؤلف رحمه الله:((ويُقرُّ من أنكحة الكفار إذا أسلموا ما يوافق الشرع))
الكفار الذين تزوجوا قبل أن يدخلوا في الإسلام، إذا دخلوا في الإسلام، زوج وزوجة كافران أسلما مع بعضهما، ما حكم زواجهما؟ نقول: زواجهما جائز إذا لم يكن مخالفاً للشرع، كيف يكون مخالف للشرع؟ كأن يكون الرجل متزوجاً من أخت له، كأن يكون متزوجاً من أخته الشقيقة، فمثل هذا لا يُقر في شرع الله سبحانه وتعالى، فيفرق بينهما، أما إذا كان متزوجاً زواجاً شرعياً في الإسلام كأن يكون متزوج امرأة غريبة عنه مثلاً وأسلما مع بعضهمافنكاحهما يُقرُّ ولا يطلب منهما أن يجددا النكاح، لماذا؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في عهده عندما كان الكفار يسلمون ما كان - صلى الله عليه وسلم - يطلب منهم تجديد العقد، لكن، إذا كان الزواج غير شرعي في الإسلام أو دوامه غير شرعي في الإسلام فعندئذ نقول لا بد من التفريق كما مثلنا كأن يتزوج مثلاً أخته أو يجمع بين أختين أو يجمع بين أكثر من أربع نساء، في هذه الحالات كلها يعني إذا كان جمع بين أختين يُطلب منه أن يترك واحدة منهما، وإذا جمع بين أكثر من أربع يُطلب منه أن يترك ما زاد عن الأربع.
هذا معنى كلام المصنف
قال المؤلف رحمه الله:((وإذا أسلم أحد الزوجين انفسخ النكاح وتجب العدة))إذا أسلم أحد الزوجين، هنا يقول: انفسخ النكاح، عندنا حالات:
__ أن يكون الزوجان مشركَيْن
__ وأن يكون الزوجان كتابيين
__ وأن يكون أحد الزوجين مشركاً والآخر كتابياً
فإذا كان الزوجان مشركين وأسلم أحدهما ينفسخ النكاح بمجرد إسلام أحد الزوجين.
أما إذا كانا كتابيين فإذا أسلمت المرأة انفسخ النكاح لماذا؟ لأن المرأة مسلمة لا يجوز أن تبقى تحت مشرك سواء كان كتابياً أو غير كتابي، أما إذا أسلم الرجل وكانت المرأة كتابية لا ينفسخ النكاح لماذا؟ لأنه في شرعنا يجوز أن يدوم مثل هذا النكاح، فهذه صوره، الصورة الثانية أن يكون واحداً مشركاً والثاني كتابياً فإذا كان الرجل مشرك وأسلم فيبقى النكاح لأن المرأة كتابية، أما إذا كانت المرأة هي المشركة والرجل كتابي ثم أسلم الرجل فهنا ينفسخ النكاح لأنه لا يجوز نكاح المشركة.
هذه الصور المذكورة
ثم قال: وتجب العدة، العدة هنا هي عدة الفسخ وليست عدة الطلاق على الصحيح من أقوال أهل العلم أن الفسخ عدته ليست عدة طلاق، لم يطلب منها أن تعتد عدة طلاق ثلاث حيضات بل يُطلب منها فقط أن تحيض حيضة وتطهر وينتهي الأمر استبراءً للرحم لأنه ليس بطلاق وإنما هو فسخ، جاء عن ابن عباس في صحيح البخاري قال: "كان إذا هاجرت المرأة من أهل الحرب لم تُخطب حتى تحيض وتطهر- إلى أن تحيض وتطهر، يعني تستبرئ بحيضة-فإذا طهُرَت حَلَّ لها النكاح، وإن جاء زوجها قبل أن تَنكح رُدَّت إليه"، أي جاء مسلماً، يعني إذا كانت أسلمت المرأة وكان زوجها مشركاً فلا يخطبها أحد حتى تحيض حيضة وتطهر، ثم بعد ذلك لها أن تتزوج، فإن تزوجت انتهى الأمر حتى وإن جاء زوجها وأسلم لا ترجع إليه، أما إذا لم تتزوج يجوز لزوجها أن يرجع إليها متى جاء مسلماً، ولا تتقيد بعدة ولا غيرها كما سيأتي إن شاء الله.
قال المؤلف:((فإن أسلم ولم تتزوج المرأة كانا على نكاحهما الأول، ولو طالت المدة إذا اختارا ذلك))
إذا أسلمت المرأة وبقي الرجل مشركاً فتستبرئ بحيضة، تحيض حيضة ثم تطهر ثم بعد ذلك إن شاءت تزوجت وإن شاءت أن تنتظر زوجها حتى يسلم انتظرت، فإن انتظرته متى أسلم وجاء فتُرَد المرأة إليه من غير عقد جديد ولا نكاح جديد ولا شيء وإن طالت المدة، دليل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته زينب إلى أبي العاص زوجها بنكاحها الأول بعد سنتين، بعد سنتين، أسلمت بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد سنتين أسلم أبو العاص ولم يُحدِث شيئاً، لا جاء بعقد جديد ولا شيء، أخرجه أبو داود وغيره، وهذا الحديث واضح الدلالة فيما ذكرنا خلافاً لجمهور العلماء الذين قيدوا الأمر بالعدة.
