الدرس السابع عشر
[المجلس السابع عشر]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذا الدرس السابع عشر من دروس الدرر البهية
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ((وتجب المتابعة في غير مبطل)) يعني تجب متابعة الإمام في غير عملٍ مبطل، فإذا عمل الإمام عملاً يبطل الصلاة فلا يتابَع عليه، فيجب على المأموم أن يتابع الإمام في صلاة الجماعة إلا إن فعل ما يبطل فلا يتابعه.
وجوب متابعة الإمام دليلها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :"إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبِّروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد " وفي رواية "ربنا لك الحمد" وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون" وهذا متفق عليه، وفي حديث أبي هريرة أيضاً في الصحيحين " إنما الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه" فهذا نهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاختلاف على الإمام، وفي الصحيحين أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار؟" وفي رواية" يحول صورته صورة حمار؟"وهذا الحديث أيضاً متفق عليه، فهذه الأحاديث تدل على وجوب متابعة الإمام بالصورة التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إذا ركع الإمام فاركعوا وإذا رفع فارفعوا، فهنا عندنا ترتيب بماذا؟ بالفاء(بحرف الفاء) إذا ركع فاركعوا، لا تركعون قبله ولا تركعون معه، تركعون بعده لأن حرف الفاء هذا يفيد في اللغة الترتيب والتعقيب، أي أنه واحد قبل الآخر (هذا ترتيب) وتعقيب يأتي عقبه مباشرة ما يكون هناك فاصل طويل بينهما، وجاء في حديث آخر في الصحيح أيضاً يبيِّن لنا متى يبدأ المأموم بالانخفاض، يقول أنس بن مالك بما أذكر الآن هو صحابي الحديث قال : ما كان أحد منا ينخفض حتى يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا سجد بدأنا بالانخفاض، هذا هو الضابط في متابعة الإمام، أنه عندما ينتقل الإمام ويصِل إلى الفعل الثاني عندئذ نبدأ نحن بالحركة، فإذا بدأ الإمام بالركوع وكبَّر إذا لم ينحني بعد فلا ننحني ولا نتحرك حتى يركع، متى ما ركع تحركنا وركعنا بعد ذلك على ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - "فإذا كبَّر فكبروا وِإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا "أي يكون الأمر بعد الإمام لا قبله ولا معه، بعض الناس في هذه الأيام يسابقون الإمام مسابقة بل بعضهم لا يرى أصلاً الإمام ما يفعل، يسمع كلمة الله أكبر ما تجده إلا نازل والإمام يكون ما زال ما تحرك من مكانه وهذا كله من الاخطاء الشديدة التي يقع فيها الناس وهي أخطاء ليست هينة يعني انظر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار؟" يعني تصور التهديد والوعيد من وراء هذا الفعل فالفعل هذا كبيرة من الكبائر وليس هيناً، ومن لم يتابع الإمام عامداً وسبقه في فعله بطلت صلاته، لأن النهي هنا مختص بالعبادة والنهي متى اختص بالعبادة أفاد أنه مفسد للصلاة، وأما قوله: في غير مبطل، لأن عمل المبطل يفسد الصلاة، فأنت إذا علمت أن الإمام عمل عملاً مبطلاً فلا يجوز لك أن تبطل صلاتك وأن تعمل ما عمل، فإذا قام الإمام إلى خامسة مثلاً ، القيام إلى خامسة الإضافة ركعة وزيادة الصلاة بركعة جديدة تبطلها لأن الله سبحانه وتعالى شرع الصلاة أربع ركعات مثلاً فعندما يقوم إلى الخامسة فقد أتى بركعة خامسة فهذه تبطل الصلاة، كما أن النقص يبطل كذلك الزيادة تبطل، يجب أن تصلي الصلوات بعدد الركعات التي أمر الشارع بها، فإذا قام الإمام إلى خامسة يسبَّح له فنقول له: سبحان الله ، فإن سمع ورجع فالحمد لله نتابعه بعد ذلك ونسجد للسهو معه، فإن لم يستمع لما نقول وبقي واقفاً ظاناً من نفسه مثلاً أنه على صواب، عندئذ لا نتابعه، نبقى نحن جلوساً ونكمل صلاتنا فلنا أن نكمل صلاتنا ونسلم ونخرج من الصلاة ولنا أن نكمل صلاتنا ونبقى ندعوا الله سبحانه وتعالى إلى أن يسلم ونسلم معه، إذاً لا يتابَع الإمام في عملٍ من الأعمال المبطلة للصلاة .
