شرح العقيدة الشامية الجزء الأول الدرس 3

س3: ما دينك؟

ج3: ديني الإسلام: الذي هو الاستسلام لله وحده، والانقياد له بالطاعة، واتباعُ نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيما بعث به.

أو قل: ديني الإسلام الذي هو دين محمد بن عبد الله الهاشمي نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم

فدين الإسلام بالمعنى الخاص الذي هو ديني ودين كل مسلم اليوم؛ هو دين محمد صلى الله عليه وسلم.

والإسلام بالمعنى العام هو دين جميع الأنبياء.

وسيأتي تفصيل هذا الكلام.

قال تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة 3]

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ ‌الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران 19]

وقال: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ ‌الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران 85]

الإسلام معناه: الاستسلام والخضوع لله وحده، فمن لم يستسلم لله فهو مستكبر عن عبادته، ومن استسلم له ولغيره فهو مشرك، فليسا مسلمين، والانقياد له بالطاعة ذلًا وخضوعًا، هذا معنى الإسلام، يقال: أسلم فلان لفلان، أي: ذل له، وانقاد له، وأعطاه مطلوبه، فالإسلام معناه: ذل لله، وانقياد لله بتوحيده، والإخلاص له، وطاعة أوامره، وترك نواهيه، هذا هو الإسلام، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19]، وسُمي المسلم مسلمًا؛ لأنه منقاد لله، ذليل مطيع له سبحانه في فعل ما أمر، وترك ما نهى.

ويطلق الإسلام على جميع ما أمر اللهُ به ورسولُه من صلاة وصوم وحج وإيمان وغير ذلك، كله يسمى إسلام، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19] وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3] وقال سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].

فالمسلم هو المنقاد لأمر الله قولًا وعملًا وعقيدة، والإسلام: هو الانقياد لأمر الله، والتسليم لأمر الله، والذل لأمر الله من جميع الوجوه.

قال الطبري رحمه الله في تفسيره: وأصل "الإسلام": الاستسلام؛ لأنه" مِن استسلمت لأمره"، وهو الخضوع لأمره. وإنما سمي "المسلم" مسلما بخضوع جوارحه لطاعة ربه.

هذا تعريف للإسلام بالمعنى العام، وهو بهذا المعنى دين جميع الأنبياء فيكون خضوعاً لله وانقياداً لطاعته واتباعاً لأنبيائه، وتجب طاعةُ كلِّ نبي في وقته، ففي وقت موسى طاعة موسى هي الإسلام، وفي وقت عيسى طاعة عيسى هي الإسلام، وفي وقت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم طاعته واتباع شرعه فقط هي الإسلام.


وقال ابن رجب في تفسير الفاتحة: وحقيقةُ الإسلامِ: الاستسلامُ للَّه تعالَى والانقيادُ لطاعتِهِ. وأمَّا الإسلامُ الخاصُّ، فهو دينُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

فالإسلام الخاص هو ديني وهو الذي يجب أن يكون دين الناسِ جميعاً، فلا يقبل الله دينا من أحد بعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا دينَه الذي بعثه الله به.

فبعد البعثة المحمدية صار الدين واحداً ونسخ اللهُ ما قبله، وصار الدين المعتبر دينَه عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز لأحد أن يبقى على دين من الأديان السابقة؛ لأن رسالته ودينَه عليه الصلاة والسلام عامٌ لكل الخلق، وشاملٌ لكل زمان ولكل جيل.

فهو الدين الذي رضيه لعباده من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة.

قال ابن عثيمين:

"فالعمل المقبول عند الله هو الإسلام، وهو الاستسلام لله تعالى ظاهراً وباطناً، وهذا يشمل الإسلام الخاص الذي هو دين محمد صلى الله عليه وسلم، وأمَّتِه.

والإسلام بالمعنى العام الذي هو دين جميع الأنبياء؛ لأن كل دين قائم هو دين الله، وهو دين الإسلام حتى تأتي شريعةٌ تنسخه، صارت الشريعة الناسخة هي دين الإسلام عند الله وهي المقبولة.

وقال: "وفي هذه الآية – يعني: قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}- دليل واضح على أن الديانات التي سوى دين الإسلام غير مقبولة عند الله مهما عمل عاملوها سواء كانت من دين اليهود أو من دين النصارى أو من أي دين آخر؛ فإنها لا تقبل عند الله لأنها ليست الإسلام الذي شرعه الله لعباده، ومن ساوى بين دين الإسلام وبين الديانات الأخرى، وقال: إنها كلَّها مرضية عند الله ومقبولة عنده؛ فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وذلك؛ لأن جميع الأديان السابقة منسوخة بالدين الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، ولن يرضى الله سبحانه وتعالى سوى هذا الدين الذي بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم، ولقوله تعالى {ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}". انتهى