الدرس الخامس
[المجلس الخامس]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، هذا المجلس الخامس من مجالس الدرر البهية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى :باب الوضوء
الوضوء لغة مشتق من الوضاءة وهي الحُسن والنظافة والنقاوة،وأما في الشرع فهي التعبد لله بغسل الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة، فماهيَّة الوضوء متركبة من هذه الأعضاء الأربعة فهي أركانه وأساساته كما سيأتي،وقيل : إيصال الماء إلى الأعضاء الأربعة مع النية (هذا قول آخر في تعريف الوضوء).
أما حكم الوضوء فالوضوء واجب للصلاة لقول الله تبارك وتعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين }هذه الآية أصل في وجوب الوضوء، والوضوء شرط، لا تصح الصلاة إلا به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" وقال ابن المنذر رحمه الله : أجمع أهل العلم على أن الصلاة لا تجزئ إلا بطهارة إذا وجد المرء إليها السبيل ، إذاً فالوضوء شرط من شروط صحة الصلاة، ووجوب الوضوء على المحدث فقط، أما من لم يحدث كان متوضئاً ولم يحدث فصلاته مقبولة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى يوم الفتح الصلوات كلها بوضوء واحد فقيل له في ذلك قال :" عمداً فعلته " يريد أن يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز هذا الأمر . وجاء عن أنس أيضاً أنه قال بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة فقيل له : وأنتم ؟ قال : نحن كنا نصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد (هذه سنة تقريرية) فتقدير الآية على هذا { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم }
إذا أخذنا الآية هكذا على ظاهرها كان واجباً على كل من أراد أن يصلي أن يتوضأ سواء كان متوضئاً أو غير متوضئ لكن لما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا ليس بلازم احتجنا إلى تفسير لهذه الآية وصرف لها عن ظاهرها فقدّر أهل العلم (إذا قمتم إلى الصلاة محْدِثين) { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة -محدثين- فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق } وهذا تقدير جمهور علماء الإسلام عملاً بجميع الأدلة الواردة في ذلك فالوضوء واجب على المحدث إذا أراد أن يصلي وهو مستحب للمتوضئ أن يجدد وضوءه ، المتوضئ الذي لم يحدث يستحب له أن يجدد وضوءه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ عند كل صلاة .
قال المؤلف رحمه الله:((يجب على كل مكلَّف أن يسمي إذا ذكر)) يقرر المؤلف رحمه الله هنا وجوب التسمية في الوضوء ، والعلماء تارة يطلقون الوجوب ويريدون الركن (الذي لا يصح العمل إلا به) وتارة يطلقون الوجوب(الذي يصح العمل بغيره بعدم وجوده ولكن تاركه يأثم) ويريدون الواجب ، الواجب الذي هو بمعنى ما أمر به الشارع أمراً جازماً وتارة يطلقون الواجب بمعنى الركن .يقول المؤلف هنا:((يجب على كل مكلف أن يسمي إذا ذكر)) كما هو معلوم في الأحكام الشرعية ، الأحكام الشرعية واجبة على المكلفين، وغير المكلف لا تجب عليه لأن القلم مرفوع عنه، والمكلف هو البالغ العاقل، وأما التسمية في الوضوء فقد اختلف أهل العلم في حكمها فالبعض قال بالوجوب والبعض قال بالاستحباب والبعض قال بالبدعية والخلاف فيها حاصل وشديد بين أهل العلم وسبب الخلاف صحة الأحاديث التي وردت فيها وفهمها ، جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " أخرجه الترمذي وغيره، ووردت أحاديث أخرى بمعنى هذا الحديث ، هذا الحديث يدل على أن التسمية ركن في الوضوء لا يصح الوضوء إلا بها ، استثنى المؤلف رحمه الله الناسي، للأدلة الواردة التي تدل على أن الناسي غير مؤاخذ لكن هذا الحديث ضعيف ضعّفه جمع من أهل العلم من علماء العلل المتقدمين بل قال الإمام أحمد رحمه الله:لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد ، وفي رواية عنه : ليس فيه حديث يَثبت-أي هذا الباب- فضعّف جميع الأحاديث التي في هذا الباب التي تدل على وجوب التسمية في الوضوء فإذا لم يصح فيه شيء فلا معنى لإبطال عبادة المسلم بغير دليل صحيح، بل لو كانت البسملة مستحبة في هذا الموضع لنُقل لنا ، دقائق مسائل الوضوء نُقلت لنا في أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما منها حديث عثمان وحديث علي بن أبي طالب وحديث عبدالله بن زيد وحديث ابن عمرو وحديث أبي هريرة وغيرها من الأحاديث نُقلت لنا ونقلت هذه الأحاديث دقائق مسائل الوضوء وأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - لها وكان الوضوء يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مرات في اليوم ورآه جمع من الصحابة ونقلوا وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل أحد منهم بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمي في الوضوء ، هذا كله يدل على أن التسمية في هذا الموضع لا محل لها .
ثم قال رحمه الله:(( ويتمضمض ويستنشق)) أي يجب على كل مكلف أن يتمضمض ويستنشق ، ذهب المؤلف إلى وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء ، نحن اتفقنا في البداية أن أركان الوضوء التي يكون منها ماهية الوضوء وحقيقته هي الأربعة (الوجه واليدان والرأس والرجلان) هذه هي الأركان الأربعة ، الآن المضمضة والاستنشاق حصل خلاف بين أهل العلم فيها أهي أيضاً من واجبات الوضوء أم لا ؟ المؤلف يذهب إلى هذا ، يقول: يجب على المكلف أن يتمضمض ويستنشق ، المضمضة معروفة وهي أن يجعل الماء في فمه ثم يديره ثم يمجُّه ، والاستنشاق : إدخال الماء في الأنف (سحبه بالريح ) والاستنثار : إخراج الماء من الأنف بالريح ، واستدل مَن قال بالوجوب بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :"إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر" حديث متفق عليه ، وكذلك حديث لَقيط بن صَبِرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" وكذلك قالوا : أمَر الله سبحانه وتعالى في كتابه في آية الوضوء بغسل الوجه ، والمضمضة والاستنشاق من الوجه قالوا : إذاً فالمضمضة والاستنشاق واجبة كما أن الوجه غسله واجب والصحيح أن المضمضة والاستنشاق سُنتان في الوضوء وفي الغسل لقول الله تبارك وتعالى(فاغسلوا وجوهكم) هذه الآية التي وردت آية الوضوء مبيَّنة واضحة ليس فيها إجمال فذَكر الله سبحانه وتعالى فرائض الوضوء فيها ولم يذكر المضمضة والاستنشاق ، قالوا: المضمضة والاستنشاق من الوجه قلنا :لانسلِّم لماذا؟ لأن الوجه عند العرب ما حصلت به المواجهة والفم والأنف إدخال الماء فيهما ليس مما هو مواجه ، الأنف من الخارج من الوجه والفم من الخارج من الوجه أما من الداخل ليس من الوجه فلا نسلِّم بهذا ، أما الأحاديث التي وردت فيها الأمر فهي مصروفة بهذه الآية إذ لو كانت واجبة لذُكِرت في هذه الآية ، وقال بهذا الذي قلناه الإمام الشافعي رحمه الله ، الشافعية على هذا وقال به أيضاً الحسن البصري والزهري والحكم وقتادة ومالك والأوزاعي والليث بن سعد وهو رواية عن الإمام أحمد ، هؤلاء قالوا بسنية المضمضة والاستنشاق .
قال المؤلف رحمه الله : ((ثم يَغسل جميع وجهه)) غسل الوجه ركن من أركان الوضوء لا إشكال في ذلك ، لا يصح الوضوء إلا به، نقلوا الاتفاق على أن غسل الوجه من واجبات الوضوء فهو مذكور في الآية التي تقدمت ، والوجه في اللغة ما حصلت به المواجهة وحَدُّه من أعلى الجبهة،من منبت الشعر (أعلى الجبهة: منبت الشعر ،أول ما يبدأ معك الشعر في الجبهة وأنت طالع فوق ، أول ما يبدأ معك الشعر هذا بداية الوجه ) إلى منتهى الذقن ، كله هذا في الواجهة -هذا من ناحية الطول- ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن، هذا أيضاً الوجه ، إذاً هذا حدُّه، هذا الوجه الذي يجب غسله لكن كما هو معلوم ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، لن تتمكن من غسل جميع الوجه الذي أُمرت بغسله إلا بغسل شيء من الشعر وقليل من أسفل الذقن .