قال المؤلف رحمه الله:(( ولا يؤم الرجل قوماً هم له كارهون)) يستدل المؤلف ومن يقول بقوله على هذا الذي ذكره بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من يَقدُم قوماً هم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دِبارا، ورجلٌ اعْتَبَد مُحرَّره" أخرجه أبو داود وغيره، أتى الصلاة دباراً أي أتى الصلاة بعدما انتهت واعتاد على ذلك، وقوله أيضاً : ورجل اعتبد محرره أي اتخذ محرره عبداً، يعني يكون عنده عبد يحرره ثم يُظهر للناس أنه عبْد ويبقى مستعبداً له وهو في الأصل حر، هذا معنى الحديث ولكن الحديث في أصله ضعيف على الصحيح وكذا أيضاً ورد حديث آخر بمعناه من حديث أبي أمامة عند الترمذي قال:" ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها وإمام قوم وهم له كارهون" وهذا ضعيف أيضاً، ضعفه البيهقي في معرفة السنن والآثار وذكر علل الحديث هناك، فعلى ذلك فلا عبرة برضى الناس في الإمام، المهم أن يكون الإمام موافقاً لشرع الله تبارك وتعالى محافظاً على شروط الصلاة وأركانها .
قال المؤلف رحمه الله:(( ويقدَّم: السلطان، وربُّ المنزل )) في صلاة الجماعة الذي يقدم الذي يقدَّم هو السلطان، ورب المنزل أي سيد البيت وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي مسعود البدري في صحيح مسلم" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سِلماً ولا يَؤُمَّن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرِمته إلا بإذنه" أخرجه مسلم وفي رواية عنده بدل كلمة "سلماً" "سناً" ، والتكرمة الفراش ونحوه مما يُبسط لصاحب المنزل ويُخص له، آخر الحديث هو محل الشاهد، قال:" ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه" المكان الذي للشخص عليه سلطان كالبيت مثلاً لسيد البيت أو القرية لسيد القرية أو البلاد لسلطانها الذي هو رئيسها، هذا السلطان أو السيد أحق بالإمامة من غيره، فأي شيء الشخص يملكه وهو سلطان عليه فلا يُأَم فيه وهو موجود إلا بإذنه، كما جاء في رواية لهذا الحديث قال: " لا تؤمن الرجل في أهله ولا في سلطانه ولا تجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنٍ أو بإذنه" .
قال المؤلف رحمه الله:((والأقرأ. ثم الأعلم. ثم الأسنَّ)) للحديث المتقدم كما ذكر، قال:" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" فهذا يدل الحديث على أن المقدَّم في الصلاة هو الأقرأ، فالأقرأ هذا يكون الأحفظ لكتاب الله والأتقن أيضاً في قراءة كتاب الله تبارك وتعالى، لا الأعلم، الأعلم هذا جاء في هذا الحديث نفسه ما يبين على أن الأعلم لا يقدم على الأقرأ، لكن شرط ذلك أن يكون الأقرأ عالماً بأحكام الصلاة، لا بد أن يكون عالماً بأحكام الصلاة فإذا لم يكن عالماً بأحكام الصلاة فهنا يقدم الأعلم .
ثم بعد ذلك قال: الأقرأ ثم الأعلم ثم الأسن، الأسنّ يعني الأكبر سناً، إذا كان فيه هجرة وفيه أحد من المهاجرين الذين تركوا بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام وهذه هي حقيقة الهجرة فهذا الأقدم هجرة هو الذي يقدم على غيره فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً وفي رواية سناً، سلماً يعني إسلاماً ، يعني إذا كان عندنا أقوام اختلفوا في الإسلام، بعضهم أسلم بعد الآخرين فهنا يقدم الذي أسلم قبل الآخر ، أو عند أن لا يوجد هذا ننظر إلى السن فيقدم الأكبر على الأصغر فيُمشى في هذا (في مسألة الإمامة) على هذا الترتيب الذي ذُكر في الحديث .
قال المؤلف رحمه الله:(( وإذا اختلّت صلاة الإمام كان ذلك عليه لا على المؤتمِّين به)) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأمراء :" يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم " فالخطأ يتحمله الإمام ، إن أخطأ الإمام يتحمل خطأه وحده لكن إن أصاب فيكون الصواب له ولمن خلفه، هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه.
