الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - مبينا شروط الأضحية :
"الأضحية تكون من الإبل والبقر والغنم، ولهذا نقول: إن شروط ما يضحى به أربعة:
الشرط الأول: أن يكون من الجنس الذي ثبت في الشرع أنه يضحى به، وهو : الإبل والبقر والغنم، فلو ضحى بفرس مثلاً فإنه لا يقبل منه؛ لأنه ليس من الجنس الذي يضحى به، حتى وإن كان أغلى من الإبل والبقر والغنم، ودليل هذا: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" ؛ أي: مردود عليه.
الشرط الثاني: أن يبلغ السن المعتبر شرعاً: وهو في الضأن نصف سنة، وفي المعز سنة، وفي البقر سنتان، وفي الإبل خمس سنوات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن".
الشرط الثالث: السلامة من العيوب التي تمنع الإجزاء، وهي المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقي" ؛ العجفاء: الهزيلة، والتي لا تنقي: ليس فيها مخ، فهذه العيوب الأربعة تمنع من الإجزاء. لو ضحى الإنسان بشاة عوراء بين عورها فإنها لا تجزئ. ولو ضحى بشاة عرجاء بين ضلعها لم تقبل. ولو ضحى بشاة مريضة بين مرضها لم تقبل. ولو ضحى بهزيلة ليس فيها مخ فإنها لن تقبل. وكذلك ما كان بمعنى هذه العيوب أو أولى منها: كالعمياء مثلاً، فإنه لو ضحى بعمياء لم تقبل منه، كما لو ضحى بعوراء بين عورها، وكذلك مقطوعة اليد أو الرجل؛ لأنه إذا كان لا تجزئ التضحية بالعرجاء فالمقطوعة اليد والرجل من باب أولى، ولا تجزئ التضحية بما أصابها سبب الموت كالتي في الطلق المتعسر حتى تنجو، وكذلك المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع كل هذه لا تجزئ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من المريضة. وأما العيوب التي دون هذه فإنها تجزئ الأضحية ولو كان الأضحية فيها شيئاً من هذه العيوب، لكن كلما كانت أكمل فهي أفضل، فالتي قطع من أذنها شيء أو من قرنها شيء أو من ذيلها شيء تجزئ، لكن الأكمل أولى، ولا فرق بين أن يكون القطع قليلاً أو كثيراً حتى لو قطع القرن كله أو الأذن كلها أو الذيل كله فإنها تجزئ، لكن كلما كانت أكمل فهي أفضل.
الشرط الرابع: أن تكون الأضحية في الوقت الذي حدده النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو من صلاة العيد إلى آخر يوم من أيام التشريق، فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل الصلاة فإنه لا أضحية له، حتى وإن كان جاهلاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وأخبر: "أن من ذبح قبل الصلاة فلا نسك له، فقام رجل يقال له أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، إني نسكت قبل أن أصلي، فقال: شاتك شاة لحم"، وقال: "من ذبح قبل الصلاة فلا نسك له، وقال: فليذبح مكانها أخرى". وكذلك من ضحى بعد انقطاع أيام التشريق فإنه لا أضحية له، وذلك لأنه ضحى خارج الوقت، فهذه شروط ما يضحى به.
أن تكون من بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم، وأن تبلغ السن المعتبر شرعاً بأن تكون ثنية من الإبل والبقر والماعز، أو جذعة من الضأن، والشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء، والشرط الرابع: أن تكون في الوقت المحدد. ثم إن السنة ألا يغالى بالأضاحي لكثرة العدد؛ لأن هذا من الإسراف، فإن بعض الناس الآن تجد الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته بأضحية كما كان النبي عليه الصلاة والسلام و السلف الصالح يفعلون ذلك، ولكن تأتي الزوجة تقول: أريد أن أضحي، وتأتي البنت تقول: أريد أن أضحي، وتأتي الأخت وتقول: أريد أن أضحي، فيجتمع في البيت ضحايا متعددة، وهذا خلاف ما كان عليه السلف الصالح، فإن أكرم الخلق محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لم يضح إلا بواحدة عنه وعن أهل بيته، ومعلوم أن له تسع نساء -يعني: تسعة بيوت- ومع ذلك ما ضحى إلا بواحدة عنه وعن أهل بيته، وضحى بأخرى عن أمته صلى الله عليه وسلم. وكان الصحابة يضحي الرجل منهم بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، فما عليه كثيرٌ من الناس اليوم فهو إسراف، ونقول لهؤلاء الذين يضحون بهذه الضحايا: إذا كان عندكم فضل مال فهنا أناس محتاجون إليكم في الأرض من المسلمين، كالبوسنة والهرسك وكذلك في أفريقيا مدن كثيرة من هذا، وكذلك أيضاً في الجمهوريات الروسية التي تحررت من قبضة الشيوعية فيهم حاجة كثيرة".
قلت : وهو كلام جامع ونفيس ، والضأن هو الذي يقال له في بلاد الشام : خرفان ، وهي جمع خروف للمذكر وخروفة للمؤنث وهي كلمة عربية صحيحة ، ويقال له في بعض بلاد المغرب العربي : الحوالا ، جمع حولي ، وله أصل صحيح في العربية ، وهو كل ما أتى عليه حول من كل ذي حافر وغيره ، ولكن جمعه : حوالي وحوالية . والأحاديث الواردة في النهي عن المكسور قرنها أو المقطوعة أذنها؛ لا تصح . والله أعلم .