قال المؤلف رحمه الله :((ثم يديه مع مرفقيه)) أي يجب على كل مكلف أن يغسل يديه مع مرفقيه ، المرفقان هما المفصلان بين العضد والذراع، يعني المنطقة التي تلتوي عندك في نصف اليد تقريباً والتي تسهل عليك كسر اليد هذه تسمى المرفق ، فيجب غسل اليدين مع المرفقين ، الوارد في الآية {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) إلى المرافق ، كلمة (إلى)في اللغة تدل على غاية الشيء لكن هل هذا الشيء الذي انتهينا إليه يدخل فيما أُمرنا به أم لا يدخل ؟ فيه احتمال لكن وردت السنة ببيان أنه داخل، فالمرفق إذاً داخلٌ في الغسل ، ما هي السنة التي وردت في ذلك ؟ ورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه، جاء عن نُعيم قال : رأيت أبا هريرة يتوضأ قال : فغسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، يعني حتى بدأ بغسل العضد ، إذاً دخل المرفق أو ما دخل ؟ دخل ، وغسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد ، كذلك دخل المرفق ، إذاً هنا تبين لنا أن غسل اليدين يكون مع المرفقين، والمهم أيضاً أن ننبِّه عليه في غسل اليدين أن غسل اليدين يبدأ من الأصابع من البداية إلى المرفقين وليس من الرسغ ، كثير من الناس يبدأ بالرسغ ويُكمل إما لجهله بوجوب غسل اليدين أو اعتماداً على غسل الكفين في بداية الوضوء وهذا خطأ ، اليد التي ذُكرت في الآية تشمل الكف، إذاً الغسل يجب أن يبدأ من رؤوس الأصابع إلى المرافق .
ثم قال رحمه الله :((ثم يمسح رأسه )) وهذا أيضاً من أركان الوضوء لا خلاف في وجوبه لكن الخلاف حاصل في مسحه كله أم يكفي بعضه ؟ الآن الرأس ما هو ؟ ما اشتملت عليه منابت الشعر المعتاد ، هذا هو الرأس، هذه التعريفات دقيقة توصلك إلى معرفة الواجب بسهولة . هل الواجب مسح جميع الرأس أم مسح بعضه ؟ اختلف أهل العلم في ذلك وسبب الاختلاف هو اختلافهم في فهم الآية { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ } هل الباء هذه باء زائدة أم تبعيضية أم باء للإلصاق خلاف ونزاع بين أهل العلم كثير وحصل النزاع بسبب فهم هذه الآية هل الواجب مسح جميع الرأس أم بعضه؟ والصحيح أن الواجب هو مسح جميع الرأس لماذا ؟ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث واحد أنه مسح بعض رأسه إلا في حديثٍ مسح ناصيته مع العمامة ، مسَح الناصية أي ما كان ظاهراً من رأسه ثم أكمل على العمامة وهذا لا يعد تبعيضاً إذاً والذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن زيد أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه بالكامل بدأ بمقدم رأسه وذهب بيديه إلى قفاه ثم رجع بهما إلى مقدم رأسه، هذا الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذاً هذه هي الكيفية الواجبة فالبيان جاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - فنقف عنده .
طبعاً بالنسبة للرأس المرأة كالرجل تمسح كالرجل وإذا كان لها ذيل فلا يجب عليها أن تمسح ذيلها .
ثم قال رحمه الله:((مع أذنيه)) أي يمسح أذنيه مع رأسه ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه كان يمسح أذنيه مع رأسه ، كان يمسح ظاهرهما وباطنهما ، كيف طريقة المسح ؟ تضع إبهام اليد خلف الأذن والسبابة في داخلها وتبدأ من الأسفل وترتقي إلى الأعلى ثم ترجع إلى الأسفل ، هذه الكيفية التي أخذناها عن علمائنا .