* ((ويصلي بهم صلاة أخفِّهم)) هذه ليست موجودة عندي في المتن الذي بين يدي لكن هو يصلي بهم صلاة أخفهم هذا لحديث لمعاذ، حديث معاذ معروف الذي كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم صلاة طويلة، كان يستفتح بسورة البقرة وأشباهها من الصور فكان رجل من الذين يعملون وأصحاب مهنة فجاء وصلى خلف معاذ ابن جبل فأطال معاذ الصلاة وكان الرجل متعباً فانفصل عن معاذ ابن جبل وصلى وحده فقال الناس: هذا رجل مفتون أو بهذا المعنى ، فذهب وشكى معاذاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :" أفتّان أنت يا معاذ؟ أفتان أنت يا معاذ؟ صلِّ صلاة خفيفة فإن خلفك الضعيف والكبير وذا الحاجة ثم نبّهه على أن يقرأ بقصار السور حتى لا يشق على الذين خلفه. وهذا صحيح الكلام أنه يصلي بصلاة أضعف القوم كي لا يشق عليهم ويكرِّههم في الصلاة .
قال المصنف رحمه الله:((وموقفهم خلفه إلا الواحد، فعن يمينه)) موقفهم أي موقف المأمومين خلف الإمام إلا الواحد فعن يمينه، هذا وردت فيه أحاديث، منها حديث ابن عباس في الصحيح أنه وقف يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما كان بائتاً في بيت خالته، قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قيام الليل فقام ابن عباس يصلي معه فقام عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - من رأسه وأداره حتى أقامه على يمينه، فلم يقل في الحديث بأنه قدّمه أو أخّره، قال: أقامني عن يمينه، وإقامته له عن يمينه أي يكون مساوياً له لا يتقدم عليه ولا يتأخر بحيث يكون هو الإمام صفاً واحداً، هذا الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والتأخر قليلاً إلى الخلف، هذا لا أصل له في السنة إنما هو اجتهاد لبعض أهل العلم، ونحن كما قال الإمام مالك رحمه الله: كلٌ يؤخذ من قوله ويُردّ إلا صاحب هذا القبر الذي هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا جاء الحديث وكان ظاهره على ما فهمنا إذاً نأخذ بالظاهر حتى يأتي عندنا ما يخالف هذا الظاهر، هذه الصورة الأولى، صورة إذا كان المأموم واحد فقط، يقف على يمين الإمام مباشرة دون أن يتقدم عليه ولا يتأخر، وجاء في الصحيح أيضاً عن جابر بن عبد الله قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بي وبجبّار ابن صخر(صحابي آخر) فذهب جبار ابن صخر يريد أن يتوضأ، قال: فقمت على يسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، هذا مؤكِّد لحديث ابن عباس المتقدم، ثم جاء جبار ابن صخر فتوضأ ثم جاء فأقام عن يسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بأيدينا جميعاً فدفعنا حتى أقامنا خلفه، دفعهما من الخلف حتى أقامهما خلفه، هذا أخرجه مسلم في الصحيح مطوَّلاً وأصله عند البخاري في الصحيح لكن ليس فيه موضع الشاهد، إذاً الشاهد عندنا أن الواحد يقف عن يمين الإمام ، والإثنان يقفان خلف الإمام.
وجاء أيضاً في صحيح مسلم عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - صلّى بهم نافلة فجعل أنساً عن يمينه وجعل أم أنس وأختها خلفهم ، الصورة الأولى جعل أنس عن يمينه وجعل أم أنس وأختها أم حرام خلفهم يعني الآن عندنا كم واحد يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ أنس وامرأتان، أنس هنا وقف أين؟ عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، على اعتبار أنه لا يوجد رجل آخر معه ، فكوَّن هو والنبي - صلى الله عليه وسلم - صفاً والمرأتان خلفهما (خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ) وفي حديث آخر لأنس أيضاً أنه وقف هو واليتيم خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - والعجوز من ورائهم ، هنا الآن الصورة هذه عندنا اثنان وامرأة من خلفهم، لكن الاثنان هذان ماذا؟ رجل وصبي، هذه كلها تصوِّر لنا كيفية الوقوف خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال المؤلف رحمه:((وإمامة النساء وسط الصف)) هذا ليس فيه حديث مرفوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كي نستدل به، لكن ورد فيه أثران: أثر عن أم سلمة وآخر عن عائشة، أثر أم سلمة وأثر عائشة أسانيدها ضعيفة لكن لها طرق تتقوى بها، أثر أم سلمة له طريقان وأثر عائشة له أكثر من طريقين فكلها تتقوى، يعني أثر أم سلمة يتقوى بطريقيه وأثر عائشة يتقوى بطرقه فيصح عنهما كلتيهما فجاء عنهما أنهما صليا بالنساء ووقفنَ في وسط الصف فتكون هذه هي الصورة الموافقة لما كان يفعله السلف، لكن حديثٌ مرفوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُعرف في هذا الباب.
قال رحمه الله:(( وتُقدَّم صفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء)) الآن من خلال ما تقدم معنا بإمكاننا أن نرد كلام المؤلف هذا، لكن نقدِّم قبل ذلك على ماذا اعتمد رحمه الله في ذكر صفوف الرجال أولاً ثم الصبيان ثانياً ثم النساء ثالثاً، فجعل صفوف الصبيان بين صفوف الرجال والنساء، اعتمد المؤلف رحمه الله في ذلك على حديث أبي مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجعل الرجال قُدّام الغلمان والغلمان خلفهم والنساء خلف الغلمان، أخرجه أحمد وأبو داود وهو حديث ضعيف، ويخالفه حديث أنس المتقدم، حديث أنس المتقدم الذي قال فيه: وقفت أنا واليتيم خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنس عن يمينه ثم جعل اليتيم من خلفهم أو جعل أنس خلفه ثم اليتيم وراءهم ما فعل هذا - صلى الله عليه وسلم - ثم جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مدح صفوف الرجال المتقدمة وصفوف النساء المتأخرة وذلك لأنه لم يكن هناك فاصل ما بين الرجال والنساء وكذلك نهى النساء عن رفع رؤوسهن من السجود قبل الرجال وذلك لأنه لم يكن هناك صفوف فاصلة ما بين صفوف الرجال والنساء، على كل حال الحجة بحديث أنس والحديث الذي ذكره المؤلف حديث ضعيف لا يصح.
قال رحمه الله:((والأحقُّ بالصف الأول أولوا الأحلام والنهى)) الأحق يعني الأَوْلى أن يصُفّوا خلف الإمام مباشرة أولوا الأحلام والنهى أي البالغون والعقلاء، وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :"لِيَليني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" أخرجه مسلم في صحيحه، فهؤلاء البالغون العقلاء هم أَوْلى بالوقوف خلف الإمام لأنهم أقدر على رد الإمام إن أخطأ وكذلك على استخلافه إن وقع في ناقض مثلاً من نواقض الوضوء أو اضطر للخروج من الصلاة.
قال رحمه الله:((وعلى الجماعة أن يسوّوا صفوفهم. وأن يسدوا الخلل)) يجب على المصلين أن يسووا الصفوف ويعدلوها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك وكان يشدد فيه، فقال - صلى الله عليه وسلم - :" سوّوا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة " وقال - عليه الصلاة والسلام - :" لتُسوُّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" وهذا متفق عليه، فهذا تحذير من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخالف الله سبحانه وتعالى بين وجوههم بسبب عدم تسوية الصف، فتسوية الصف واجبة وهي من تمام الصلاة.
وقال رحمه الله:((وأن يتموا الصف الأول ثم الذي يليه ثم كذلك)) يعني أيضاً من تسوية الصفوف ومن إتمامها أن يتموا الصف الأول فالأول ولا يتركوا فرجة في الصف الأول ويبدءوا في الصف الثاني بل يغلقوا الفرج أولاً بأول لقوله - صلى الله عليه وسلم - :" أتموا الصف المقدَّم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر" أي لا تترك فرجة أمامك في الصف وتبدأ بصف جديد بل أغلق الفرج التي في الأمام ثم بعد أن ينتهي يكون النقص في الصف الأخير ، وكذلك يجب المقاربة بينها، يجب المقاربة بين الصفوف فلا يكون الصف الأول في بداية المسجد والصف الثاني في وسط المسجد كما يفعل بعض الناس، هذا خطأ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" رُصّوا الصفوف وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق" رصوا الصفوف وقاربوا بينها، هذا هو الشاهد من الكلام، أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما.
نكتفي بهذا القدر إن شاء الله