السلفيون بريئون من الأعمال الإرهابية
قال الإمام المحدث الفقيه أحمد بن يحيى النجمي – رحمه الله -- :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه . وبعد :
فإن الله أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ، وإن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي ترجمة عملية لشريعة الله ، والتي أمره باتباعها في قوله تعالى { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون . إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظلمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين } [ الجاثية 18 – 19 ].
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الغدر والخيانة ويأمر بالصدق والعفاف والأمانة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم : " إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا وليداً " رواه مسلم .
وفي رواية الطبراني في " المعجم الصغير " ، برقم الحديث (340) : " ولا تجبنوا ولا تقتلوا وليداً ، ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً " . فحرم الرسول صلى الله عليه وسلم الغدر ، وحرم الخيانة التي يستعملها الأرهابيون ، وحرم قتل النساء والأطفال والشيوخ الذين لا يستطيعون القتال ولا يقاتلون ، حرم قتل هؤلاء ، وحرم الإفساد ، فالله سبحانه يقول : { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين } [ الأعراف : 56] وأخبر أنه لا يحب المفسدين .
وأخبر أنه لا يهدي كيد الخائنين ، وعلى هذه الطريقة سار أصحابه فكانوا إذا أتوا قوماً من الكفار يدعونهم إلى الإسلام أولاً فإن أبوا وكانوا أهل كتاب دعوهم إلى الجزية فإن أبوا أعلنوا لهم القتال ، وأخبروهم أنهم سيقاتلونهم فيقاتلونهم بعد الإعلان لهم أما إذا كان الكفار وثنيين فإنهم يخيرون بين الدخول في الإسلام أو القتال ، ويقاتلونهم بعد إعلان القتال لهم .
أما ما يعمله الإرهابيون في هذا الزمان الذين يلبسون الألبسة الناسفة أو يقودون السيارات المفخخة ، فإذا وجدوا مجموعة من الناس فجر اللابس نفسه ، أو فجر سيارته ونفسه فهذا أمر ينبئ على الخيانة فالإسلام بعيد كل البعد ولا يقرُّه أبداً .
وإن ما يعمل الآن من الأعمال الانتحارية في بريطانيا ، أو غيرها من البلدان إنما يعملها ويخطط لها التكفيريون الخوارج الذين ذمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة " .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " شر قتلى تحت أديم السماء " .
وقال : " طوبى لمن قتلهم أو قتلوه " .
وقال : " أينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجراً عند الله " .
وقال عنهم : " كلاب النار " .
وقال : "لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد " . وفي رواية : " قتل ثمود " .
وقال عنهم : " أما إنه ستمرق مارقة يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، ثم لا يعودون إليه حتى يرجع السهم على فوقه " .
ومعنى مرق : خرج من الجانب الآخر ، والخوارج يمرقون من الدين أي : يخرجون منه لا يعلق بهم منه شيء .
وعلى هذا فمن المعلوم أن الإسلام بريء من هذه التصرفات الهوجاء الرعناء ، وإنه ليشجب فاعليها ، وينكر أفعالهم وإن الذين يتهمون السلفيين الذين يتبعون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويسيرون على نهج الصحابة ؛ إن الذين يتهمونهم بالتفجيرات في بريطانيا أو غيرها والتي تشتمل على قتل الأنفس ، وإتلاف الأموال ، وإراقة الدماء ، وإخافة الناس ، والخروج على الدولة ؛ إن الذين يتهمون السلفيين بهذا هم الذين يفعلون هذه المناكر ، ويريدون أن يلصقوها بغيرهم هم أصحاب تنظيم القاعدة الذين يتابعون أسامة بن لادن والمسعري ، وسعد الفقيه وأمثالهم ؛ لأن هؤلاء تربوا على كتب المكفرين ، أمثال سيد قطب ومن معه في هذا المنهج الخاطئ الذين يكفرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم بغير حق ؛ بل يكفرون بالمعاصي ، والمعاصي لا يسلم منها أحد .
والحقيقة أنه لا يجوز أن نكفر أحداً من المسلمين إلا من كفره الله عز وجل كالمشركين شركاً أكبر، قال الله عز وجل : {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخسرين } [ الزمر :65] .
وقال سبحانه : { ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهن له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكفرون } [ المؤمنون : 117] .
وقال سبحانه وتعالى : { فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين } [ الشعراء :113] .
وقال تعالى على لسان عيسى بن مريم أنه قال : { يبني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار } [ المائدة : 72].
هذه هي الحقيقة التي لا يجوز لأحد أن يحيد عنها ، ومن زعم خلاف ذلك من المكفرين الذين يكفرون الموحدين المصلين الصائمين فهو مبطل وداع إلى الباطل ، هذه هي الحقيقة التي لا يجوز الشك فيها ولا الميل عنها ، وبالله التوفيق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .