تفسير سورة آل عمران الآيات من 10- 13
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)}
{إن الذين كفروا} أي الذين لم يؤمنوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا بما جاء به {لن تغني} لن تنفع ولن تدفع {عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً} أي من عذاب الله، يعني بذلك أن أموالهم وأولادهم لن تنجيهم من عذاب الله {وأولئك هم وقود النار} أي هم حطب نار جهنم.
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)}
{كدأب آل فرعون} أي كسنة آل فرعون وعادتهم {والذين من قبلهم} كفار الأمم الماضية مثلُ عادٍ وثمودَ وغيرهم {كذبوا بآياتنا فأخذهم الله} فعاقبهم الله {بذنوبهم} أي بسبب ذنوبهم.
ومعنى الآية: أن الكافرين لا تغني عنهم الأموال ولا الأولاد إذا نزل بهم عذاب الله، بل يهلكون ويعذبون؛ كما حصل لآل فرعون ومن قبلهم من الأمم من المكذبين للرسل كذبوا الرسل فعاقبهم الله ولم يدفع عنهم العذاب أولادهم ولا أموالهم ولم تنفعهم شيئاً، وكذلك الأمر في هؤلاء الكفار {والله شديد العقاب} أي والله شديد عقابه أليم عذابه لمن كفر به وكذب رسله بعد قيام الحجة عليه.
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}
{قل} يا محمد {للذين كفروا} من اليهود وغيرهم {ستغلبون} تهزمون في الدنيا في قتالكم محمداً {وتحشرون} في الآخرة يوم القيامة {إلى جهنم وبئس المهاد} أي: الفراش، وبئس كلمة تقال للذم، أي: بئس ما مُهِّد لهم، أي ما أعد وهيئ لهم، يعني: النار.
{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}
{قد كان لكم} أيها الكفار من اليهود { آية} أي: عبرة ودلالة على صدق ما أقول لكم: من أنكم ستغلبون {في فئتين} أي قد كان لكم عبرة في فرقتين، والفئة : الجماعة من الناس التقتا للحرب {التقتا} يوم بدر اجتمعت فرقة المسلمين وفرقة الكافرين، والتقتا للقتال {فئة تقاتل في سبيل الله} أي جماعة تقاتل في طاعة الله وعلى دينه، وهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه، وهم كانوا ثلاثَمِائةٍ وثلاثةَ عشرَ رجلاً، سبعةٌ وسبعون رجلاً من المهاجرين ومائتان وستةٌ وثلاثون رجلاً من الأنصار {وأخرى كافرة} أي: فرقة أخرى كافرة، وهم مشركو قريش، وكان عددهم كثيراً أكثر من المسلمين، يرأسهم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وفيهم مائةُ فرس، وكانت حربُ بدر أولَ مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم {يرونهم مثليهم} أي يرى المسلمون المشركين مثليهم أي ضعفيهم في العدد، ومع هذا نصرهم الله عليهم، فلا تغتروا أيها اليهود بكثرتكم وبأسكم، واحذروا أن تهزموا كهزيمة مشركي قريش {رأي العين} أي: في رأي العين، رؤية ظاهرة معاينة {والله يؤيد} أي يقوي {بنصره من يشاء} نصْرَه { إن في ذلك} الذي ذكرت {لعبرة} لعظة ومتفكر {لأولي الأبصار} لذوي العقول.