الدرس السادس عشر
[المجلس السادس عشر]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:فهذا المجلس السادس عشر من مجالس شرح الدرر البهية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى : باب صلاة التطوع
التطوع هو القيام بالعبادة طواعية بالاختيار من غير أن تكون مفروضة عليك من الله تبارك وتعالى، وأصل تسميتها بذلك وردت فيه أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها: حديث طلحة بن عبيد الله الذي سأل فيه الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام،فقال:" خمس صلوات في اليوم والليلة" قال: هل علي غيرها؟ قال:"لا، إلا أن تطَّوّع".
قال المؤلف رحمه الله:((هي: أربعٌ قبل الظهر. وأربعٌ بعده. وأربعٌ قبل العصر. وركعتان بعد المغرب. وركعتان بعد العشاء. وركعتان قبل صلاة الفجر))
بدأ المؤلف رحمه الله بذكر النوافل الرواتب أو السنن الرواتب، الرواتب هنَّ التابعات للفريضة، والراتب هو الثابت والدائم، وهي الواردة في حديث ابن عمر، قال رضي الله عنه: حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الفجر. هذه عشر ركعات، وفي رواية في الصحيحين" وركعتين بعد الجمعة"، وأخرج البخاري من حديث عائشة قالت:" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعاً قبل الظهر" بهذا يكون قد اكتمل العدد اثنا عشر ركعة . بقي مما ذكره المؤلف أربع بعد الظهر وأربع قبل العصر، ودليل الأربع بعد الظهر حديث أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول:"من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعاً بعدها حرَّمه الله على النار" أخرجه أحمد وأصحاب السنن وهو مُعَلّ، له طرق، طريقٌ حكم عليها النسائي بالخطأ وكذا فعل المزي بطريقٍ أخرى، والثالثة منقطعة من رواية مكحول، والرابعة ضعيفة، فهي أربع طرق ضعيفة لا يتقوى بعضها ببعض إذ لا يصلح منها في الشواهد والمتابعات إلا الطريق الرابعة الضعيفة من رواية القاسم أبي عبد الرحمن ، وأما البقية فالمنقطع لا يصلح في الشواهد والمتابعات إذ لا نعلم نحن من الذي سقط، وأما الطرق التي هي عبارة عن أخطاء فهذه حالها أسوأ حالاً من المنقطعة، فالحديث ضعيف، وحديث "رحم الله امرئً صلى قبل العصر أربعاً" أيضاً مُعل أعله أبو حاتم الرازي وغيره من أئمة العلل وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يضعِّفه بشدة، فالرواتب هي ما ذكرت فيما تقدم.
قال المؤلف رحمه الله:((وصلاة الضحى. وصلاة الليل، وأكثرها ثلاثة عشر ركعة يوتر في آخرها بركعة. وتحية المسجد. والاستخارة.وركعتان بين كل أذانٍ وإقامة)) هذه أيضاً من صلوات التطوع، أما صلاة الضحى فهي من صلاة التطوع المشروعة ودليلها قال ابن أبي ليلى: ما أخبرنا أحد أنه رآى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى غير أم هانئ، "ذكرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة اغتسل في بيتها فصلى ثماني ركعاتٍ فما رأيته صلى صلاة أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود" متفق عليه، وفي رواية عند مسلم"سُبحة الضحى" صلى - صلى الله عليه وسلم - سُبحة الضحى، والسبحة هي النافلة أي نافلة الضحى، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" أوصاني خليلي بثلاثٍ لا أدعهنَّ حتى أموت: صوم ثلاثة أيامٍ من كل شهر وصلاة الضحى ونومٍ على وتر" متفق عليه، وفي رواية مسلم" وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أرقد" لاحظوا هذه الأحاديث الآن أثبتنا فيها مشروعية صلاة الضحى لكن في نفس الوقت أيضاً علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى ثمانية وعلمنا أيضاً من حديث أبي هريرة أن الضحى تصح بركعتين، وأقل صلاة الضحى ركعتين لحديث أبي هريرة المتقدم ولا حد لأكثرها على الصحيح خلافاً لما ذكره المؤلف رحمه الله، لماذا؟ لقول عائشة الذي في صحيح مسلم : "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله " فلم يكن له حد يقف عنده، قالت:"يزيد ما شاء الله" فلم تقيِّد بعدد معيَّن، وكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى اثنتا عشرة ركعة لا يدل ذلك على أن الحد المحدود هو هذا العدد، فقولها هنا:"ويزيد ما شاء الله" يدل على أن الأمر مفتوح.