قال رحمه الله: باب المهر والعِشرة
المهر هو الصَّداق وهو ما وجب على الزوج إعطاؤه لزوجته بسبب عقد النكاح.
والعِشرة: الصُحبة والمخالطة بين الزوجين، هذا معنى العشرة.
قال رحمه الله تعالى:((المهر واجب. وتُكره المغالاة فيه. ويصح ولو خاتماً من حديد أو تعليم قرآن))
المهر واجب على الزوج بمجرد تمام العقد ولا يجوز إسقاطه، وأدلته كثيرة، منها قوله تعالى: { وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } [ النساء/4] أي فريضة، وقال - صلى الله عليه وسلم - :" التمس ولو خاتماً من حديد" قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن أراد أن يتزوج بامرأة، قال له:"التمس ولو خاتماً من حديد" متفق عليه، فهذا يدل، الحديث مع الآية وأيضاً اتفاق العلماء على مشروعية الصداق حاصل، والآية والحديث يدلان على وجوب المهر وحصل الإجماع على المشروعية .
وتُكره المغالاة في المهر لحديث أبي هريرة في صحيح مسلم ، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له:"تزوجت امرأة من الأنصار" فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :" أَوَعلى كم تزوجتها؟" قال: "على أربع أواق"، أربع الأواق، الأوقية أربعون درهم ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :"كأنما تنحتون الفضة من عُرْضِ هذا الجبل" أي كأنكم الفضة متيسرة لكم وتنحتون نحتاً من طرف هذا الجبل، فهذا يدل على كراهة هذا الفعل، والذي يدل على جواز أن يكون المهر كثيراً من حيث الجواز، لكن الكراهة موجودة كما ذكرنا في الحديث، لكن من حيث الجواز لم نقل بالتحريم وقلنا بالكراهة لقول الله تبارك وتعالى { وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً } [ النساء/20] الشاهد قوله:وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً ، القنطار: كمية كبيرة من الذهب، فيدل ذلك على أن المهر لا قدر لأكثره، وكذلك لا قدر لأقله، وسواء كان بمال أو كان كان بمنفعة-كما سيأتي الدليل على ذلك- جاز .
قال: ويصح ولو خاتماً من حديد أو تعليم قرآن ، دليل ذلك حديث سهل بن سعد في الصحيحين قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي أراد أن يتزوج امرأة قال:" وهل عندك شيء؟" قالت امرأت عرضت نفسها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها ثم أطرق، فقام رجل لما علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يريدها، قال له يا رسول الله: زوجني إياها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :"هل عندك شيء؟" قال : لا والله يا رسول الله، فقال له - صلى الله عليه وسلم - :"انظر ولو خاتماً من حديد"، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نصفه، الإزار الذي يرتديه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :" ما تصنع من ذلك؟ إن لبستَه لم يكن عليها منه شيء وإن لبسَتْه لم يكن عليك منه شيء"، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :" ماذا معك من القرآن؟" قال: معي سورة كذا وكذا، فقال: "تقرؤهن عن ظهر قلب؟" يعني عن غيب من غير قراءة من الورق؟ قال: نعم، قال: "اذهب فقد ملَّكتكها بما معك من القرآن"متفق عليه.
هذا الحديث يدل على أن المهر لا بد منه ولا يسقط المهر وكذلك يدل على أن المهر يصح أن يكون منفعة، فهنا تعليمها للقرآن هذا منفعة وليس مالاً، فيدل ذلك على جواز أن يكون المهر مالاً وأن يكون منفعة.
قال رحمه الله:((ومن تزوج امرأة ولم يسم لها صداقاً فلها مهر نسائها إذا دخل بها)) يعني إذا تزوج رجل امرأة ولم يذكر في العقد المهر الذي سيعطيها إياه قال:(فلها مهر نسائها) يعني لها مهر كما تأخذ بقية النساء مهورهن التي في مثل مستواها كأختها مثلاً وخالتها وعمتها كم يأخذن من المهور تأخذ هي كذلك في حال دخل بها، وذلك لحديث معقل ابن سنان الأشجعي أخرجه أحمد وأصحاب السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً حتى مات فقضى لها على صداق نسائها أي مهر مثلها من النساء وعليها العدة ولها الميراث، إذاً الشاهد أنه قضى لها على صداق نسائها أي لها مهر مثل مهر نسائها يعني النساء اللاتي هن في مستواها كأخواتها وخالاتها وعماتها.