وهل مسح الأذنين واجب كوجوب مسح الرأس أم لا ؟ أيضاً هذا حصل فيه نزاع بين أهل العلم ، سبب النزاع هل مسح بعض الرأس يكفي أم لا ؟ الذي قال بأن مسح بعض الرأس يكفي لم يقل بوجوب مسح الأذنين وكذلك حديث "الأذنان من الرأس" أيضاً كان سبباً في هذا الخلاف والخلاف شديد جداً في صحة حديث "الأذنان من الرأس ".
قال المؤلف رحمه الله : ((ويجزئ مسح بعضه)) يجزئ مسح بعض ماذا؟ مسح بعض الرأس ، إذاً المؤلف رحمه الله يذهب إلى جواز مسح بعض الرأس ، لكن كما ذكرنا لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح بعض رأسه إذاً نتقيد بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح رأسه كاملاً وورد عنه أنه مسح على العمامة وورد عنه أنه مسح على الناصية مع العمامة ، هذه هي الصور التي وردت عنه - صلى الله عليه وسلم - .
ثم قال:((والمسح على العمامة))أي ويجزئ المسح على العمامة، العمامة ما يُلَفُّ على الرأس ، ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على العمامة وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على ناصيته مع العمامة .
ثم قال رحمه الله :((ثم يغسل رجليه مع الكعبين ))غسل الرجلين وارد في الآية وهو ركن من أركان الوضوء وقد اتفقوا على وجوب غسل الرجلين ، وغسل الرجلين مع الكعبين هو الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال ابن عمر: تخلف عنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في سَفرة فأدرَكَنا وقد أرهقْنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا مسحاً فنادى بأعلى صوته :"ويلٌ للأعقاب من النار " مرتين أو ثلاث ، العقِب: مؤخِّر القدم ،والكعبان: العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم ،العظمان الناتئان يعني البارزان ، فيه عظمين بارزين عند الوصلة ما بين الساق والقدم ، هذا يسمى كعباً ، هذا الحديث يدل على وجوب غسل القدمين، وأما دليل غسل الكعبين مع الرجلين فحديث أبي هريرة الذي تقدم معنا ، قال نعيم :( رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ثم مسح رأسه ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق)، هذا الشاهد ، غسل رجله اليمنى حتى بدأ بغسل الساق ، إذاً فغَسَل الكعبين معه ، (ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق) ثم قال :-هذا فعل أبي هريرة - ثم قال : (هكذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ).
قال رحمه الله :((وله المسح على الخُّفَّين )) أي ويجوز للمكلف أن يمسح على الخفين، والخُف هو ما يُلبس في الرجل من جلد رقيق وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على خُفَّيه، فيه أحاديث كثيرة منها حديث المغيرة في الصحيحين ، والمسح يكون أعلى الخف، يعني المسح يكون على الجهة العالية من الخف التي فوق، جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ولكنني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظهر الخف .
والمسح على الخفين شرطه أن تلبسهما على طهارة، أي وأنت متوضئ، دليل ذلك حديث المغيرة، أراد المغيرة أن يصب الماء على قدمي النبي - صلى الله عليه وسلم -كي يغسلهما فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :"دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما" والأحاديث في المسح على الخفين كثيرة. وإذا كنت مقيماً فلك أن تمسح عليهما يوماً وليلة وأما المسافر فثلاثة أيام ، قال شُرَيْح بن هانئ : سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت : سَلْ علياً فهو أعلم مني، هو كان يسافر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فسألتُ علياً فقال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - :" للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليَهُنّ" هذه مدة المسح على الخِفاف .
قال رحمه الله ((ولا يكون وضوءاً شرعياً إلا بالنية لاستباحة الصلاة )) أي لا بد من النية كي يكون الوضوء صحيحاً، فالنية شرط في صحة الوضوء وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " الحديث.. والوضوء عبادة يُقصد بها التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وليست هي فقط وسيلة بل يُقصد بها أيضاً التقرب إلى الله سبحانه وتعالى فتُشتَرط لها النية .
نكتفي بهذا القدر إن شاء الله