وأما وقتها :فمن طلوع الشمس وارتفاعها مقدار رمح إلى استواء الشمس في كبد السماء ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح فمن هنا قلنا: لا يجوز أن تصلى قبل ذلك، ونهى عن الصلاة بعد استواء الشمس في كبد السماء إلى دخول وقت الظهر وهذا كله تقدم في أوقات المنهي عن الصلاة فيها، والوقت الأول يقدر بربع ساعة بعد طلوع الشمس، والثاني يقدربعشر دقائق قبل دخول وقت الظهر، والأفضل صلاتها بعد اشتداد الحر لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" صلاة الأوابين حين ترمض الفصال" أخرجه مسلم، أيصلاة الطائعين وقتها حين تحترق أخفاف الفصال التي هي الصغار من أولاد الإبل ، ومتى تحترق أخفافها ؟ عند اشتداد حرارة الرمل وهذا يكون عند اشتداد حرارة الشمس .
وأما صلاة الليل فيعني بها قيام الليل وهي من صلاة التطوع وليست فرضاً، فالأعرابي عندما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام ، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- :" خمس صلوات في اليوم والليلة"، قال : هل علي غيرها قال :" لا، إلا أن تطوع " فبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك أن الصلوات المفروضة على العبد هي هذه الخمس لا غيرها.
وأما كونها مشروعة فأدلة ذلك كثيرة من الكتاب والسنة، أخرج مسلم في صحيحه أن عائشة سئلت عن قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت للسائل :" ألست تقرأ يا أيها المزمل ؟ قال : قلت : بلى، قالت : فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، افترض يعني فريضة، فقام نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حولاً (عام كامل ) وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة" هذا هو الشاهد، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل"، وأما وقته فمن بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأما أكثرها فأكثر ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ثلاث عشرة ركعة في الصحيحين، لكن الزيادة جائزة لأن السلف كانوا على ذلك، كانوا يزيدون على هذا العدد، ولم يفهم أحد منهم أن هذا العدد لا يجوز الزيادة عليه بل كانوا يزيدون ولا ينكر بعضهم على بعض في ذلك ، ويوتر آخرها بركعة لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" وهذا متفق عليه، وقال - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن صلاة الليل قال:" مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فصلِّ ركعة واجعل آخر صلاتك وترا" متفق عليه ، وأما تحية المسجد فلقوله - صلى الله عليه وسلم - :" إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" متفق عليه، وتسميتها تحية المسجد تسمية فقهية من الفقهاء هم الذين سموها بهذا الاسم، وحكمها سنة بالاتفاق لم يخالف في ذلك إلا بعض أهل الظاهر وهم مسبوقون بالإجماع ، والإجماع صارف للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب وكذلك حديث الأعرابي الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - :" خمس صلوات في اليوم والليلة قال: هل علي غيرها؟ قال:" لا، إلا أن تطوع، إذاً لا يوجد فريضة عينية على مسلم في الصلاة إلا هذه الخمس، فالإجماع مع هذا الحديث صارفان للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب. قال ابن حزم رحمه الله: واتفقوا أن كل صلاة ما عدا الصلوات الخمس وعدا الجنائز والوتر وما نذره المرء ليست فرضاً. يعني اتفقوا على أن غير هذه المذكورات ليست فرض، واختلفوا في الجنائز والوتر وما نذره الشخص وجعله نذراً، هل هي واجبات أم لا؟ الصحيح أن صلاة الجنائز سيأتي حكمها إن شاء الله وأنها واجبة وجوب كفائي، والوتر ليس بواجب كما تقدم وما نذره المرء هذا هو الذي أوجبه على نفسه. وأما صلاة الاستخارة، الاستخارة طلب خير الأمرين من الله تبارك وتعالى، دليل مشروعيتها ما أخرجه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن ثم ذكر الحديث، وأما دليل الركعتين بين كل أذان وإقامة فقوله - صلى الله عليه وسلم - :" بين كل أذانين صلاة،بين كل أذانين صلاة،بين كل أذانين صلاة " ثم قال: "لمن شاء" والمراد بالأذانين: الأذان والإقامة، ويقال للأذان والإقامة الأذانان من باب التغليب وهذا معروف عند العرب كقولهم : القمران للشمس والقمر، وقولهم :العُمَران لأبي بكر وعمر وقولهم : الأسودان للتمر والماء وهكذا ، لكن لو قال لك قائل : لماذا قالوا في أبي بكر وعمر العمران ولم يقولوا : البكران مثلاً؟ لأن العمَران أخف على اللسان، لذلك يأخذون الأخف ويغلِّبونه. وأعظم فضيلة لكثرة التنفل ما ورد في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" إن أول ما يحاسب به العبد المسلم يوم القيامة: الصلاة، فإن أتمها وإلا قيل :انظروا هل له من تطوع، فإن كان له تطوع أُكملت الفريضة من تطوعه ثم يُفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك" أخرجه أبو داود وغيره، فتصور شخص يأتي صلاته ناقصة ولا تطوع عنده!نسأل الله العافية، وهذا يكفي المسلم الحريص على الخلاص من عذاب الله تبارك و تعالى بأن يحرص حرصاً شديداً على كثرة التنفل والجد في ذلك.
قال المؤلف رحمه الله: باب صلاة الجماعة
أي بيان حكم صلاة الجماعة وأحكام صلاة الجماعة
قال:(( هي آكد السنن)) أي المستحبة، كون صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد فهذا لا شك فيه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - :"تفضل صلاة الجماعة صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجة" متفق عليه، وهذا يدل على أن صلاة المنفرد صحيحة ومقبولة، طبعاً متفق عليه بغض النظر عن العدد بسع وعشرين أو خمسٍ وعشرين، وهذا يدل على أن صلاة المنفرد صحيحة ومقبولة مع أن صلاة الجماعة أفضل، ولكن، هل صلاة الجماعة في المسجد واجبة أم مستحبة؟ ها هنا حصل الخلاف بين العلماء، ومن أحسن مَن تكلم عن هذا الموضوع الإمام ابن المنذر رحمه الله في كتابه الأوسط، والصحيح أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة، وأدلة ذلك حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم في صحيحه قال:" أتى رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أن يرخِّص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولّى دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب" فإذا كان هذا أعمى وأوجب النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه أن يلبي النداء فمن باب أولى البصير، وكذا حديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هَمَّ أن يحرِّق بيوت الذين لا يحضرون صلاة الجماعة، وفي رواية في الصحيحين: صلاة العشاء في جماعة، وقد أمر أيضاً ربنا تبارك وتعالى بصلاة الجماعة في حال الخوف، ففي حال الأمن من باب أولى، وساق ابن المنذر في الأوسط عن جمع من الصحابة قولهم بوجوب الصلاة، أي صلاة الجماعة بل قال عبد الله ابن مسعود في صحيح مسلم:"لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق" لكن هذا كله لمن لا عذر له، أما من كان معذور لمرض أو غيره فهذا له أن يتخلف عن صلاة الجماعة فقد ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرض ولم يخرج إلى صلاة الجماعة .
قال المؤلف رحمه الله:((وتنعقد باثنين)) هذا أقل العدد الذي تنعقد به صلاة الجماعة، دليله حديث ابن عباس في الصحيحين أيضاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام يصلي وكان ابن عباس بائتاًعنده في بيت خالته ميمونة زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- فرآى النبي -صلى الله عليه وسلم- قام يصلي، قال: فقمت عن يساره، يصلي معه، فأدارني النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعلني عن يمينه، دل ذلك على أن الجماعة تنعقد باثنين وكذا رآى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يصلي وحده فقال -صلى الله عليه وسلم-:" ألا رجلٌ يتصدق على هذا فيصلي معه" دل ذلك على أن الجماعة تنعقد باثنين.