هذا إذا دخل بها، وإذا لم يسم لها صداقاً وطلقها قبل الدخول فعليه المتعة، لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } [ الأحزاب/49] فمتعوهن أي أعطوهن ما يستمتعن به من مال أو منفعة، وتقدَّر هذه المتعة على حسب حال الرجل من عسرٍ أو يسر وما يناسب المرأة عرفاً ، هكذا تقدر المتعة.
قال المؤلف رحمه الله:((ويُستحب تقديم شيء من المهر قبل الدخول)) يجوز أن يكون المهر معجلاً ومؤجلاً، معجل يعني مدفوع عند العقد، ومؤجل إلى ما بعد العقد، ويجوز أن يكون بعضه معجلاً وبعضه مؤجلاً، لا بأس بذلك كله لأنه عقْد معاوضة يعني دفع شيء عوض عن شيء كالثمن في البيع والشراء، نفس الشيء، حتى أن الله سبحانه وتعالى سماه أجراً في كتابه، ولكن يستحب تقديم شيء من المهر قبل الدخول كما قال المؤلف رحمه الله لحديث سهل ابن سعد المتقدم الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل:"انظر ولو خاتماً من حديد" فحثه النبي - صلى الله عليه وسلم - على إعطائها شيئاً قبل الدخول.
قال المؤلف:((وعليه إحسان العشرة))
يعني على الرجل أن يحسن عشرة المرأة، ذكرنا ما معنى العشرة بمعنى الصحبة، فعليه أن يحسن عشرتها يعني أن يكرمها وأن يتلطف معها وأن يداعبها ويرفق بها ويعلمها ويؤدبها ويرحمها ويكف الأذى عنها ويعينها على طاعة الله ويجنبها ما حرَّم الله ويتحبب إليها ويتزين لها ويصبر عليها في الجماع إلى أن تقضي شهوتها أيضاً ويوسع النفقة عليها، هذا كله من إحسان العشرة .
هكذا يكون الإنسان محسناً لزوجته، إحسان العشرة واجب بقدر الاستطاعة لقول الله تعالى { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [ النساء/19]، بالمعروف شرعاً وبالمعروف عرفاً ، بالمعروف شرعاً وبالمعروف عرفاً تكون عشرة المرأة، وقال - صلى الله عليه وسلم - :"استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خُلقنَ من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمَه كسرته، وإن استمتعت بها استمتعت بها على اعوجاجها، فاستوصوا بالنساء خيرا" هذه وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا بد أن يكون الرجل رفيقاً بالمرأة حنوناً عليها لطيفاً بها، ما يستغل وضع القوة الذي وضعه الله سبحانه وتعالى فيه فيستغل الأمر ويُظهر عضلاته وقوته عليها ويحاول أيضاً أن يتجبر ويتسلط، هذا ليس من خلق المسلم ولا هو من العشرة الحسنة التي أوصى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بها ربنا تبارك وتعالى.
وكما أن على الرجل إحسان العشرة وكذلك على المرأة{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [ البقرة/228]، فإذاً المرأة كذلك أيضاً ينبغي أن تحسن العشرة مع زوجها، وكذلك يجب عليها ما قاله المؤلف رحمه الله، قال:((وعليها الطاعة)) لقوله تعالى { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } [ النساء/34] الشاهد، بعد أن قال في البداية: الرجال قوامون على النساء، قال أيضاً: فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنَّ سبيلا، إذاً، فالواجب على المرأة أن تكون مطيعة لزوجها وأن لا تكون ناشزاً، فإذا كانت ناشزاً ولم تكن مطيعة فقد جعلت لزوجها عليها سبيلا وإذا كانت مطيعة لم تجعل له عليها سبيلا فيتقي الله فيها.
قال المؤلف رحمه الله:((ومن كانت له زوجتان فصاعدا عدل بينهنَّ في القسمة وما تدعو الحاجة إليها. وإذا سافر أقرع بينهنَّ))
العدل بين النساء واجب لقول الله تعالى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً } [ النساء/3] وقال - صلى الله عليه وسلم - :" من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل" أخرجه أبو داود في سننه، فيقسم لكل واحدة ليلة في المبيت وكذلك في كل ما يقدر عليه مما تحتاجه النساء، كالنفقة مثلاً، النفقة في الأموال هذه كذلك يعدل بين نسائه فيها، وأما الجماع والحب فهذا أمر لا يملكه المرء ولكن لا يجوز له في نفس الوقت أن يكب على مجامعة واحدة ويترك الأخرى كالمعلقة، هذا أيضاً لا يجوز، نعم لا نلزمه أن يجامع الثانية إن جامع الأولى وأن يجامع الثالثة إن جامع الأولى والثانية لا يلزم بذلك لكن في نفس الوقت لا يجوز له أن يهجر واحدة منهنَّ ويجعلها كالمعلقة.
قائمة الخيارات
45 [4.4 %]
|
بقلم: أبي الحسن علي الرملي |
الثلاثاء 29 ذو الحجة 1433 |
عدد المشاهدات |
3967 |
عدد التحميلات |
120 |