س4: ما هذا الرجلُ الذي بُعثَ فيكم؟ أو مَن نبيُّك؟
ج4: هو محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ الهاشمي القرشي، رسولُ اللهِ الذي أرسله الله إلينا ليبلِّغنا دينه، وأمرنا بتصديقه ومحبته وطاعته واتباعه.
فنبينا الذي بعثه الله فينا: هو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، من قبيلة قريش، وقريش من ذرية إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
والعرب على قسمين في المشهور: العرب العاربة، وهم القحطانية، والعرب المستعربة، وهم العدنانية من ذرية إسماعيل عليه السلام بن إبراهيم الخليل عليه السلام، سموا بالمستعربة؛ لأنهم تعلموا العربية من العرب العاربة.
ولد عام الفيل في مكة، وأُمه آمنة بنت وهب، وهو نبي ورسول إِلى الناس كلهم، قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]
وهو خاتم النبيين، وليس بعده نبي ولا رسول.
نزل عليه الوحي وعمره أربعون سنة في مكة، وهاجر بعد ثلاثة عشر عامًا من بعثته إِلى
المدينة، وبقي فيها عشرَ سنين، ومات وعمره ثلاث وستون سنة في المدينة.
قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)).
فبين في هذا الآية أن محمد بن عبد الله رسولُ الله، وأنه آخر الأنبياء والرسل، لا نبي بعده ولا رسول.
وقال تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)).
{كَمَا أَرْسَلْنَا} أي أرسل الله تبارك وتعالى {فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتنَا} الْقُرْآن.
فهو رسول الله.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)).
{يأيها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} دَاوِمُوا عَلَى الْإِيمَان {بِاَللَّهِ وَرَسُوله} محمد صلى الله عليه وسلم {وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الْقُرْآن {وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل} أي وآمنوا بالكتب التي أنزلها عَلَى الرُّسُل من قبل {وَمَنْ يَكْفُر بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْيَوْم الْآخِر فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} عَنْ الْحَقّ.
ففي هذه الآيات وجوب الإيمان به وتصديقه.
وقال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)).
{وَأَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول} محمد صلى الله عليه وسلم {وَاحْذَرُوا} المعاصي، ومخالفة أمر الله وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} عَنْ الطَّاعَة {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولنَا الْبَلَاغ الْمُبِين} الْإِبْلَاغ الْبَيِّن وَجَزَاؤُكُمْ على الله.
ففيها وجوب طاعة الرسول، والنهي عن مخالفة أمره.
وقال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)).
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} أي: مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر.
ففيها وجوب طاعته في أمره ونهيه.
وقال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)).
فيها وجوب محبته صلى الله عليه وسلم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ". متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». متفق عليه.
في هذين الحديثين وجوبُ محبةِ الله ورسوله، وتقديمِها على محبة ما سواهما.
وقال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد، صلى الله عليه وسلم {قل} يا محمد: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} وهذا خطاب للأحمر والأسود والعربي والعجمي {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} أي: جميعكم، وهذا من شرفه وعظمته، صلى الله عليه وسلم، أنه خاتم النبيين، وأنه مبعوث إلى الناس كافة {الَّذِي} أي الله الذي أرسلني {له ملك السماوات وَالْأَرْض لَا إلَه إلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيت} صفة الله تعالى.
{فَآمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله} أخبرهم أنه رسول الله إليهم، ثم أمرهم باتباعه والإيمان به {النَّبِيّ الْأُمِّيّ} الذي لا يقرأ ولا يكتب، أي: الذي وُعِدتم به وبشرتم به في الكتب المتقدمة، فإنه موصوف بذلك في كتبهم؛ ولهذا قال: {الَّذِي يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَكَلِمَاته} الْقُرْآن {وَاتَّبِعُوهُ} فاهتدوا واقتدوا به وسيروا على طريقته أيها الناس، واعملوا بما أمركم أن تعملوا به من طاعة الله {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} تَرْشُدُونَ.
في هذه الآيات وجوب الإيمان به، واتباعه.