قال المؤلف رحمه الله:((وإذا كثُر الجمع كان الثواب أكثر)) لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله" أخرجه أحمد وأبو داود وهو صحيح ،صححه علي ابن المديني وغيره.
قال المؤلف:((ويصح بعد المفضول)) أي وراءه أي يصح للفاضل أن يصلي خلف من هو أقل منه فضلاً، وهذا صحيح لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى خلف أبي بكرٍ الصديق في الصحيحين وصلى أيضاً خلف عبدالرحمن بن عوف .
قال:((والأَولى أن يكون الإمام من الخيار)) استدل المؤلف على ذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفودكم فيما بينكم وبين ربكم" هذا الحديث جاء من حديث ابن عباس ومن حديث مرثد عند الحاكم وكلاهما ضعيف وقد بيَّن ضعفهما بشكلٌ طيب الإمام الألباني رحمه الله في الضعيفة 1823 وأما حكم المسألة فالأَولى أن يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله كما سيأتي في الأحاديث.
قال : ((ويؤم الرجل بالنساء لا العكس)) أما إمامة الرجل للنساء أدلتها كثيرة في الصحيحين وغيرها، قال أنس ابن مالك : قمت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- أنا ويتيم لنا قال : والعجوز من ورائنا، وأيضاًجاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وخلفه الرجال وخلف الرجال النساء.
وأما إمامة النساء للرجال فلا تجوز في الفرائض بالإتفاق ، واختلف أهل العلم في النافلة فجوَّزها الطبري وغيره والصحيح أنها لا تجوز ، والحجة في ذلك لأنه لم يرد في السنة ما يدل على جواز إمامة النساء للرجال، وجاءت الشريعة بالتفريق بين الرجال والنساء في التقديم والتأخير في الصلاة، فمن ادعى جواز إمامة المرأة للرجال فعليه أن يقيم البينة، فقال المخالف: عندي بينة، قلنا: هات، قال: جاء في سنن أبي داود وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها وكان فيهم رجال ، قلنا لهم: هذا حديث ضعيف فيه اضطراب وفيه جهالة فهو مردود ولا يصح الاحتجاج به، وأما إمامة المرأة للنساء فهذه وردت عن عائشة وعن أم سلمة أنهما أَمَّتا النساء ووقفت عائشة وأم سلمة في وسط الصف، لا تتقدم على الصف بل تقف وسطه.
قال المؤلف رحم الله :((والمفترض بالمتنفل والعكس)) أي يأتم المفترض بالمتنفل والعكس، فيكون المفترض إماما للمتنفل ويكون المتنفل إماما للمفترض ، المفترض يعني الذي يصلي فريضة والمتنفل الذي يصلي نافلة، أما إمامة المفترض للمتنفل فهذه قد جاء في أحاديث واضحة في الصحيحين وغيرهما، من ذلك حديث في صحيح مسلم الذي فيه الصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها قال - صلى الله عليه وسلم -:" إذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سُبحة" نافلة، وأيضاً جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أبي داود وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي فرآى رجلين جالسين خلف الصفوف لم يصليا مع الناس فدعاهما - صلى الله عليه وسلم - فقال:" ما منعكما أن تصليا معنا؟" قالوا: يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا، قال:" لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكم نافلة" هذا يدل كله على جواز صلاة المتنفل خلف المفترض، وحديث أيضا الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" ألا رجل يتصدق على هذا"، وأما صلاة المفترض خلف المتنفل فدليله حديث معاذ أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفريضة ثم يذهب إلى قومه ويصلي بهم تلك الصلاة، ألا يقول قائل: ربما يصلي بهم صلاة الفريضة مرة ثانية؟ نقول: الفريضة لا تصلى مرتين في اليوم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لا تصلى صلاة في يوم مرتين" وكما قال ابن عمر رضي الله عنهما لأحدهم : الفرائض خمس، فمن أين جاءت السادسة؟
نكتفي بهذا القدر إن شاء الله